اهتمت الصحف الجزائرية، الصادرة اليوم الأربعاء، بانعكاسات قرار الحكومة إلغاء نظام رخص الاستيراد، ملاحظة أن الجهاز التنفيذي كان مجبرا على إلغاء هذا النظام بعدما لاحظ الخسائر الكبيرة التي يتسبب فيها للاقتصاد. واعتبرت جل الصحف أن ما يثير القلق بشكل كبير هو خطر تآكل القدرة الشرائية للجزائريين والذي قد يقوض السلم الاجتماعي الذي لطالما بحث عنه النظام، عشية الانتخابات الرئاسية. وفي هذا الصدد، ذكرت صحيفة (ليبيرتي) بأنه خلال سنتي 2016 و2017 ، أثارت الصحافة انتباه المسؤولين حول أوجه القصور الخطيرة لهذا النظام، مسجلة أن عددا كبيرا من الخبراء كانوا قد انتقدوا هذا النظام، من خلال وسائل الاعلام، لافتقاده للشفافية وطابعه البيروقراطي وتسببه في نفاذ المواد والارتفاع الصاروخي للأسعار، وهي أربعة انعكاسات سلبية لتنفيذ نظام رخص الاستيراد. وكتبت الصحيفة في افتتاحيتها بعنوان "محدودية حكامة"، أنه بعد مرور سنتين على العمل به، قررت حكومة أويحيى إلغاء نظام رخص الاستيراد، معترفة، في نهاية المطاف، أنه أبان عن محدوديته. وتساءل صاحب الافتتاحية "ولكن كيف نفسر هذا التحول في موقف الحكومة؟ هل خضعت لضغوطات كبار الشركاء التجاريين أو بكل بساطة لاحظت الخسائر الناجمة عن هذه السياسة؟ معتبرا أنه كان من اللازم تقييم هاتين السنتين من العمل بنظام رخص الاستيراد لتقييم كم كلفتا لتدخلات الخزينة العمومية الفوضوية في الأسواق الخارجية من أجل تزويد السوق الجزائرية عبر الرخص. وعلى صعيد متصل، كتبت صحيفة (الشروق) أن هذا النظام كان له أثر مباشر على ارتفاع قيمة الواردات، وهو ما يفسر ارتفاع فاتورة الاستيراد إلى 45 مليار دولار سنة 2017 ، مقابل 46 مليار دولار سنة 2016، في حين أن الحكومة السابقة كانت تراهن على 35 مليار دولار. فكل شيء يمر كما كان في السابق: فلا أحد مسؤول عن هذه الأخطاء في التدبير التي تكلف كثيرا الخزينة وتعاقب المواطنين عبر تدهور قدرتهم الشرائية. من جهتها، أكدت صحيفة (الحياة) أنه فضلا عن غياب الشفافية الذي يميزه، تسبب هذا النظام في اضطرابات جدية على مستوى السوق الوطنية، وخاصة تراجع صارخي في مجال التزود بأعلاف المواشي والدواجن والخشب، مسجلة أنه بسبب هذا النظام توقفت مقاولات عن مزاولة نشاطها بينما سجلت الأسعار ارتفاعات. من جانبها، نشرت صحيفة (الوطن) على صفحتها الأولى حديثا مع إبراهيم قندوزي، رجل الاقتصاد والمستشار، حيث كشف هذا الخبير أن نظام الرخص عند الاستيراد والتصدير، الذي تم العمل به منذ سنة 2016، مس في الواقع عددا محدودا من المنتوجات القادمة من الخارج، مستدلا على ذلك بكون فاتورة الاستيراد ما تزال في مستوى مرتفع وأن العجز التجاري أصبح مقلقا. وقال إنه "ليس الخيار الأمثل للاقتصاد الوطني لأنه يؤدي إلى ارتفاع الأسعار وحالات الريع بالنسبة لبعض المفضلين، وكذا إلى نفاد المواد في سلسلة التوزيع"، ملاحظا أنه "منذ أيام قليلة عقدت دورة لتقييم اتفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي، وقد تكون قضية رخص الاستيراد طرحت من قبل الشركاء التجاريين الأوروبيين". وأضاف الخبير الاقتصادي أنه بصفة عامة لا يمكن للوضع الاقتصادي أن يتحسن إلا عبر تنويع الاقتصاد الوطني وكذا من خلال الإصلاحات، مبرزا أنه بالنسبة للوقت الراهن يتعين التعاطي مع ما يكتسي طابعا استعجاليا، أي الحفاظ على احتياطات الصرف، لأن الأمر يتعلق بمصداقية الجزائر إزاء شركائها الخارجيين.