بتنظيم من جمعية الأعمال الاجتماعية لوكالات وشركات توزيع الماء و الكهرباء بالمغرب تم تنظيم حفل توقيع ديوان "سطور حياتي" للزجال فريد مشبال، وقد قام بتقديم الديوان وقرائته كل من الدكتور عبد الواحد بنصبيح، والدكتور محمد المعادي، والدكتور الطيب الوزاني وبتنسيق الأستاذ التشكيلي عبد النور القشتول بالمكتبة العامة والمحفوظات شارع محمد الخامس بتطوان يومه الجمعة 15 مارس 2013 على الساعة الخامسة والنصف. وفي محفل حضور أدبي متميز ووازن قدم الأستاذ المنسق عبد النور القشتول كلمة افتتاحية قدم فيها الشكر للجهات الرسمية من مدير جهوي لمندوبية الثقافة ومحافظ المكتبة العامة ومدير دار الثقافة بتطوان على دعمه لهذا العرس الثقافي المتميز، كما قدم الشكر لوسائل الإعلام بكافة أنواعها، وللحضور الكبير الذي ملأ القاعة، ليقدم بعدها كلمة في حق الزجال فريد مشبال ويعطي الكلمة للدكتور عبد الواحد بنصبيح لقراءة الديوان. في قراءته للديوان والتي اعتبرها أمانة بحكم متابعته له وهو ما زال مسودة، جعل الدكتور بنصبيح قراءته هاته جزء من أداء تلك الأمانة، معبرا عن أنه إذا كان الشعر هو تعبير عن الحياة بأسلوب شعري، فإن ديوان "سطور حياتي" هو تعبير عن حياة الزجال بأسلوب زجلي، وبعد القراءة الوصفية للديوان، انتقل إلى القراءة المضمونية الداخلية ليؤكد عن أن الديوان هو رؤية واقعية لمراحل الحياة تحكي صدق التجربة وما تحمله من منغصاتها، ونقد مجتمعي بزفرات حارة حماسية، وأن أهم ما يميزه هو عرض سطور الحياة بأسلوب سردي زجلي جنبا إلى جنبا وهذا نادر في الأعمال الزجلية ويستحق التنويه، بالإضافة إلى الاحتفاء بالتكرار (التوازي الصوتي) الذي يؤدي وظيفية إيقاعية موسيقية ذات دلالات معنوية، وقد استعمل الزجال حسب الناقد أسلوب إنشائي إفصاحي ذو طابع انفعالي مستخدما تقنية بديعية (التوشيع) وهو وجود معنى يتفرع إلى معنيين، إلى جانب الترصيع والتوشيح بالترديد والمقابلة، وبخصوص شخوص الديوان فقد كانت الأم حاضرة بقوة ويرمز هذا الحضور إلى التعلق الحميم للزجال بأمه، كما نجد في الديوان احتفاء بجمالية المكان في الجغرافيا والبناء المعماري التطواني للمدينة القديمة، وفي الختام اعتبر الناقد أن من يقرأ هذا الديوان ينغمس في مدينة تطوان مكانا وزمان عادات وتقاليد، وأن الديوان يعد وثيقة اجتماعية ومعمارية وأنتروبولوجية لمدينة تطوان. بعدها فسح المنسق عبد النور القشتول المجال للدكتور الطيب الوزاني ليقدم قراءته للديوان، فعبر عن كون الزجال فريد مشبال هو زجال عصامي رقيق الروح، وأن الدراسة النقدية تعتبر مرحلة تكميلية للإبداع في الكشف عن عمقه الإنساني وخفاياه الإبداعية، معتبرا قراءته عبارة عن قراءة انطباعية تذوقية لقارئ متذوق، منطلقا في قراءته التذوقية من سؤال: لماذا هذا العنوان المستفز(سطور حياتي)؟ هل هو سيرة ذاتية. هذا ما حاول القارئ الإجابة عنه من خلال التصنيف الكرونولوجي للقصائد مع موضوعاتها، ليستنتج أنه لا وجود للتسلسل الزمني أو التقيد بالسياق وأن موضوع الديوان يترنح بين حالات نفسية، حالة الطمأنينة وحالة القلق والبحث عن الذات ثم الاستقرار الاجتماعي والتفاعل مع قضايا الأمة، وأن الزجال فريد مشبال في ديوانه لا يتوانى عن الإعلان للانتماء للوطن وشدة ارتباطه بأبويه وأسرته وأقاربه، مصورا عبر ديوانه التطور السلبي للأخلاق بين مرحلة جده ومرحلته، مقارنا بين أخلاقيات الماضي والحاضر، ومن مميزات الديوان حسب القارئ تغنيه بمدينة تطوان وتقديمه لوصف متميز للهندسة المعمارية للمنزل التطواني وأثاثه، وطقوس العرس التطواني. بعد هذه القراءة الشيقة أخذ الكلمة الدكتور محمد المعادي عضو اتحاد كتاب المغرب وابن تازة الذي أسرته مدينة تطوان، الذي عبر عن أن الاحتفاء بالديوان الزجلي "سطور حياتي" هو احتفاء بذاكرة مدينة تطوان الخصبة، وأنه ديوان مدينة تطوان بامتياز، وقد عنون مداخلته ب(النص والذاكرة) تحدث فيها عن محورين اثنين هما سبك الشاعر لنمط خاص من العناوين(العلامة المزدوجة) ومدونة الإيقاع داخل النص، فبالنسبة للعناوين فهي مختارة بطراوة وتحيل على عناوين أخرى مخفية وتقوم بتحيينها، فهي تحفر في الذاكرة الجماعية للمدينة جمالا ونصا وفنا ومكانا، وأن النص هو عمل أنتروبولوجي يحيل إلى الذاكرة التطوانية بأسلوب وشائجي حميمي، فهو في الحقيقة سطور لحياة مدينة تطوان يكتبها الزجال فريد مشبال بلسان قلب جماعي للمدينة وأهلها بطقوسها وتقاليدها الشعبية وبأسلوب يثير ويجذب الآخر لاستحضار سيمياء المكان وعبق الزمان، وبخصوص إيقاع النص فهو اعتمد حسب القارئ الناقد إيقاع الومضة وإيقاع الهايكو الياباني وإيقاع الهايتي الراقص والثراتي الأصيل… بعد الانتهاء من القراءات التقديمية للديوان قام الزجال فريد مشبال بقراءة قصائد من الديوان معبرا عن شكره العميق للمتدخلين وللجمهور الوازن وكل من ساهم في إنجاح هذا الحفل البهيج، وقد تخلل هذا الحفل وقفة ترحمية على روح المسرحي الراحل محمد الدحروش، كما تم تقديم لحن موسيقي لقصيدة من الديوان قدمها الموسيقي أحمد حبصاين للزجال فريد مشبال. ويعد هذا الحفل سابقة أن تقوم جمعية للأعمال الاجتماعية لوكالات وشركات توزيع الماء و الكهرباء بالمغرب بتبني مشروع ثقافي أدبي زجلي متميز.