أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون، الطيب الفاسي الفهري، يوم الجمعة بنيويورك، أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس مافتئ يبذل كل الجهود لإحياء فعلي لعملية السلام بالشرق الأوسط، وعودة الأطراف إلى طاولة المفاوضات. وأوضح الفاسي الفهري، في مداخلة له خلال اجتماع وزراء الشؤون الخارجية للبلدان الأعضاء بمنظمة المؤتمر الإسلامي، على هامش انعقاد الدورة 64 للجمعية العامة للأمم المتحدة، أن التوافقات السلمية هي السبيل الأنجع للذهاب قدما نحو حل الدولتين، الذي يضمن الأمن والسلم لجميع الأطراف ويفضي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة، عاصمتها القدس الشريف، تطبيقا لقرارات الشرعية الدولية والاتفاقات الموقعة بين الطرفين. وأضاف أن "الأوضاع الصعبة التي يمر بها الشعب الفلسطيني، والتحديات المتواصلة لسلطات الاحتلال الإسرائيلي للمجتمع الدولي، تتطلب تجنيد كل إمكانيات الأمة الإسلامية المتاحة للدفاع عن الحق الفلسطيني المشروع في حياة إنسانية كريمة، ودولة مستقلة قابلة للحياة وعاصمتها القدس الشريف. وأكد أن "المغرب واثق من أن تضامنا حقيقيا بين البلدان الإسلامية وفق رؤية مشتركة، كفيل بحماية وتثبيت الحقوق الفلسطينية المشروعة في مختلف المحافل الإقليمية والدولية المؤثرة". وأكد في هذا الإطار أن لجنة القدس الشريف تواصل، برئاسة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، جهودها الدؤوبة من خلال الاتصالات المستمرة مع رؤساء الدول والأطراف المعنية حول قضية القدس الشريف، مجددة الدعوة إلى المجتمع الدولي من أجل التصدي للمحاولات الإسرائيلية الرامية إلى طمس المعالم المقدسة والهوية الحضارية والثقافية لمدينة القدس الشريف. وأضاف الفاسي الفهري أن جلالة الملك وحرصا منه على نصرة قضية فلسطين، والحفاظ على الوضع القانوني للقدس الشريف، وصون هويتها الحضارية، ورموزها الدينية والثقافية، بادر جلالته إلى إثارة انتباه القوى العظمى إلى الأخطار المترتبة عن الأعمال الإسرائيلية اللامشروعة، وحثها على التدخل الفوري لوضع حد لهذه الممارسات. وذكر الفاسي الفهري، أنه "وبالموازاة مع هذه المواقف الثابتة والمساعي الدبلوماسية الحميدة، تنهج المملكة المغربية، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس الشريف، مقاربة عملية من خلال إنجاز مشاريع ومنشآت سكنية واجتماعية وتربوية ملموسة، تضطلع بإنجازها وكالة بيت مال القدس الشريف، للتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني". من جهة أخرى، أوضح الوزير أن التضامن الإسلامي الحق يقتضي مساندة دول منظمة المؤتمر الإسلامي، التي تعرف تحديات سياسية واقتصادية واجتماعية، مضيفا أنه وانطلاقا من هذا المبدأ يأمل المغرب أن تتضافر الجهود من أجل الدفاع عن المصالح العليا لهذه البلدان والحفاظ على سيادتها ووحدتها الترابية. وخلص الوزير إلى أن القضايا السياسية المطروحة على جدول أعمال المنظمة لا ينبغي أن تحجب عن الأنظار الرهانات التنموية والاجتماعية، التي تشكل أساسا لتعزيز التعاون والارتقاء بمستوى التجارة بين الدول الأعضاء إلى المستوى المأمول لمواجهة التحديات المطروحة والتغلب على الأزمات الاقتصادية. في السياق ذاته، أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون، الطيب الفاسي الفهري، أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس ما فتئ، بصفته رئيسا للجنة القدس، يثير انتباه المجتمع الدولي إلى المخاطر المرتبطة بتغيير الوضع القانوني لمدينة القدس. وقال الفاسي الفهري أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة إن جلالة الملك ما فتئ "يحث القوى الدولية الفاعلة على الإسراع بتطبيق مقتضيات الشرعية الدولية بغية الحفاظ على المعالم الدينية والروحية والحضارية لهذه المدينة المقدسة، بما يوفر الظروف الملائمة لتفعيل عملية السلام". وأضاف من جهة أخرى أنه "انطلاقا من الالتزام بعملية السلام في الشرق الأوسط ، كخيار لا محيد عنه، فإن المملكة المغربية تنخرط بمسؤولية وروح بناءة في كافة جهود المجتمع الدولي الرامية إلى إعادة إطلاق حقيقي لعملية السلام على أسس متينة". وقال إن إعادة إطلاق عملية السلام ينبغي أن تكون وفقا لضوابط الشرعية الدولية والالتزامات والاتفاقات السابقة بين الأطراف المعنية، ومبادرة السلام العربية، باعتبارها خيارا واقعا يعكس الإرادة العربية المشتركة للتوصل إلى حل عادل وشامل، يكفل للشعب الفلسطيني الحق في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وانسحاب إسرائيل من كافة الأراضي العربية المحتلة، بما فيها السورية واللبنانية، ويضمن لكافة شعوب المنطقة العيش في أمن واستقرار وسلام. وأكد الوزير، في هذا الإطار، أن المغرب "يتابع بتقدير جهود الإدارة الأميركية، والمواقف المشجعة التي عبر عنها الرئيس أوباما، ويتطلع إلى أن تواصل جهودها الحثيثة لتجاوز الصعوبات التي تعترض مسلسل السلام"، مشيرا إلى أن المغرب يثمن كذلك كل الجهود الدولية الأخرى، بما فيها الجهود الأوروبية. وأضاف الفاسي الفهري أن هذه الجهود "لن تعطي أكلها ما لم يوضع حد للممارسات الإسرائيلية غير الشرعية والمنافية لخيار السلام، وفي مقدمتها عملية الاستيطان في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، والحصار الجائر على الشعب الفلسطيني الشقيق". وسجل في هذا السياق أن ما تعرفه مدينة القدس من انتهاكات واستيطان وتهجير، بهدف تغيير الوضع القانوني والديمغرافي لهذه المدينة المقدسة، يشكل انتهاكا صارخا للمواثيق الدولية، ويتطلب تدخلا عاجلا لكل القوى المحبة للسلام. وبخصوص الوضع في العراق، أكد الوزير أن المغرب يدعم بكل قوة سيادة العراق ووحدته الوطنية والترابية، ويشجع الحوار الوطني للتغلب على كل الخلافات لإقامة مؤسسات وطنية، بمشاركة جميع المكونات السياسية والعرقية والمذهبية للشعب العراقي، حتى ينعم بالأمن والاستقرار ويستعيد دوره الإقليمي والدولي. وقال إن هذه المنطقة الحساسة "في أمس حاجة إلى عمل بناء وهادف بعيد عن كل أشكال التدخل الخارجي" . وجدد من جهة أخرى، "تضامن المغرب مع دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة" لاسترجاع جزر طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبي موسى. وخلص وزير الشؤون الخارجية والتعاون إلى القول إن تحقيق السلام عن طريق فض النزاعات يظل في صلب المهمة التاريخية للأمم المتحدة، بناء على مبدأ الحل السلمي للنزاعات واحترام المساواة بين الدول واستقلالها السياسي ووحدتها الترابية، طبقا لمقتضيات ميثاق الأممالمتحدة، فضلا عن ضرورة الحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل ومواجهة الإرهاب بكل أشكاله.