قالت مجلة "فارست نيوز" الأسبوعية البنغالية، إن العودة المظفرة للمغرب إلى الاتحاد الإفريقي ، تشكل انتصارا دبلوماسيا من شأنه تكريس موقع المملكة كفاعل رئيسي داخل القارة السمراء. وأكدت المجلة، في مقال رأي للكاتب والسفير السابق شامشير إم شودوري، نشرته مؤخرا، أن "عودة المغرب إلى أسرته المؤسسية الإفريقية، التي شكلت موضع ترحيب على الصعيدين القاري والدولي، تعكس بجلاء مكانته الإقليمية المتميزة، فضلا عن كونها ثمرة نجاح سياسته الحكيمة على المستويين الخارجي والداخلي".
وأبرز شودوري، الذي كان يشغل منصب الكاتب العام لوزارة الشؤون الخارجية لبنغلاديش، أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس عمل، طيلة السنوات الماضية، على وضع القارة الإفريقية على رأس جدول أعماله، حيث انخرط جلالته في حملة منسقة لإرساء علاقات متميزة مع بلدان إفريقيا جنوب الصحراء، مكنت من توقيع حوالي ألف اتفاقية تعاون منذ عام 2000. كما عمل جلالته على إبراز المملكة "كبلد صديق وموثوق به، وجار مسؤول ومستثمر كبير".
واعتبر كاتب المقال أن عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، بعد غياب دام 33 عاما، تعد من جهة أخرى تتويجا لجهود دبلوماسية طويلة ومكثفة تهدف إلى توسيع دائرة حلفاء المملكة في القارة الإفريقية إلى دول رئيسية في مناطق بعيدة عن مجال نفوذها التاريخي في منطقة الساحل وغرب ووسط إفريقيا .
وأشار إلى أن المغرب يتوجه نحو جيل جديد من القادة الأفارقة المعتدلين والبراغماتيين، من خلال التركيز على سياسة رابح – رابح والامتيازات الاقتصادية وخلق ظروف الوفاق السياسي، مشيدا بهذه الرؤية الدينامية والبراغماتية.
وأبرز الكاتب أن المغرب يتمتع بامتيازات كبيرة مقارنة بمنافسيه الإقليميين في المنطقة الإفريقية، مما جعله أول مستثمر في غرب إفريقيا وثاني أكبر مستثمر في القارة ككل، مؤكدا أن المقاولات المغربية ذات المستوى المتقدم، والتي تشمل الخدمات المصرفية والتأمينات والاتصالات والشركات الصناعية وخاصة الفوسفاط والصناعات التحويلية المتطورة على نحو متزايد مثل الطيران والإلكترونيات والسيارات وزيادة قدراته في مجال الطاقة المتجددة، مكنت المملكة من أن تضطلع بدور قيادي في تعزيز أهداف جلالة الملك محمد السادس نحو تعزيز التعاون جنوب – جنوب القائم على التضامن.
وفي هذا السياق، يضيف كاتب المقال، أطلق المغرب مؤخرا مبادرات مهمة تهدف إلى تعزيز الاستدامة الفلاحية وتحسين الأمن الغذائي من خلال بناء وحدات كبرى لإنتاج الأسمدة التي تتلاءم مع التربة المحلية في العديد من البلدان الإفريقية، لا سيما في رواندا وإثيوبيا ونيجيريا.
كما تحدث الكاتب البنغالي عن شراكة طموحة واستراتيجية أخرى جنوب – جنوب، تتمثل في الاتفاق الأخير بين المغرب ونيجيريا من أجل بناء خط أنابيب للغاز عابر للقارات بهدف إمداد القارة الإفريقية بهذا المصدر الطاقي المهم.
وأشار أيضا إلى أن النجاح الكبير للسياسة الخارجية للمغرب على صعيد القارة الإفريقية يرتكز بشكل كبير على الخطوات المتميزة والتقدم الذي حققته المملكة في المجالات الاجتماعية والاقتصادية تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك.
وأكد صاحب المقال أنه، "على خلاف الأوضاع الراهنة في المنطقة، والتي انفجرت تحت وطأة العنف القائم على الطائفية الدينية وعدم الاستقرار السياسي، فإن المغرب يبدو اليوم كبلد مستعد لمواجهة تحديات ضمان الاستقرار ودعم النمو الاقتصادي والحفاظ على مجتمع تعددي تتعايش فيه المساجد والكنائس والمعابد اليهودية كرموز للانسجام الديني في البلاد".