لم تفتأ الشراكة الفريدة التي تجمع بين المغرب وفرنسا، التي لا تتأثر بفترات الانتقال السياسي، وتندرج ضمن استمرارية استراتيجية، تتعمق وتتطور خلال الاشهر الاخيرة، وخاصة منذ انتخاب ايمانويل ماكرون رئيسا للجمهورية الفرنسية في ماي 2017 . وبالفعل فانه مع انتخاب الرئيس الجديد للدولة الفرنسية، دخلت الشراكة القوية والمستمرة بين البلدين في مرحلة جديدة ، مؤكدة بالتالي عمق وصلابة العلاقات بين الرباط وباريس على كافة الاصعدة ،سواء السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية . وتعكس الزيارة التي قام بها الرئيس ماكرون في يونيو الماضي للمغرب، بعد شهر واحد فقط على انتخابه ،بشكل واضح هذه الارادة المشتركة للسير قدما في هذه العلاقات وتطويرها اكثر. ولا شك ان الحوار السياسي المنتظم ورفيع المستوى بين المغرب وفرنسا، يشكل ضمانة للاستمرارية الاستراتيجية للشراكة بين البلدين، الذين تحذوهما الرغبة والارادة في نسج روابط قوية ومتعددة الابعاد بينهما، خاصة وان رئيس الدولة الفرنسية اختار التوجه نحو المغرب في اول زيارة له للمنطقة. وتعد هذه الزيارة بالاضافة الى طابعها الرمزي دليلا ساطعا على ان المغرب وفرنسا تجمعما وحدة المصير وحسن الجوار، كما جسدت التقارب المتفرد بين الرباط وباريس، فضلا عن كونها مثلت اشارة صداقة حظيت بتقدير كبير من لدن الشعب المغربي. وحرص الرئيس ايمانويل ماكرون من خلال توجهه نحو المغرب في اول زيارة له خارج الاتحاد الاروبي، على تجديد التاكيد على الاهمية السياسية والاستراتيجية للشراكة الثنائية ،كما اكد ذلك وزير الشؤون الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان، الذي اشار الى ان المغرب وفرنسا يواجهان سويا تحديات العالم الحالية والقادمة. وكان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون قد اكد خلال ندوة بالرباط ان " زيارتة للمغرب تعكس جودة العلاقات بين بلدينا التي ترتكز على رؤية مشتركة وارادة لمواصلة تحقيق مصالحنا المشتركة ليس فقط في المغرب وانما ايضا بالمنطقة وبافريقيا"، مضيفا ان المغرب يعتبر بلدا صديقا وشريكا استراتيجيا لفرنسا ". واكد ان فرنسا والمغرب ينهجان سياسة مشتركة في افريقيا. كما تم التأكيد على جودة العلاقات المغربية الفرنسية من قبل صاحب الجلالة الملك محمد السادس، بعيد انتخاب ماكرون رئيس للدولة الفرنسية ،اذ حرص جلالته في رسالة الى الرئيس الفرنسي الجديد على التذكير بان الشعبين الفرنسي والمغربي الذين تربطهما صداقة عريقة ، تقوم على التقدير المتبادل وتقاسم القيم الانسانية والثقافية ،تمكنا على مر السنين بناء شراكة قوية ومتعددة الاشكال تتميز باستدامتها واستقرارها. وأضاف جلالة الملك "انه خيار استراتيجي، تبناه بلدانا بكل إرادة و التزام، و ما فتئا يعملان معا من أجل تعزيزه و إعطائه نفسا دائم التجدد، رفعا لمختلف التحديات السياسية و الانسانية و الاجتماعية و الاقتصادية، التي واجهتهما خلال عقود عدة" معبرا جلالته عن يقينه "بأن هذه الشراكة، سوف تتسم، خلال الولاية الرئاسية للسيد إمانويل ماكرون، بنفس الدينامية، و ستزداد عمقا ومتانة.". وتم ابراز قوة ومتانة العلاقات المغربية الفرنسية ايضا خلال الاجتماع رفيع المستوى المغرب-فرنسا الذي عقد في نونبر الماضي بالرباط، والذي شكل مناسبة لتجديد الارادة المشتركة وتعزيزها اكثر. وتوج الاجتماع الذي ترأسه كل من رئيس الحكومة سعد الدين العثماني والوزير الاول الفرنسي ادوار فيليب،بالتوقيع على عدد من اتفاقيات التعاون في مجالات مختلفة ،مما يتيح اعطاء دفعة جديدة للشراكة الاستثنائية بين المغرب وفرنسا. يشار ايضا الى ان اللقاء الذي تم بين الرئيس ماكرون وصاحب الجلالة الملك محمد السادس على هامش مشاركة جلالته في القمة الخامسة للاتحاد الافريقي والاتحاد الاروبي في متم نونبر الماضي بابيدجان، عكس الطابع المتفرد للعلاقات الثنائية . ولا شك ان هذه الشراكة المتفردة ستتعزز وتترسخ اكثر بمناسبة الزيارة الرسمية التي يتوقع أن يقوم بها الرئيس الفرنسي للمغرب في بداية سنة 2018.