انتشار مهول للمخدرات القوية بشتى أصنافها وألوانها وزحف كاسح لتجارها ومستهلكيها، تناسل غير مسبوق لأوكار الدعارة، المبحوث عنهم وطنيا ودوليا يصولون ويجولون أطراف المدينة ليل نهار أمام مرأى المسؤولين، انفلات أمني خطير وجرائم القتل والضرب والجرح بالأسلحة البيضاء وقطع الطريق على المارة وسلب ممتلكاتهم بالقوة والسرقة… أمام أنظار رجال الأمن دون تحريك أي ساكن… هذه عبارة عن صورة مصغرة عن الأوضاع القاتمة التي تعيش تحت وطأتها مدينة الفنيدق، أصغر مدن العمالة من حيث المساحة، وأكبرها من حيث المشاكل والمطبات، أبرزها كما أشرنا إلى ذلك آنفا، مشكل التدهور الأمني الذي بلغ أوجه في الآونة الأخيرة، نتيجة الفساد المتفشي في جهاز الأمن بهذه المدينة، يأتي في مقدمتهم رئيس المفوضية الأمنية العميد (س م)، المعروف عنه أنه لا يبرح مكتبه بمقر المفوضية ويجهل تماما الوضعية الأمنية بالمدينة، ولا يعرف سوى تلقي أتاوات أسبوعية من تجار المخدرات ومروجيها وبائعي الخمور المهربة لقضاء لياليه الحمراء وسهراته الماجنة رفقة زملائه الضباط المكلفين بمهمة جمع الأموال و"الحصيصة" من هؤلاء الأباطرة والمروجين، بمنتجع "مارينا سمير" ومركب "ميريديانا" بضواحي مدينة المضيق نهاية كل أسبوع، حيث ينغمسون في إحياء سهرات الرقص والمجون المصحوبة بتعاطي شتى أشكال المحرمات والممنوعات على إيقاع ملذات "الطاسة والقرطاسة" والأجواء الصاخبة التي لا تخطر على البال حتى الساعات الأولى من الصباح.. وما دون ذلك فإنهم لا يهمهم شيء مما آلت إليه المدينة من إجرام وترد أمني جعلت أرواح وممتلكات أبنائها وساكنتها على كف عفريت، تاركين إياهم يتخبطون في مشاكلهم ومواجهتهم للأخطار المحدقة بهم بالليل كما بالنهار بأنفسهم دونما اكتراث للمهمة الجسيمة الملقاة على عاتقهم والمتمثلة في محاربة هذه الطغمة من المجرمين والمنحرفين وحماية أمن وسلامة المواطنين.. التستر على أباطرة المخدرات المبحوث عنهم من قبل عميد مفوضية أمن الفنيدق وتكليفه لضباط أمن بتلقي أتاوات ضخمة منهم نهاية كل أسبوع أضحى أمرا مألوفا لدى ساكنة الفنيدق، لتبلغ "الجرأة" بهؤلاء "الأمنيين" حد فعل ذلك أمام أنظار الجميع متحدين بذلك كل القوانين الجاري بها العمل، وإحياء سهرات بين الفينة والأخرى بمقر إقامات هؤلاء الأباطرة بمدينة الفنيدق، يتقدمهم عميد المفوضية المذكور، وعلى رأس هؤلاء المدعوين (م.ش) الذي يملك فيلا فاخرة بحي "حيضرة"، و(ع.ل) الذي يملك إقامة بحي "رأس لوطا" بالمدينة نفسها، والمبحوث عنهما وطنيا ودوليا، حيث أن هذا الأخير محكوم عليه غيابيا ب 20 سنة سجنا نافذة، وهذان الأخيران يعتبران من أكبر وأبرز ممولي عميد مفوضية أمن الفنيدق وضباطه ومفتشيه، حيث يشتريان صمتهما بأتاوات أسبوعية وشهرية تصل قيمتها إلى عشرات الآلاف من الدراهم، والسهرات الماجنة التي يحييانها على شرفهم كلما استدعت الضرورة ذلك. أما الدوريات الأمنية بالمدينة، فإن دورها ينحصر كما يبدو في جمع الأموال والأتاوات من المهربين والأباطرة لا غير، حيث يمكن تقسيمها إلى ثلاث فرق: دورية الاستعلامات بقيادة المدعو (م.