يستعد أصحاب شركات التعليم الخاص بالمغرب لعقد جمع لفيدراليتهم في نهاية الأسبوع الجاري لتحديد برنامج للضغط على الدولة من أجل تكييف إجراءات وزارة التربية الوطنية مع مصالحهم. ويشتغل في هذا الاتجاه أرباب المدارس التابعين لحزب العدالة والتنمية الذين باتوا يشكلون جزءا كبيرا من مالكي التعليم الخاص، ومنهم رئيس الحكومة عبدا الإله بنكيران وأسرته ووزير العدل مصطفى الرميد وقياديين آخرين في الحزب الإسلامي، الذين صاروا لوبيا مسيطرا وموجها وسط فيدرالية التعليم الخاص في ظل الحكومة المنتهية ولايتها، ويشعر أرباب المدارس الخاصة أنهم مدينين له بتأخير تنفيذ قرار محمد الوفا بمنع أساتذة التعليم العمومي من التدريس في المدارس الخاصة إلى حدود 2018.
ويحاول أرباب التعليم الخاص تأخير دخول هذا القرار حيز التنفيذ، إذا لم يتح لهم نسفه من الأساس، إلا أن وزير التربية والتكوين المهني رشيد بلمختار مصر على تنفيذ قرار وجده متخذا قبل عودته إلى الوزارة، وهو ما لا ينظر شركاؤه في الحكومة من الإسلاميين إليه بعين الرضى. وهو ما يعكسه خطاب مفتعل يتم تصريفه بالتواء عبر جريدة "أخبار اليوم"، لسان حزب العدالة والتنمية.
ويواجه أصحاب مدارس التعليم الخاص مشكلة على المدى القصير تتمثل في هروب عدد كبير من الأطر التعليمية الذين نجحوا في مباراة الالتحاق بالتعليم العمومي ب"التعاقد" (الكونترا)، الذي اعتمدته الحكومة الحالية بنية التحكم في كتلة الأجور في القطاع العمومي، الذي يقترب من 2000 إطارا توفروا على الشروط المطلوبة لاجتياز المباراة.
وفوجئ أصحاب المدارس الخصوصية بانقطاع عدد من الأساتذة والمعلمين عن الحضور منذ مطلع السنة الجارية، دون سابق إخبار في كثير من الحالات، لكنهم كانوا عاجزين عن القيام بأي شيء، لأن المنقطعين لا يربطهم في الأغلب الأعم أي عقد مع مشغليهم وليس مصرحا بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، إذ تقوم العلاقة على ما يسمى ب"النوار"، وهو ما يساءل أكاديميات و نيابات التعليم والمفتشين الملحقين بها، إذ تشير مصادر عليمة إلى أن هناك تغاضي وتواطؤ في حالات كثيرة، مؤدى عنها في بعض الأحيان، بحيث مازال جزء من التعليم الخاص يشتغل وكأنه ينتمي إلى القطاع غير المنظم رغم وضوح القانون 00-06.
وسجل نفس المصدر أن المدارس الخاصة، التي يتمدرس بها 700 ألف تلميذا حاليا، لا تتوفر في عدد كبير منها على شروط الترخيص، بحيث تنعدم فيها التجهيزات اللازمة لتدريس المواد العلمية، من قبيل المختبرات، ولا تتوفر على ملاعب للرياضة ولا حتى على أدوية ومصحة لتقديم العلاجات المستعجلة وممرض أو ممرضة، وفي مدارس يؤمها عدد كبير من التلاميذ، أو غير ذلك، وهناك ممارسة تنطوي على خطورة قصوى فيما يتعلق بالرياضة، حيث يتم نقل التلاميذ إلى أماكن غير آمنة كالمنتزهات العمومية أو جوار بعض الملاعب .
ويركز عدد من تجار التعليم الخاص، حسب نفس المصدر، على النقل والتغذية أكثر بهدف ربحي، لكنهم لا يهتمون بالجانب البيداغوجي وتكوين الأطر، ويقومون بابتزاز الدولة في كل مرة من خلال التهديد بإغلاق المدارس التي يجنون منها اليوم أرباحا لا تحقق مثيلا لها قطاعات متعددة.
وأشار نفس المصدر إلى أن المدارس الخاصة قد ارتفعت بالنسبة لكل تلميذ ب 100 في المائة مند 2008، ويبرر أصحاب هذه المدارس زيادة أسعار خدماتهم بالنظام الضريبي الخاص بالتعليم الخاص، رغم أنه يوفر امتيازات مهمة مقارنة بالمعدلات العادية للضرائب، لكن المصدر قال أنهم اتبعوا خطى البعثة الفرنسية التي رفعت أسعارها بشكل متواصل بعد أن سحبت الدولة الفرنسية دعمها لها وصارت مدارس تلك البعثة تركز أكثر على أبناء النخبة الاقتصادية. وهناك اليوم، حسب نفس المصدر، تهافت من طرف تجار التعليم الخاص على المدارس العمومية التي أغلقت أبوابها في محور الرباط والدار البيضاء، وهذا ما يجب أن تتعاطى الدولة معه بمسؤولية وبحرص على الممتلكات العامة وعلى تجنب تفويت الريع بشكل عتيق. فالتعليم يبقى في كل الأحوال خدمة عمومية وليس تجارة ربحية تهدف إلى الاغتناء السريع. والدولة مطالبة بالتصدي لكل ابتزاز.