يكتف المتنافسون في الانتخابات التونسية, وهم يخوضون حملتهم الدعائية التي أوشكت على نهايتها, بالوسائل التقليدية للتواصل مع الناخبين ومحاولة إقناعهم بما يقدمون لهم من برامج ووعود انتخابية, بل لجأ أغلبهم إلى خوض معركة انتخابية افتراضية عبر شبكة الانترنت, بما تتيحه لهم من إمكانات الدعاية والإقناع, خاصة في أوساط الشباب. فقد قامت الأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات بخلق مواقع لها على الشبكة العنكبوتية, لعرض برامجها الانتخابية ومواقفها السياسية, ومواكبة تجمعات ولقاءات مرشحيها في مختلف المدن التونسية, وفتح نقاش مباشر مع المبحرين. وإلى جانب الصحف الورقية, لجأت الصحف الالكترونية وأصحاب المدونات, إلى تخصيص صفحات للانتخابات يتم تطعيمها بالمقالات والتقارير الإخبارية, عن مجريات الانتخابات ومواقف مختلف الفرقاء في هذه الاستحقاقات. وهناك من المواقع من وضع مجموعة من الروابط مع الصفحات التي تدعوا الى التصويت لفائدة هذا المرشح أو ذلك, وإن كان مستوى النقاش والتفاعل الافتراضي يبقى ضعيفا, بالنظر إلى عدد المشاركين فيه والتعليقات والتساؤلات المطروحة حول البرامج الانتخابية. فهذا مثلا الحزب الاجتماعي التحرري, الذي أطلق مع قرب الانتخابات موقعين إلكترونين وثلاث مدونات, إضافة إلى محطة إذاعية عبر الانترنت تحت إسم "راديو الحرية", وهناك أيضا حزب الوحدة الشعبية, الذي يتنافس زعيمه محمد بشيحة على منصب الرئاسة, الذي أطلق موقعا خاصا بمرشحه بالإضافة إلى بوابة خاصة بالحزب ومجموعة مدونات ومنتديات اجتماعية. ونفس المنحى سلكه الحزب الديمقراطي الوحدوي, حيث يكثف أنصاره الدعاية عبر مواقع ومدونات الحزب, لمرشحه لمنصب الرئاسة أحمد الاينوبلي ولباقي مرشحيه للانتخابات التشريعية ويعلق البعض على هذه المعركة الانتخابية الافتراضية بالقول, إنه في ظل فتور الحملة الانتخابية على أرض الواقع, عبر الاتصال المباشر بالناخبين من خلال التجمعات الخطابية في الأماكن العمومية, انتقل التنافس الى الشبكة العنكبوتية لاستجداء أصوات الناخبين الافتراضيين, خاصة الشباب منهم الذين تغريهم النقاشات الافتراضية عبر الانترنت. وعلى الرغم من الأهمية التي تكتسيها فكرة الإقبال الغير المسبوق على العالم الافتراضي, وتوظيفه بأسلوب ذكي لأغراض سياسية, فإن المختصين في تكنولوجيا الإعلام والاتصال, يعتبرون أن أغلب تلك المواقع لا ترقى إلى المستوى المطلوب من الناحية الهندسية والجاذبية, إذ أنها لم تستثمر على الوجه الأمثل الوسائل الهائلة التي توفرها هذه التكنولوجيا. غير أن ذلك لا ينطبق على كل الأحزاب والمرشحين, خاصة بالنسبة لمواقع حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم, التي تتميز عن غيرها بهندسة الكترونية جذابة ومحتوى متجدد ومحين على مدار الساعة, وهو ما يدل على أن الحزب كان مستعدا لهذه المعركة الافتراضية منذ زمن بعيد. وتتصدر المواقع الالكترونية الثلاثة الخاصة بمرشح حزب التجمع الدستوري الديمقراطي لمنصب الرئاسية, الرئيس زين العابدين بن علي, أنشطته خلال الحملة الانتخابية, بالإضافة إلى العديد من الصفحات الخاصة المؤيدة لترشيحه لولاية رئاسية خامسة في الموقع الاجتماعي "فايس بوك". ويتردد هذا التأييد عبر العديد من مواقع الأحزاب والمنظمات المهنية, التي تعتبر الرئيس المنتهية ولايته, هو الأقدر على مواصلة الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تحققت في عهده. وحسب بعض المواقع الالكترونية التونسية, فان هناك نحو 29 في المائة من التونسيين, منخرطون في شبكة "الفايس بوك" للعلاقات الاجتماعية, أي ما ينهز 800 ألف منخرط, يملكون حسابات على هذه الشبكة, 61 في المائة منهم من الذكور و40 في المائة منهم تتراوح أعمارهم ما بين 18 و24 سنة. الجدير بالذكر أن الانتخابات الرئاسية في تونس ستجري يوم الأحد القادم بالتوازي مع الانتخابات التشريعية لانتخاب مجلس النواب.ويتنافس على منصب الرئيس أربعة مرشحين هم بالإضافة إلى الرئيس زين العابدين بن علي, ثلاثة من زعماء أحزاب المعارضة.