يرث سيريل رامافوزا الذي تم انتخابه، اليوم الاثنين، رئيسا لحزب المؤتمر الوطني الحاكم، حزبا منقسما إلى حد كبير، بل ومهددا بفقدان الأغلبية التي يحوزها في البرلمان منذ 1994. وظهرت هذه الانقسامات بشكل جلي إبان هذه الانتخابات التي عرفت منافسة حادة ونحت بالحزب نحو القطبية بين معسكري الإصلاحيين المعتدلين الذين يساندون رامافوزا، والتقليديين الذين يدعمون نكوسازانا دلاميني زوما الرئيسة السابقة للمفوضية الإفريقية و الزوجة السابقة للرئيس جاكوب زوما. ويعتبر ملاحظون، ممن حضروا المؤتمر 54 للحزب، الذي احتضنته ناسريك جنوبجوهانسبورغ، أن القائد الجديد لحزب المؤتمر الوطني سيجد نفسه أمام مهمة جسيمة تتمثل في رص صفوف حزبه لربح رهان الانتخابات العامة 2019. ويظل رامافوزا مرشح حزب المؤتمر الوطني المرتقب لرئاسة جمهورية جنوب إفريقيا في الانتخابات المقبلة، مدعوا لقيادة الحزب في ظرفية صعبة جدا، تتجلى في انخفاض شعبية الحزب. فالحزب الذي ألف الانتصارات السهلة في مختلف الاستحقاقات الانتخابية التي جرت في البلاد، فقد كثيرا من شعبيته. وإبان الانتخابات المحلية ل2016، فقد الحزب قيادة الحواضر الكبرى كجوهانسبورغ و بريطوريا وبورت إليزابيث، في انتكاسات تجعل الحزب أمام سقوط محتمل في الاستحقاقات الانتخابية العامة ل2019. وبخصوص الوحدة داخل الحزب، شدد رامافوزا، إبان الحملة الانتخابية، على ضرورة التجديد داخل هذه الهيئة السياسية والعودة إلى القيم التي طبعت نضال الآباء المؤسسين للحزب،كنيلسون مانديلا و أوليفي طامبو. كما ترافع رامافوزا على عقد جديد مع مناصري الحزب لإعطاء الأمل لملايين الجنوب إفريقيين، على الخصوص الشباب منهم، وبناء عدالة اجتماعية وتقليص الفوارق الاجتماعية في البلاد، التي تظل من بين الأعلى في العالم. ويستحضر أعضاء حزب المؤتمر الوطني الأفريقي ومعهم مؤيدو الحزب الانقسامات التي أدت إلى انشقاقات داخل الحزب في غمار الانتخابات التي حملت زوما الى الرئاسة سنة 2007 على حساب الرئيس السابق ثابو مبيكي. ومن منظور أشمل، فإن اقتصاد جنوب أفريقيا يغرق في ركود يبعث على الانزعاج، حيث أن معدل النمو لم يتجاوز نسبة 0.7 في المائة طوال عام 2017. ويتفق المحللون على أن البلاد تواجه حالة شك. ووفقا للأرقام الرسمية فإن البطالة تزداد سوءا لتصل إلى نسبة 27.7 في المائة من القوى العاملة، في الوقت الذي يعاني ما يقرب من نصف الساكنة البالغ عددها 56 مليون نسمة، من الفقر المدقع. ويقترح رامافوسا في هذا الصدد، "وصفة جديدة"، تتجلى في خطة مؤلفة من 10 نقاط، وتتضمن سلسلة من الحلول للمشاكل الاقتصادية التي تعاني منها البلاد. ويطمح بالتالي إلى زيادة معدل النمو ليصل إلى نسبة 3 في المائة منذ السنة الأولى من صعوده إلى السلطة، وإلى نسبة 5 في المائة بحلول سنة 2023. وإذا كان هذا الخطاب قد لقى صدى إيجابيا في صفوف مواطني جنوب أفريقيا، الذين أحبطوا بسبب فشل الحزب الحاكم في أن يترجم إلى الواقع وعوده بجعل جنوب أفريقيا أكثر ازدهارا وعدالة، فإنه من جهة أخرى استقبل بحذر وسط المحللين الاقتصاديين. ويشير المحللون الاقتصاديون إلى أن اقتصاد جنوب أفريقيا، بعيدا عن الوعود، يحتاج إلى استقرار سياسي، وأساسا الى الإصلاحات الهيكلية العميقة، من أجل تعزيز أسسه في اتجاه خلق فرص العمل وانتاج الثروة، مضيفين أن انتخاب رامافوزا لرئاسة المؤتمر الوطني الأفريقي سيدفع الى السطح بمسألة مغادرة زوما رئاسة الجمهورية، وذلك قبل نهاية ولايته في سنة 2019. ويقول المحللون ان مثل هذه المغادرة ستسمح للرئيس الجديد لحزب المؤتمر الوطنى الأفريقى، بإعداد الحزب بهدوء للإنتخابات العامة التى ستجرى فى أقل من عامين