أسدل الستار أخيرا، وبصفة نهائية، عن صفقة "الجماني" المتعلقة بالتدبير المفوض المفوض لقطاع النقل الحضري والجماعي، من أجل استغلال خطوط تربط بين مجموع الجماعات الحضرية والقروية التي تضم إقليمي تطوان والمضيق الفنيدق، وذلك بعد أن قررت اللجنة التقنية المشكلة من ممثلي هذه الجماعات رفض التبريرات المقدمة من طرف شركة LUX TRANSPORT حول انعدام التوازن المالي ما بين عرضها التقني وعرضها المالي، الذي يؤكد بالملموس بأن الشركة لن تستطيع أن تفي بالتزاماتها المتعلقة بتنفيذ برنامجها الاستثماري. كما اتفقت اللجنة التقنية المجتمعة يومه الإثنين 18 فبراير الجاري، على عقد اجتماع مستعجل مع أرباب النقل الحضري والجميع من أجل تدارك ما يمكن تدارك من شلل كلي مرتقب لهذا المرفق الحيوي، واتفقت على الإعلان عن طلبات عروض جديدة تحترم فيها جميع الشروط القانونية المطلوبة. وكانت وزارة الداخلية قد رفضت التأشير على هذه الصفقة للاعتبارات السالفة الذكر، بالإضافة إلى انعدام السند القانوني لهذه الصفقة المتمثل في الإعلان عن الصفقة الصفقة في غياب تأسيس "مجموعة التجمعات الحضرية" كهيئة ستسند لها مهمة تدبير هذا المرفق بعد تفويض تدبيره للخواص. وفي نفس السياق كان رئيس الجماعة الحضرية لتطوان السيد محمد إدعمار قد "سبق الفرح بليلة" حينما أقام لقاء تواصليا مع أعضاء المجلس الجماعي لتطوان، ومع ممثلي الجماعات المعنية بهذه الصفقة، ليقدم لهم الشركة "الفائزة" بالصفقة، وفي نفس الوقت قام بتوديع الشركات التي ظلت تشتغل في هذا القطاع لسنين طويلة بكلمة شكر مقتضبة. إلا أن ممثلي هذه الشركات وجهوا له نصيحة لم ينتبه لها في غمرة "نشوة الاحتفال"ّ مفادها استحالة تقديم خدمات بكل هذه المواصفات من الجودة مقابل العرض المالي الزهيد الذي تقدمت به شركة "الجماني"ّ كما لم يعر اهتماما لتحذيرات الأعضاء الجماعيين بوجود فراغ قانوني يتمثل في عدم تشكيل الهيئة التي ينص عليها الميثاق الجماعي من أجل الإشراف على مراقبة وتدبير هذا القطاع بعد تفويته. إلى أن "وقعت الفأس في الرأس" وجاء الخبر اليقين من وزارة الداخلية ليؤكد تخوفات الجميع من "خفة رجل" الرئيس، الذي أبى أن يستسلم للأمر الواقع، فحاول الضغط من خلال جميع الجبهات المتاحة، ابتداء من نقابة الحزب، ومرورا بالفصيل الطلابي للحزب، وانتهاء بالاستجداء برئيس الحكومة عل وعسى يتدخل لإنقاذ "صفقة العمر". ولكن باءت كل مناوراته بالفشل، وكما توقعنا في مقال سابق "انتصرت قوة القانون والشرعية على قانون القوة" الذي حاول أن يفرضه الرئيس على وزارة الداخلية. إن إصرار "إدعمار" على هذه الصفقة، خارج جميع الضوابط القانونية، جعل مدينة تطوان، والعديد من الجماعات القروية والحضرية تتخبط في مشاكل لا حصر لها بسبب انعدام حافلات تقلها لقضاء مصالحها، وتسبب تعنته في دخول العشرات من العمال البسطاء في أتون إضراب متواصل واعتصام مفتوح، ليبيتوا في عز البرد القارص عل كراسي الحافلات التي احتلت ساحة ترمز لمدينة تطوان، إنها ساحة الحمامة البيضاء، الذي حولها سوء تدبير الرئيس إلى "غرابة سوداء"..