دق باحثون ناقوس الخطر بعد أن رصدوا أن المحيطات في جميع أنحاء العالم تفقد الأوكسجين ببطء، الأمر الذي يشكل مشكلة كبرى لكل الكائنات البحرية الحية ويشدد على النتائج الخطيرة المترتبة على تغير المناخ، بحسب مجلة "تايم" الأميركية. فقد كشفت دراسة جديدة، نشرت مؤخراً في دورية "نيتشر"، أن مستويات الأوكسجين في المحيطات في جميع أنحاء العالم قد انخفضت بأكثر من 2% في النصف الأخير من القرن الماضي.
وبينما يبدو التغير صغيراً، فإن العلماء يقولون إنه حتى التغيرات الطفيفة في مستويات الغاز يمكن أن تغير النظم الإيكولوجية بأكملها.
مناطق محظورة وقال روب دنبار، أستاذ علوم الأرض في جامعة "ستانفورد": "إنها نسبة كبيرة، لأن أي كائن ذو خياشيم سوف يهتم بها ويستشعرها".
وقال دنبار، الذي يدرس تغير المناخ في المناطق الاستوائية وبحار القارة القطبية الجنوبية، إن انخفاض الأوكسجين يمكن أن يكون له آثار تمتد عبر المياه العميقة، وذلك لأن الحيوانات البحرية الكبيرة، مثل أسماك القرش، تحتاج لمزيد من الأوكسجين، لكي يتسنى لها القيام بالأنشطة التي تتطلب طاقة عالية مثل التغذي.
وأضاف دنبار أن انخفاض مستويات الأوكسجين خلق "مناطق محظورة" لبعض الكائنات البحرية ، مما لن يترك لها سوى مناطق محدودة لتناول الطعام والتكاثر.
وأوضح قائلاً: "إنه سيكون من الصعب على الكائنات الحية الدقيقة أن تعيش في المحيط".
صيد جائر وتلوث إن الاقتصاديات الساحلية ومصائد الأسماك، المتأثرة بالفعل بسبب الصيد الجائر والتلوث، سوف تصيبها بالتالي ضربة عندما تفقد المحيطات الأوكسجين.
كما أن التغير في مستوى الغاز يشكل "عواقب ضارة محتملة"، وفقاً للدراسة التي أجراها مركز "غيومار هيلمهولتز" لبحوث المحيطات في ألمانيا.
ويمكن أن يكون من الصعب على العلماء تحديد العواقب بالنسبة لحيوانات معينة في المحيط، لأنها تتأثر أيضاً بالأنشطة البشرية، بما في ذلك الصيد والتخلص من القمامة في مياه البحار.
وقام مؤلفو الدراسة بوضع خريطة لمستويات الأوكسجين في محيطات العالم في الفترة لما بين 1960 و2010. ورقم 2% يمثل مستويات الأوكسجين بصفة عامة، ولكن الباحثين وجدوا أن العديد من المناطق شهدت نقصاً يزيد على 4%، حيث أن شمال المحيط الأطلسي والمحيط المتجمد قد شهدا أكبر حجم في انخفاض الأوكسجين.
احتباس حراري ويرجح الباحثون أن ظاهرة الاحتباس الحراري لعبت دوراً كبيراً في التغيير. فمستويات الغاز في المحيط تتحكم فيها جزئياً درجة حرارة البحر، إذ عندما ترتفع درجة حرارة الماء، فإن غازات مثل الأوكسجين، و النيتروجين و ثاني أكسيد الكربون تختفي من المحيط، ويقول دنبار "إنك عندما تغلي الماء لعمل الشاي، فإن أحد الأشياء التي تقوم بها هو أنك تخلي الماء من الغاز".
ويمكن تطبيق نفس الفكرة عند التفكير في كميات هائلة من المياه. وقال دنبار: "إن الأوكسجين يغادر المحيطات كلما أصبح الماء أكثر دفئاً بسبب سخونة الجو. ويقول إن ظاهرة الاحتباس الحراري تحدث في المحيطات".
وفي الفترة ما بين 1960 و2010 ارتفعت درجات الحرارة في المحيطات العالمية أكثر من نصف درجة مئوية، وفقاً لدراسة نشرتها دورية "ساينس" عام 2014.
عواقب وخيمة وحذر دنبار من عواقب وخيمة على الحياة البحرية، إذا ما استمرت الأمور على هذا النحو.
وتابع قائلاً: "دعونا نقول إن 2% أخرى خلال 30 أو 40 سنة أخرى، من شأنها أن يكون لها تأثير واضح، وذلك لأن سلسلة الغذاء في مجملها هي التي تتأثر بغياب الأوكسجين"، مضيفاً: "من وجهة نظري، فإن هذا الانخفاض يعتبر ضربة قوية".