أظهرت عملية التصويت على الدستور المرتقب خلافات كبيرة في صفوف ما تبقى من الاختيار الإسلامي أو ما يعرف حاليا بحزب الأمة المحظور لمحمد المرواني والبديل الحضاري المنحل لمصطفى المعتصم. ذلك أنه برغم أن حزبي البديل الحضاري، المنحل بقرار من الوزير الأول، وحزب الأمة، غير المعترف به، تمسكا بالمشروع السياسي لحزب الوحدة والتنمية الذي ترأسه لحسن الداودي سنة 1992، إثر شراكة بين حركة الاختيار الإسلامي والمجموعات الإسلامية التي أسست فيما بعد رابطة المستقبل الإسلامي.
فقد طغى إلى السطح أن موقفهما من الدستور المعروض حاليا للنقاش جاء مختلفا بل متناقضا، ففي الوقت الذي فضل محمد المرواني ورفاقه في حزب الأمة مقاطعة الاستفتاء على الدستور، اختار مصطفى المعتصم ورفاقه في البديل الحضاري التصويت بنعم. وهما معا خرجا أخيرا من السجن بمقتضى عفو ملكي خاص.
ويلتقي الحزبان في مطلب الملكية البرلمانية، الذي كان هو المشروع السياسي لحزب الوحدة والتنمية، إلا انهما اختلفا في تقدير المرحلة، فالبديل يعتبر ما جاء به الدستور الحالي متقدم جدا، ويشكل خطوة نحو الملكية البرلمانية.
بينما لا يرى فيه حزب الأمة ذلك، وإن كانت مبرراته فيها ما هو ذاتي من قبيل عدم إطلاق سراح مجموعة من مناضليه المحكومين في خلية بلعيرج والبالغ عددهم 12 معتقلا وكذلك عدم الترخيص القانوني له.
وسجل حزب البديل الحضاري أن النظام المغربي قد تفاعل بإيجابية مع هذه دينامية التغيير في العالم العربي من خلال العديد من الإجراءات كإعادة النظر في صلاحيات المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان.
وتغييره إلى"المجلس الوطني لحقوق الإنسان" وإعادة النظر في صلاحيات مجلس المنافسة ومؤسسة الوسيط والهيأة الوطنية لمحاربة الرشوة وإطلاق سراح بعض المعتقلين السياسيين والمصادقة على اتفاقية مناهضة التعذيب وتوسيع دائرة استعمال الإعلام العمومي.
بالإضافة إلى فتح ورش الإصلاح الدستوري مما أعطى انطباعا بأن المغرب قد يشكل استثناء حقيقيا داخل المنظومة العربية. و قال حزب الأمة في بيان له" لقد كانت مجمل الإشارات السياسية السلبية الآتية من السلطة كافية للقول بأن لا شيء يبعث على التفاؤل في أن يشكل المغرب استثناء في التحول إلى الديمقراطية من خلال تفاعل السلطة الإيجابي مع مطالب الشعب المغربي التي عبرت عنها حركة 20 فبراير وكل القوى السياسية الديمقراطية الوطنية اليسارية والإسلامية".
وأشار بيان البديل الحضاري إلى أن "إن الأمانة العامة لحزب البديل الحضاري تسجل أن ما جاء في مسودة الدستور الجديد قد حمل الكثير من الإيجابيات قد تكون بعون الله محفزا على دفع المغرب نحو الانتقال إلى الديمقراطية سواء من خلال الصلاحيات التي أصبحت للبرلمان أو الصلاحيات التي أعطيت للحكومة التي سيترأسها رئيس حكومة من الحزب الأول الذي ستفرزه صناديق الاقتراع.
وذكر أيضا أن هذا الدستور المقترح لم يرتق إلى ما كنا نتطلع إليه حيث إن الفصلين 41 و42 على سبيل المثال لا الحصر، يمكن تأويلهما تأويلات قد تعيد للأذهان ما حدث مع الفصل 19 من دستور 1996 ، أي أننا أمام التباسات عديدة قد تجعل الدستور المقترح دون الآمال و الأفاق التي فتحها خطاب 09 مارس 2011 .