أبرز وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، ناصر بوريطة، في كلمة خلال الاجتماع التنسيقي السنوي لدول منظمة التعاون الإسلامي، الذي انعقد أمس الجمعة بنيويورك على هامش أشغال الجمعية العامة ال73 للأمم المتحدة، الجهود الدؤوبة التي ما فتئ صاحب الجلالة الملك محمد السادس يقوم بها لنصرة مدينة القدس الشريف. وقال بوريطة إن المملكة المغربية التي يرأس عاهلها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، لجنة القدس، وتحتل القضية الفلسطينية مكانة رئيسية في أجندتها الدبلوماسية منذ عقود، لن تألو جهدا في مواصلة العمل الحثيث مع أشقائها بالعالم الإسلامي من أجل نصرة قضية الشعب الفلسطيني العادلة وتحقيق السلام العادل والدائم لجميع شعوب المنطقة. وتندرج في إطار هذا الالتزام، يؤكد الوزير، الجهود الدؤوبة التي ما فتئ جلالة الملك يقوم بها لنصرة مدينة القدس الشريف، التي ترنو إليها أفئدة المغاربة ملكا وشعبا، سواء على المستوى الدبلوماسي لدى قادة ومسؤولي القوى الفاعلة في المجتمع الدولي، أو على المستوى الاقتصادي والاجتماعي من خلال الإشراف على أنشطة وكالة بيت مال القدس وبرامجها التنموية المرصودة لدعم الساكنة المقدسية المرابطة، والمتطلعة إلى مزيد من الدعم المالي من دول المنظمة لهذه الآلية الميدانية حتى يتسنى لها تعزيز تلك البرامج وتوسيع نطاقها. وأشار بوريطة إلى أن المملكة المغربية لا تزال تعتقد أنه ينبغي استثمار الإجماع الدولي الرافض للمستجدات السلبية الأخيرة المتعلقة بالقضية الفلسطينية، من أجل تكثيف المساعي الرصينة مع مختلف الشركاء الدوليين والقوى الفاعلة في المجتمع الدولي والشعوب المحبة للسلام، بكل حكمة وتبصر وواقعية، بهدف إعادة الأوضاع الى جادة الصواب، من خلال الانفتاح على جميع الخيارات المشروعة المتاحة، لإثبات الحق الفلسطيني واسترجاعه، وجني المزيد من الاعترافات بالدولة الفلسطينية، وعاصمتها القدس الشرقية، ودعم انضمامها إلى المنظمات والمعاهدات الدولية. وأكد أن القضية الفلسطينية وضمنها قضية القدس الشريف تظل قطب الرحى ومحور انشغال الأمة الإسلامية بأسرها، لما يمثله استمرارها من إنكار لحق الشعب الفلسطيني الشقيق في تحقيق تطلعاته لإقامة دولته المستقلة على أرضه وعاصمتها القدس الشرقية، وإدامة عوامل التوتر والتطرف وعدم الاستقرار في المنطقة وفي العالم. وأضاف أن دول منظمة التعاون الإسلامي، وفي ظل الظرفية البالغة الدقة التي تمر منها هذه القضية، مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى، بتحمل مسؤوليتها بما يلزم من الحزم والجدية، وتعبئة جهودها بشكل فاعل وعملي وواقعي لمجابهة هذه التحديات الجديدة بكل الوسائل السياسية والقانونية والدبلوماسية المتاحة، قصد الدفاع عن الحق الفلسطيني، وعن مدينة القدس الشريف، حفاظا على وضعها القانوني والسياسي كمدينة للسلام، مفتوحة أمام أتباع الديانات السماوية الثلاث ورمزا للتعايش والتسامح فيما بينها. وشدد الوزير على أن قيم التضامن والتعاون والتكافل التي شرعها الدين الإسلامي الحنيف، وتأسست عليها المنظمة ينبغي أن تظل النبراس الذي يسير عليه العمل المشترك لبلدان المنظمة وجهودها الدؤوبة للارتقاء بأوضاعها في أبعادها المختلفة، "قوامه الالتزام باحترام أمن دولنا وسيادتها واستقلالها وسلامة أراضيها، والامتناع عن كافة أشكال التدخل في الشؤون الداخلية، وضرورة حل الخلافات والنزاعات القائمة والناشئة بين دولنا عن طريق المفاوضات والوساطة والمصالحة ومختلف الوسائل السلمية والتوافقية الأخرى". وعلى صعيد آخر، سجل ا بوريطة، بارتياح، التلاشي التدريجي للظاهرة الإرهابية، الدخيلة على الدين والحضارة الإسلاميين، بفضل الجهود الحثيثة لدول المنظمة في مجال مكافحة الإرهاب، مذكرا بأن الإرهاب يظل ظاهرة كونية عابرة للأوطان لا ترتبط بأي دين أو حضارة، تتطلب مواجهتها اعتماد مقاربة شاملة وتعاونا وتضامنا دوليا على جميع المستويات، بما يكفل صياغة ردود فعالة على مستوى تهديداتها. واضاف أنه، في وقت بدأت تعاني فيه جاليات إسلامية كثيرة في بلاد المهجر من تداعيات أفعال الجماعات الإرهابية من خلال انتشار ظاهرة الإسلاموفوبيا ومعاداة المسلمين من بعض مواطني تلك الديار، فإنه يتعين بذل المزيد من الجهد لنشر المعرفة لدى بلدان المهجر بالدين الإسلامي المستنير القائم على فضائل التعايش والتسامح والمتناقض كليا مع شرور المغالاة والتطرف والتعصب الديني. كما أكد بوريطة، من جهة أخرى، على ضرورة الارتقاء بعمل منظمة التعاون الإسلامي، من منطلق الإيمان بجسامة المسؤولية الملقاة على عاتقها في ظل عالم يموج بمختلف التحديات والانتظارات، مبرزا ان الإسراع في إصلاح هياكل المنظمة وأجهزتها وتطوير أسلوبها ومنهاج عملها بما يتناسب مع التحديات الموضوعة على أجندتها، سيشكل النقلة النوعية المرجوة، ويرتقي بإسهاماتها في إدارة شؤون المجتمع الدولي. وجدد، في هذا الصدد، دعم المملكة للقرار الصادر عن الدورة ال45 لوزراء خارجية المنظمة الذي انعقد بدكا في ماي الماضي، والذي دعا إلى اجتماع للعصف الذهني في أكتوبر المقبل للنظر في إصلاح المنظمة، معربا عن استعداد المملكة للإسهام في إثراء مناقشاته.