استعمل الانسان الملابس في بداية الامر للوقاية من البرد ولفحات الحرارة قبل ان يعمد إلى ارتدائها بغرض الزينة لتتحول بذلك إلى موضة تتبدل بتغير الفصول والأزمنة ووفقا لكل حضارة.. ومؤخرا انتشرت ظاهرة السروال اللاصقة أو ما يعرف ب "السليم"، في صفوف الفتيات المغربيات، وأصبح هذا النوع من السراويل يشكل الجانب الأساسي من موضة اليوم، إذ أضحت المحلات التجارية تتنافس على إغراء الفتيات المغربيات على شرائه، بألوان متعددة ومختلفة، بعدما اقتصرت سلفا على الألوان الداكنة كالأسود والأزرق .
ويعتبر السليم من بين الملابس الدخيلة على المجتمع المغربي، ذات طابع غربي، ومن هنا جاءت تسميته ب"السليم" "slim" الذي يعني بالانجليزية: نحيل، ممشوق، خفيف الوزن...، ويصلح ارتداءه مع كل أنواع الألبسة والأحذية ويتماشى مع جميع الأوقات والمناسبات ولكل الفئات العمرية .
لم يبقى سروال السليم حكرا على الفتيات، بل اجتاح أيضا صفوف الشباب، كما يعتبر مناسبا للذهاب إلى الدراسة أو العمل، وتحول إلى لباس يومي يمنحهم مزيدا من الراحة وإمكانية الحركة والخفة.
وبعد زيارتنا لإحدى المحلات التجارية "بسويقة باب الحد "بالمدينة القديمة بالرباط، يقول صاحب محل الألبسة "خالد عياشي" : أصبحت السراويل اللاصقة تعرف زيادة كبيرة في الطلب،على عكس باقي الموديلات من السراويل الأخرى، والطلب عليها ليس من طرف الفتيات فحسب وإنما من الشباب أيضا، إضافة إلى أنها أصبحت بألوان مختلفة كالأصفر والأخضر والزهري وغيرها من الألوان. ... ويضيف خالد، "أن الفتيات يكون طلبهن على الألوان الفاتحة، ويتجنبن اللون الأبيض، عكس الشباب الذين يفضلون الألوان داكنة، كالأزرق والأسود".
وقال صاحب المحل، أن أسعار هذه السراويل تتراوح ما بين 150 درهم إلى 200 درهم حسب ماركاتها وجودتها، ويشير إلى أن اقتناء سروال "السليم " يكون في جميع المواسم وخاصة في الأعياد والمناسبات.
"سمية العمري"، طالبة يافعة في عقدها الثاني، تقول"أن ثقافة السراويل اللاصقة جاءتنا من الغرب، وأصبحت الفتيات المغربيات والشباب المغربي، يفضلون اقتناء هذه السراويل، بحيث أصبحت أرى كل صديقاتي وأصدقائي في الجامعة يلبسون " السليم"، وتشير "سمية " إلى أن سبب اقتنائها ل "السليم" لأنه يجعلها في وضع مريح وخفيف طيلة يومها الجامعي .
يقول احمد لحرش ( 23 سنة) مبتسما :"كول على ذوقك ولبس على ذوق الناس"، هذه هي المقولة التي يرددها شباب اليوم لتبرير زحفهم وراء الموضة، ويقول:"آنا أصبحت أفضل أن البس هذا النوع من السراويل نظرا لأنه يتلاءم مع جميع أنواع الألبسة والأحذية ويمكنني ارتدائه في جميع المناسبات والأوقات عكس السراويل الأخرى التي لها مناسبات وأوقات محددة، بحيث في الماضي كان الطالب يشتري مجموعة من السراويل بأثمنة مرتفعة وكل سروال لا يصلح إلا في وقته المحدد، بينما اليوم أصبح الوضع سهل سروال واحد بثمن مناسب يستخدم في جميع الأوقات ."
وتفضل سناء المغراوي طالبة (25 سنة)، السراويل اللاصقة، لأنها تتناسب مع جسمها كما أنها تفضل الابتعاد على الألوان الفاتحة وخاصة اللون الأبيض لأنه يكشف مفاتن الفتات وهو الأكثر عرضة للأوساخ والبقع، وتقول: "في الآونة الأخير أصبحت مهووسة ب "السليم" وذلك لأقلد ممثلتي المفضلة "سمر" نجمة المسلسل التركي "العشق الممنوع".
هكذا أصبحت ثقافة السراويل اللاصقة أو "السليم" منتشرة في مجتمعنا المغربي وبين الشباب المغربي، منهم من يقلد ممثله المفضل، ومنهم من يزحف وراء هاجس الموضة، والبعض الآخر همه هو اقتناء ألبسة مناسبة ذات الماركات العالمية .
وحول رأي المختصين في الموضوع، قال "محمد برادة"، أستاذ علم الاجتماع بكلية الحسن الثاني بالمحمدية، في اتصال معه :أن هذا النوع من الموضة ترجع أسبابه إلى انبهار الشباب بكل ما هو أجنبي رمز التقدم والحضارة. وإلى حالة الاغتراب النفسي التي يعيشها البعض، وتقديس كل ما هو وافد دون تمحيص أو تدقيق".
ويعتبر برادة أن الدور "الإعلاني" الذي تقوم به بعض وسائل الإعلام يلعب دورا مهما في نشر مثل هذه الثقافات والترويج لمثل هذه الملابس، و الرغبة في التقليد الأعمى لشخصيات فنية وإعلامية أجنبية رغم ما تدعو إليه من قيم غريبة عن ثقافتنا ومجتمعنا المغربي.
وتعبر السيدة مليكة، ربة بيت، عن عدم رضاها على هذه الألبسة قائلة:"مابقينا كنعرفو نميّزو لا بين الولد ولا بين البنت ولّى كلشي كيلبس بحال بحال "، وتضيف وهي تحدق في المحلات التجارية "بسويقة باب الحد" كنا في الماضي نقتني ألبسة متواضعة، وبأثمنة مناسبة، اليوم أصبحنا ضائعين بين هذه الموديلات، معتبرة أنها من الألبسة الدخيلة على ثقافة المجتمع المغربي، وان الشباب يلهثون وراء تقليد الأوروبيين .