يتميز موسم أصيلة الدولي في دورته الأربعين، بعقد عدة ندوات ولقاءات ثقافية تهم في جانب كبير منها القارة الافريقية، ضيف شرف هذا الحدث الثقافي العالمي الذي تُنظمه مؤسسة منتدى أصيلة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس. وفي هذا الإطار احتضن مركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية، يوم السبت 30 يونيو الجاري، ندوة بعنوان "الإندماج في إفريقيا، أين العطب؟ "، بحضور ثلة من الباحثين والمفكرين الذين سلطوا الضوء على إشكالية الاندماج الافريقي والإعطاب التي تعوقه.. وأكد الباحثون والخبراء المغاربة والأجانب، الذين شاركوا في هذه الندوة، أن الاندماج الإفريقي يتطلب اعتماد مقاربة للتنمية الشاملة وجعل الاقتصاديات أكثر إدماجية. وأوضح هؤلاء الخبراء، أنه يتعين السير إلى الأمام، وتجاوز الاندماج الإفريقي الذي تريده الدول نحو اندماج من قبل الشعوب وبواسطتها، وجعل الاقتصادات أكثر اندماجية، ورؤية الانسجام من خلال تعزيز البنيات التحتية، والنهوض الاجتماعي والتعددية السياسية، عبر القبول وتثمين التنوع وتطوير المسلسل الديموقراطي. وأشاد جل الخبراء المشاركين في الندوة بدور المقاربة الثقافية في تحقيق الاندماج الإفريقي، معتبرين أن الثقافة هي المفتاح الذي بوسعه أن يعزز موقع المغرب داخل بيته الإفريقي. وقد عرفت الندوة تدخل العديد من الخبراء من بينهم البوركينابي "جان دوديو سومدا"، الممثل الخاص لرئيس منتدى الساحل/منظمة التعاون والتنمية في المجال الاقتصادي، الذي أكد أن تشجيع الإدماج والوحدة الإفريقية يمر عبر فتح الحدود مما يتيح التداول الحر للسلع والأشخاص، وتعزيز الديمقراطية والحريات، وتقوية الريادة الإفريقية، وكذا تعميم التكوين في المعلوميات. وقال خالد الشكراوي، الأستاذ بمعهد الدراسات الإفريقية، إن البعد الثقافي يكتسي أهمية خاصة في النهوض بالوحدة الإفريقية، داعيا إلى إيجاد إطار جديد للقيم المشتركة بين البلدان الإفريقية وتشجيع علاقاتها الثقافية، وكذا وضع منظومة ثقافية من شأنها الإسهام في تأمين هذه الوحدة. ومن بين أبرز المتدخلين في الندوة، السيد يوسف العمراني، المكلف بمهمة في الديوان الملكي، الذي أكد أن نجاح اندماج إقليمي إفريقي في العمق يتطلب تقاسم سلاسل القيم ومعايير إفريقية متطابقة وقوانين منظمة مشتركة. وأضاف السيد العمراني، خلال مشاركته في ندوة "الاندماج الأفريقي، أين العطب؟"، أن "قضية الاندماج الإقليمي تطرح في سياق العولمة وتعدد الشركاء، وهو ما يدعو إلى التفكير في أشكال جديدة من الجهوية، تتيح اندماجات في سلاسل القيم الجهوية". وأبرز السيد العمراني أن الاندماج، هو أيضا الجمع بين كل الفاعلين وصناع القرار القادرين على خلق دينامية افريقية مشتركة ووضع سياسات ملائمة، خارج كل اعتبار للمصلحة الوطنية، وذلك من أجل تزويد أفضل لأفريقيا بالأدوات، والنهوض بفضاءات مدمجة اقتصادية، وجيوسياسية، أو ثقافية من خلال استراتيجيات مشتركة. وأوضح المسؤول المغربي أن السياسة الافريقية للمغرب، التي يقودها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، تجسد بالفعل هذه الإرادة المشتركة لبناء افريقيا مندمجة، قوية وموحدة، تواجه تحدياتها بوسائلها الخاصة وتنظر إلى المستقبل بثقة. وخلص إلى أن "افريقيا يجب أن تتكفل بتحدياتها الخاصة، بتثمين نموها المتعدد الأبعاد والاستجابة للتطلعات السوسيواقتصادية التي تطمح إليها ساكنتها بشكل مشروع ". ومن جهته، أكد الباحث في علم الاجتماع والجيوسياسة، جان كلود فيلكس تشيكايا، (فرنسي من أصل كونغولي)، أنه "لن يكون هناك عالم جديد بدون أفريقيا جديدة، تتوفر على قوى جهوية وفرعية وتحركها دينامية بناءة، ومجتمع مدني نشيط وفاعل، وابتكار ثقافي". وتقترح هذه الدورة من موسم أصيلة الثقافي الدولي، التي تنظمها مؤسسة منتدى أصيلة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، وتستضيف افريقيا كضيف شرف، عددا من الأحداث الثقافية والفنية، خاصة منها ندوات ومشاغل وحفلات موسيقية وعروض أزياء ومعارض تشكيلية...