مدعومة بتقدمها في الانتخابات البلدية عام 2016 وبالتراجع المتواصل لشعبية حزب المؤتمر الوطني الإفريقي الحاكم، تبدي المعارضة في جنوب إفريقيا شراسة أكبر في خططها لإنهاء احتكار الحكم من قبل حزب نيلسون مانديلا الذي يتواصل منذ حلول الديمقراطية في بلاد "قوس قزح" قبل 23 عاما. ولا يتردد مموسي ميمان، السياسي الشاب الذي وصل لقيادة التحالف الديمقراطي (أكبر أحزاب المعارضة) في التأكيد على أن حزبه قادر على الإطاحة بحزب المؤتمر الوطني الإفريقي في الانتخابات العامة المرتقبة في 2019، بمساعدة أحزاب أخرى "تتقاسم نفس الرغبة في وضع البلاد على مسار جديد".
وتدل خرجة زعيم التحالف الديمقراطي على حالة الضعف التي آل إليها حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، بسبب الانقسامات العميقة التي تمزق هذا الحزب العتيد.
وأضحت هذه الانقسامات جلية جدا، مما يزرع الشك في صفوف هذه التشكيلة، التي يتساءل بعض أعضائها اليوم حول قدرة الحزب على الفوز في انتخابات 2019.
وقال زعيم التحالف، في تصريحات أوردتها وسائل الإعلام، إن تراجع شعبية حزب المؤتمر الوطني الإفريقي يعطي تقدما واضحا لحزبه.
"يجب أن يدرك الناس أن طموحنا هو إبعاد حزب المؤتمر الوطني الإفريقي عن السلطة"، هذا ما يقوله بصراحة ميمان، مؤكدا أن التحالف الديمقراطي يتطلع لتشكيل حكومة ائتلافية مع أحزاب أخرى بعد انتخابات 2019.
واعتبر المسؤول أن النتائج التي حصلت عليها المعارضة خلال الانتخابات البلدية لسنة 2016 تمثل "بداية نهاية" المؤتمر الوطني الإفريقي.
ففي العام الماضي، نجح التحالف بالفعل في إلحاق هزائم قاسية بالحزب الحاكم، بسيطرته على مدن استراتيجية كجوهانسبورغ وبريتوريا وبورت اليزابيث.
وفاقمت هذه النتائج، التي فاجأت المحللين والسياسيين، الانقسامات داخل قيادة حزب المؤتمر الوطني الإفريقي التي ستنتخب في شهر دجنبر القادم زعيما جديدا ليحل محل الرئيس جاكوب زوما.
ويوجه العديد من أعضاء حزب المؤتمر الوطني الإفريقي أصابع الاتهام للرئيس زوما، باعتباره مسؤولا عن التراجع الحاد في شعبية الحزب بسبب الفضائح السياسية والمالية التي تورط فيها.
وفي مارس الماضي، أدخل زوما البلاد في أزمة جديدة بعد تعديل وزاري واسع لكنه مثير للجدل. وهي مبادرة أدت لتراجع تصنيف جنوب إفريقيا السيادي إلى مستوى "عالي المخاطر" مع ما يترتب عنه من عواقب وخيمة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي.
"أنا مقتنع بأن زوما سيكون نقطة انطلاق بالنسبة لنا"، حسب زعيم التحالف الديمقراطي، الذي أشار إلى الصعود المتواصل لحزبه منذ الانتخابات العامة في عام 2014، مقابل الضعف المتزايد لحزب المؤتمر الوطني الإفريقي.
فخلال انتخابات عام 2014، فاز حزب المؤتمر الوطني الإفريقي ب 62 في المائة من الأصوات مقابل 66 في المئة عام 2009، بينما حسن التحالف الديمقراطي رصيده من 17 إلى 22 في المئة.
وحسب المحللين، يمكن للتحالف الديمقراطي الوصول إلى السلطة في إطار تحالف، في حالة فوز حزب المؤتمر الوطني الإفريقي بأقل من 50 في المائة من الأصوات في انتخابات 2019.
ويقول المحللون إن الانشقاق المحتمل داخل حزب المؤتمر الوطني الإفريقي في السياق الحالي للانقسامات، يعطي مصداقية لهذا السيناريو.
كما أن سحب الحلفاء التاريخيين لحزب المؤتمر الوطني الإفريقي، وهما الحزب الشيوعي والمركزية النقابية القوية كوساتو، لدعمهما للحزب هو مصدر آخر للقلق بالنسبة لقادة الحزب.
ودعت الهيئتان ، اللتان تقومان بدور حاسم في احتفاظ حزب المؤتمر الوطني الإفريقي بالسلطة منذ نهاية نظام الفصل العنصري في عام 1994، مؤخرا إلى استقالة زوما، وهو الموقف الذي جعل معسكر زوما في عزلة واضحة.
وبالاستفادة من هذه الأزمة وخاصة السخط إزاء رئيس الدولة، فإن نائب الرئيس، سيريل رامافوزا، يواصل حملته ليصبح زعيما لحزب المؤتمر الوطني الإفريقي في دجنبر المقبل.
ويلعب رامافوزا (64 سنة) بورقة الوحدة الوطنية لتعزيز حظوظه في قيادة الحزب في انتخابات 2019.
ويبرر ذلك بقوله إن الحزب يواجه خطر تفكك حقيقي، مؤكدا أن الحزب يجب أن يظهر التزاما راسخا ضد الفساد وعدم المساواة، إذا كان يأمل في الحفاظ على الأغلبية المريحة التي يشغلها في البرلمان الحالي.
ويتوفر حزب المؤتمر الوطني الإفريقي على 249 مقعدا في البرلمان من أصل 400، وهي أغلبية اكتسبها، حسب المحللين، استنادا إلى إرث الآباء المؤسسين لجنوب إفريقيا الجديدة ونضالهم ضد النظام العنصري.
ويبدو اليوم أن هذا الإرث فقد الكثير من وهجه في مواجهة أزمة اقتصادية واجتماعية تعزز صفوف الساخطين وتخدم مصالح معارضة جريئة على نحو متزايد.