بعدما كان المواطن يتم تأطيره من طرف الأحزاب السياسية و الجمعيات و النقابات حسب الفصل الثالث من الدستور المغربي و الذي جاء في نصه ما يلي (الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية والجماعات المحلية والغرف المهنية تساهم في تنظيم المواطنين وتمثيلهم ). هذه الأحزاب و الجمعيات و النقابات كانت تلعب دورا رئيسا في توجيه المواطن وكانت المنبر الذي يُعبر فيه عن رأيه و يُبرز" تَموقُعه" حسب توجهه السياسي . تحولت الأحزاب إلى مؤسسات موسمية "تنشط" قبل الانتخابات لتكوين فرق "رياضية" عفوا سياسية و الدليل على ذلك المستويات التي تظهر بها مؤسساتنا الدستورية بدءا بالنقاشات داخل الغرفتين وصولا للجماعات و المجالس البلدية . سيُقال لي أنتم من تختارون ممثليكم ؟. لم نختلف. فعلا المواطن هو الذي يختار من يمثله و الدليل على ذلك نسبة المشاركة التي تكون "جد مرتفعة" لدرجة أن بعض صناديق الاقتراع في بعض الأحياء تكون شبه فارغة , فنحن لسنا من يختار الذي يُمثلنا , نحن بِعزوفنا عن التصويت نُعطي الفرصة لمن "هَب و دَب" ليمثلنا . الجمعيات معظمها تم تسييسها و معظمها ابتعدت عن أهدافها سواء الجمعيات الثقافية أو غيرها بما فيها الرياضية و الحقوقية لتتحول لأداة في يد مجموعة من الانتهازيين يستعملونها مطية لتحقيق أهداف شخصية إلا القلة القليلة التي تخشى ربها. النقابات , "حدث و لا حرج " في وجود "بترونا" قوية متسلطة أصبح دور النقابات محصورا في إعداد ملفات مطلبية يكون مصيرها سلة المهملات . في حين غاب التأطير النقابي لهذه الطبقة الرائدة في التغيير , وحتى الأطر و القيادات النقابية لا يُغيرها إلا القبر و الدوام لله. لقد أوهمت "البترونا" النقابات في إيطار التصور الجديد للعلاقات بين النقابة و أرباب العمل بشيء اسمه "الشراكة"و "الشركاء الاجتماعيين" بحيث تُحول هذه الأخيرة ممثلي العمال لبوق يُروج لبرامجها التي غالبا ما تكون يائسة كمقدمة لإخبار العمال أن الوضع دائما سيئ (ديما والو) وللأسف هذا الوضع يكون سيئا دائما على العامل و ليس على المشغل , علما أن هذه الشراكة في الغرب تُبنى على مبدأ "أخُد و أعطي" و ليس "أخد و أخد ثم أخد و لا تعطي" و كذلك تبنى على الشفافية حتى يتم الاستفادة من الربح و تأجيل المطالب إذا كانت المقاولة فعلا لم تحقق أهدافها و بالتالي لم تحقق أرباحا وفي هذه الحالة تضع المقاولة وضعيتها المالية بين أيدي ممثلي العمال ليطلعوا عليها. أمام كل هذا ظهر بديل سهل أَرق كل حكام العالم , و سيطرد مجموعة منهم في المستقبل القريب . بعد أول ورقة حمراء عرفها الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي . هذا البديل هو المواقع الاجتماعية ' التي" يلعنوها" صباح مساء كل حكام العالم دون استثناء, و حكام العرب بشكل خاص في كل صلواتهم , وقريبا سيطلبون من الفقهاء تحريمها في خطب صلاة الجمعة وربما تُصدر فتاوى دينية في هذه المواقع . فقد تجاوزت كل الحدود , و هناك من يُحسن استغلالها بالشكل السيئ والحسن , أقصد المفيد و المفسد , فبدأت تظهر مجموعات تعمل بشكل منظم لتتخطى حدود بُلدانها و تجتاح البلدان الأخرى فلا ربما سنعيش في يوم من الأيام ميلاد أحزاب قومية عربية و نقابات عالمية على الشبكات الاجتماعية تُكون قياداتها من كل الدول و ستكون بديلة للأحزاب و النقابات التقليدية التي نعرفها الآن أما الجمعيات فقد خطت خطوات متقدمة على هذه المواقع و ذهبت بعيدا. في المغرب هناك من المسؤولين من تفطن لأهميتها و استغلها بشكل جيد و أذكر على سبيل المثال لا الحصر تجربة وزير الشباب و الرياضة المغربي السيد منصف بلخياط الذي أصبح يتجاوب بشكل جيد مع الرياضيين وباقي المهتمين بالشأن الرياضي على صفحته " بالفايسبوك" مما أكسبه شعبية كبيرة , فهو بشكل ذكي يرد على كل أسئلة المهتمين و يُطلعهم على برامجه المستقبلية , فهل سيكون قدوة للآخرين أم أن الآخرين لا يُشغلون حتى حواسبهم فبالأحرى أن يتواصلوا مع المواطنين. نجيب البقالي