يواصل المؤتمر الوطني الإفريقي (الحزب الحاكم في جنوب إفريقيا) التخبط في انقسامات عميقة حول القضية الشائكة لخلافة الرئيس جاكوب زوما، وهي الانقسامات التي تضع مجددا الحزب أمام طيف الانقسام. ووفقا للمعلومات المستقاة من المؤتمر السياسي للحزب، المنعقد حاليا في جوهانسبورغ، يسعى قادة حزب المؤتمر الوطني الإفريقي إلى التوصل لاتفاق بشأن هذه المسألة من أجل تجنب طيف الانقسام الذي يهدد الحزب الذي يمسك زمام السلطة منذ انتهاء نظام الفصل العنصري في عام 1994.
وسيغادر الرئيس زوما قيادة حزب المؤتمر الوطني الإفريقي في شهر دجنبر المقبل، ويتنافس مرشحان لخلافته هما الرئيسة السابقة لمفوضية الاتحاد الإفريقي نكوسازانا دلاميني زوما، ونائب الرئيس الحالي سيريل رامافوزا.
وسيكون الفائز بالمنصب تلقائيا مرشح حزب المؤتمر الوطني الإفريقي للرئاسة في الانتخابات العامة في 2019.
ونقلت وسائل الإعلام عن محللين أن الخلافات عميقة جدا بين أنصار المرشحين وأن المنافسة المحتدمة بين دلاميني زوما، المرشحة المفضلة لمعسكر زوما، ورامافوزا، قد تؤدي إلى انشقاقات داخل حزب المؤتمر الوطني الإفريقي.
ويذكر هذا السباق بالحرب التي قادها زوما قبل عقد من الزمن للإطاحة بالرئيس السابق ثامبو مبيكي وأدت إلى انشقاق عدد من أعضاء حزب المؤتمر الوطني الإفريقي الذين شكلوا فيما بعد حزب مؤتمر الشعب، الحزب الذي تمكن من الفوز ب9 في المائة من الأصوات في انتخابات 2009، وأضعف القاعدة الانتخابية للمؤتمر الوطني الإفريقي.
وأدت الأزمة السياسية الجديدة التي هزت حزب المؤتمر الوطني الإفريقي في عام 2012 إلى حدوث انشقاق جديد وتشكيل حزب المناضلين من أجل الحرية الاقتصادية الذي أصبح القوة السياسية الثالثة في البلاد.
وقال سيلي زيكالالا، رئيس حزب المؤتمر الوطني الإفريقي في محافظة كوازولو ناتال، "نحن قلقون من التقهقر التدريجي لحزب المؤتمر الوطني الإفريقي".
وأضاف هذا المسؤول، على هامش المؤتمر السياسي للحزب، "يجب علينا تعزيز وحدة الحزب. وهذا المجهود يبدأ بالتوصل لاتفاق بشأن مسألة خلافة" زعيم الحزب.
ويعتقد المحلل السياسي مبوميليلو مخابيلا أنه سيكون من الصعب إقناع أحد المرشحين بالانسحاب لصالح آخر.
وأضاف أن "القضايا التي تقسم المعسكرين كبيرة للغاية، بما يجعل من الصعب توقع انسحاب أحد المرشحين".
وبالاضافة الى دعم الرئيس زوما، أيضا زوجها السابق، تحظى دلاميني زوما بدعم تنظيمات الشباب والنساء في حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، في حين يركب رامافوزا على موجة دعوات محاربة الفساد واستغلال السلطة، الممارسات التي أصبحت شائعة في ظل حكم جاكوب زوما.
وفي هذا الملف كما في العديد من القضايا الأخرى مثل الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، يحظى رامافوزا بدعم المركزية النقابية القوية كوساتو ورؤساء الوزراء في بعض أهم محافظات البلاد.
وإدراكا منهم لمخاطر الانفسام التي تتربص بحزب المؤتمر الوطني الإفريقي، يدعو كبار مسؤولي الحزب إلى الوحدة.
وقال ديفيد مابوزا، رئيس حزب المؤتمر الوطني الإفريقي في محافظة مبومالانجا، "يجب التغلب على الخلافات بين الجانبين لرأب الصدع في صفوف الحزب"، مؤكدا أن طبيعة هذه الخلافات ليست إيديولوجية.
وبنفس النبرة، يؤكد رئيس الحزب في محافظة نورث ويست أن حزب المؤتمر الوطني الإفريقي في حاجة للتماسك لمواجهة التحديات التي تفرضها الأزمة الاقتصادية التي تضرب البلاد.
وأدت الانقسامات التي تمزق حزب المؤتمر الوطني الإفريقي إلى تدهور خطير في شعبية هذا الحزب التاريخي. وتجلى هذا الضعف خلال الانتخابات البلدية لعام 2016، عندما فاز الحزب ب54 في المائة من الأصوات مقابل 62 في المائة في الانتخابات العامة في عام 2014.
وتعد هذه أدنى نتيجة حققها الحزب منذ نهاية نظام الفصل العنصري في عام 1994. وعلى بعد أقل من عامين على الانتخابات العامة المقبلة، لا يستبعد المراقبون إمكانية أن يفقد حزب نيلسون مانديلا أغلبيته في البرلمان.
ويقول مبيتي سيتيمبيلي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بريتوريا. "إن التباينات حول خلافة قائد الحزب تشكل مسا خطيرا بحزب المؤتمر الوطني الإفريقي".
واعتبر أن "هذه الاختلافات تؤدي إلى تآكل السلطة الأخلاقية للحزب الذي قد يستيقظ على واقع مرير في 2019".