ك) ، وهي مختصة في جمع الأموال من المبحوث عنهم، ودورية الدائرة الأمنية بقيادة كل من (ح,ب) و (أ, ك) و (م، م)، وهي مختصة في جمع الأموال والغنائم من المهربين في نقاط مرور التهريب، وأخيرا دورية شرطة الزي بزعامة المدعو (ك، ع)، وهي مخنصة في جمع الأموال من السارات المشبوهة، هذه الأخيرة تظل تمر من أمام مفوضية الأمن بالمدينة وتتجول بكل حرية رغم كونها بدون هوية والكل يعلم ما تخفيه بداخلها من مواد محظورة تشكل خطرا على المجتمع والناشئة.. علاوة على كون رئيس مصلحة شرطة الزي بالمدينة، والتي تشتغل باستقلالية عن الدائرة الأمنية والشرطة القضائية، تفرغ مؤخرا لاشتغاله كرئيس "عصابة" لمجموعة من رجال الشرطة الذين يبتزون المهربين ويجمعون الغنائم والأتاوات التي يأخذ منها عميد المفوضية حصته الوافرة بطبيعة الحال.. وفيما يخص الشرطة القضائية بالمدينة، فإن أبرز سمة تميزها هي الاستهتار وانعدام المسؤولية، حيث الخمور المهربة والمنتهية الصلاحية تروج بالجملة بجوار مفوضية الشرطة، خصوصا ب"حومة البحر" وشارع محمد الخامس الشريان الرئيس والقلب النابض للمدينة، وممارسة الدعارة تتم بمحاذاة المفوضية أمام أنظار الملأ، عن انتشارها بشكل مهول بتجزئة "باب سبتة" حيث الشقق المفروشة المعدة خصيصا لهذا الغرض، وترويج وتعاطي المخدرات القوية تعم كل أرجاء المدينة، بما فيها ساحة البلدية على مرمى حجر من المفوضية، دون ذكر أحياء "كنديسة" و"حومة الواد" و"سيدي بوغابة" و"باطيو القايد" و"رأس لوطا" المعروفة بترويج شتى أصناف المخدرات القوية، وفي مقدمتها الكوكايين والهيروين…، ومقابل ذلك يتم تسجيل تقاعس واضح لهذه الأخيرة في تفعيل ملفات النيابة العامة التي تظل حبيسة رفوفها دون أن تتخذ أي إجراء بشأنها رغم توصلها بتذكيرات متتالية من وكيل الملك، في تحد صارخ للقانون، في الوقت الذي لا تتوانى فيه عناصرها من إلقاء القبض على مواطنين أبرياء واعتقالهم بشكل تعسفي خارج عن أي إطار قانوني وبدون أي إثبات بهدف ابتزازهم وسلب أموالهم دون وجه حق… وبالنسبة للدائرة الأمنية بالمدينة، فإن السمة الطاغية عليها هي ابتزاز المواطنين مقابل تسليمهم شواهد الإقامة وعرقلة ملفاتهم بشكل مستمر، فضلا عن إهمال شكاياتهم مقابل إطلاق وابل من السب والشتم في حقهم بطريقة تنم عن العقلية المخزنية العتيقة والأسلوب البصروي الماضوي الذي يحكم هؤلاء "الأمنيين" بالدائرة، وفي مقدمتهم رئيس الدائرة، (ح، ب)، ونائبه، (أ، ك)، والأمر لا يقف عند هذا الحد، بل يتجاوزه إلى انتشار مظاهر التحرش بالفتيات والنساء اللائي يرتدين المفوضية، وخصوصا الدائرة الأمنية المذكورة، إلى جانب كون سيارات الشرطة التابعة للدائرة لا تتحرك عند وقوع أي اعتداء أو سرقة أو جريمة ما بالمدينة إلا بجيوب المواطنين أصحاب الشكايات.. وأمام هذه الممارسات الخطيرة التي يقترفها مسؤولو أمن الفنيدق، فإن المدينة مافتئت تعيش أوضاعا مأساوية بكل المقاييس، حيث انتشار مظاهر السرقة والسطو على ممتلكات ومحال المواطنين، وعصابات مدججة بالأسلحة البيضاء تصول وتجول شوارع وأزقة المدينة وتعترض سبيل المواطنين في وضح النهار وعلى مرأى ومسمع رجال الأمن، وتفشي المخدرات القوية التي أصبحت تغزو المدينة وساكنتها بشكل غير مسبوق وتواصل زحفها على كل نقاط وزوايا المدينة بما يشبه زحف السرطان على خلايا جسم الإنسان، وانتشار مهول لأوكار ومواخير الدعارة والفساد بجل الأحياء الشعبية منها و"الراقية"… الأمر الذي ينبئ بكارثة اجتماعية لاحت بوادرها في الأفق القريب لا قدر الله، ما لم يقم المسؤولين على هذا الجهاز الحساس بمراجعة أوراقهم واتخاذ الإجراءات المناسبة في حق كل من ثبت تورطه في هكذا تجاوزات وتلاعبات بأمن وسلامة ومصير المدينة وقاطنيها، وفي مقدمتهم والي أمن تطوان الحديث العهد، الذي يحتم عليه هذا الوضع الخطير التحرك عاجلا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه والاطلاع على فضائح رجاله بهذه المدينة الذين حولوها إلى "قنبلة أمنية موقوتة" قابلة للانفجار في أية لحظة…