بدا واضحا أن سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، لم يكن محقا فيما قاله الأسبوع الماضي أثناء استضافته من قبل ملتقى وكالة المغرب العربي للأنباء، وقال العثماني حينها "جلالة الملك تحدث على وزارة منتدبة مكلفة بالشؤون الإفريقية، سيتم النقاش في المرحلة المقبلة لبناء تصور في هذا الصدد، وليس هناك تفكير في تعديل موسع للحكومة"، ونفى أن تكون الحكومة معنية بالزلزال السياسي، وأضاف العثماني "لنا كامل الثقة في الحكومة، وبوادر نجاحها بدأت تظهر"، وشدد على أنه "من الواجب عليها إيجاد الحلول في حدود المستطاع لأنها تتحمل المسؤولية أمام ممثلي الأمة والشعب وأمام جلالة الملك". من كلام العثماني نفهم أنه لم على علم بمعالم القرارات، التي سيتم اتخاذها من قبل جلالة الملك، بينما بلاغ الديوان الملكي، الدقيق في كلماته ومفاهيمه قال إن جلالة الملك اتخذ هذه القرارات بتشاور مع رئيس الحكومة، كما ينص على ذلك الدستور، بمعنى أن العثماني كان يعرف أن اتجاه الزلزال السياسي ستسير نحو إعفاء وزراء ومسؤولين. ولنفترض أن العثماني لم يكن على علم بما سيتم اتخاذه من قرارات، لكن هذا يفرض عليه، باعتباره رجل سياسة، أن يلتقط الإشارات القوية في الخطاب الملكي، ومن العيب أن يكون فهم رئيس الحكومة، أقل بكثير من فهم النادل في المقهى، الذي كان ينتظر قرارات كبرى ليس أقلها إعفاء وزراء. وسواء كان العثماني على علم بالأمر أم لم يكن على علم فإنه انخرط في مسرحية هزلية أخرجها مصطفى الخلفي، الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان، ولعب الدور الرئيسي فيها خليل الهاشمي الإدريسي، المدير العام لوكالة المغرب العربي للأنباء، والتي كان الغرض منها التأثير على القرارات الملكية، حيث سبق العثماني تقديم التقرير، الذي أعده المجلس الأعلى للحسابات بخصوص مشاريع الحسيمة منارة المتوسط، زاعما أن الحكومة قامت بواجبها مبرئا وزراءه بالجملة من تهمة التفريط وخيانة الثقة الملكية. لا نعرف بالضبط هل تورط العثماني في هذه المسرحية أم انطلت عليه حيلة الخلفي، الذي أراد من خلال هذه اللعبة البئيسة تغيير مسارات التحقيق وتأطيرها حسب هوى ومزاج شخص اسمه مصطفى الخلفي وصديقه الحميم خليل الهاشمي الإدريسي.