مثلما خلفت نتائج انتخابات السابع أكتوبر تداعيات وإرهاصات على المستوى الحزبي والسياسي، فإن امتدادات مخلفات الاستحقاق التشريعي وصلت إلى العالم الافتراضي، حيث تزايدت أخيرا الاتهامات وسهام النقد الموجهة ضد "شعب الفايسبوك" المغربي بسبب مسؤوليته في التغرير السياسي والغواية الانتخابية في حق قادة أحزاب ورموز سياسية. فالمتتبع والمطلع على نقاشات وسجالات مواقع التواصل الاجتماعي وما زخرت به خلال السنين الفائتة من صخب وغوغاء وتجييش وتهييج وحملات مقاطعة واستنكار ورفض وتحدٍ، سيُخيل له فعلا أن ثمة نسَمَة إلكترونية هائلة مشكلة من جحافل بشرية سينتقل رأيها من التجسيد الالكتروني الافتراضي إلى التنزيل الواقعي العملي.
فمن حملات "شعبية" وشعوبية تستنكر هضم الحكومة ورئيسها لحقوق الأساتذة المتدربين والأطباء والمتصرفين بأعدادهم الهائلة، إلى حملات أخرى نضالية تندد بنظام التقاعد والاقتطاعات التي مست رواتب آلاف الموظفين، مرورا بصفحات وصفحات تشترك فيها ألوف مؤلفة من الرواد المواطنين الناقمين على الوضع والشاجبين للسياسات الحكومية التعسفية، بعد كل هذا طبيعي أن يعتقد المرء أن ثمة معارضة افتراضية جياشة تحمل أوجاع الانتظارات والانشغالات، وتطمح إلى الانصاف والتغيير، فإذا بالاقتراع يفضح هذا الانطباع ويكشف بالملموس أن الافتراضي ما هو إلا افتراضي .
فنسبة المشاركة لم ترق إلى المستوى المأمول، وحزب العدالة والتنمية جدد تصدره للانتخابات رغم القيل والأقاويل؟ وعاد إلى قبة البرلمان من كانت تنتفض في وجهه "جماهير" افتراضية عبر صفحات عنترية "كلنا ضد فلان .. جميعا من أجل إقالة فرتلان ..لنتحد حتى إسقاط هذا.."
أما بعض الزعماء السياسيين فقد أغوتهم هذه الدينامية الافتراضية وهذا الانخراط الشعبي العنكبوتي، فتملكتهم العظمة وآمنوا بالزعامة قبل أن يكتشفوا زيف النوايا وخداع الصبايا، فلم تكن المقاعد النيابية التي نسجها ناخبو " الفايس البوك العنكبوتي" لصالحهم سوى خيوطا من عنكبوت، وما أهون مقاعد العنكبوت !! .
إن الواقع وقائع والافتراض فرضيات، وشتان بين الحقيقة والخيال. فالمراهنة على التنزيل الفعلي للصوت الافتراضي ما هو إلا وهم انطلى على كثيرين..