أفادت مصادر صحفية جزائرية، اليوم الثلاثاء، ان تحديد العهدات الرئاسية بعهدين وترسيم اللغة الأمازيغية كلغة وطنية ورسمية هي أهم ما تضمنه مشروع تعديل الدستور الذي قدمه اليوم أحمد أويحيى، مدير ديوان رئاسة الجمهورية، خلال ندوة صحفية باقامة الدولة لجنان الميثاق بالعاصمة الجزائر.. ويأتي هذا التعديل ليضع حدا لأربع سنوات من المخاض ويميط اللثام عن مشروع تعديل الدستور، الذي تضمن تحديد العهدات الرئاسية بعهدين فقد وهو بند غير قابل للتعديل مستقبلا. كما أن أهم تعديل آخر جاء به هذا المشروع هو دسترة اللغة الأمازيغية كلغة وطنية ورسمية وانشاء مجمع لترقيتها.
كما تضمن المشروع الجديد، حسب موقع جريدة الخبر الذي أورد الخبر اليوم، حصر اللجوء الى المراسيم الرئاسية في الحالات المستعجلة وخلال عطلة البرلمان. إلى ذلك أقر المشروع ضرورة استشارة رئيس الجمهورية للأغلبية البرلمانية عند تعيين الوزير الأول. كما ان هذا الأخير ملزم في بند آخر من التعديل بتقديم عرض السياسة العامة للبلاد في بداية كل سنة.
أما فيما تعلق بالمعارضة وتعزيز دورها، فتشير مسودة الدستور الى ان "هنالك اجراءات مقترحة حول حقوق المعارضة التي تنص أنه للمعارضة حق التعبير والاجتماع وحق الحصول على وقت في وسائل الاعلام العمومية وحق الحصول على إعانة حسب تمثيلها في البرلمان".
كما تضمن المشروع أيضا انشاء هيئة وطنية مكلفة بتأطير الانتخابات لضمان شفافيتها.
يشار أن النظام الجزائري اضطر إلى الاعتراف الدستوري بالامازيغية، سنة 2002، حيث اعلن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في خطاب الى الشعب آنذاك، انه سيعدل دستور البلاد لتصبح اللغة الامازيغية لغة وطنية في الجزائر، دون وذلك بعد أحداث الربيع الاسود التي اندلعت سنة 2001 وراح ضحيتها حوالي 60 قايلا وأكثر من 2000 جريح..
إلا ان بوتفليقة لم يذهب بعيدا في هذا المجال، حيث رفض دسترة الامازيغية كلغة رسمية للبلاد، كما تطالب بذلك الحركة الامازيغية و"لائحة القصر" التي على اساسها تفاوضت تنسيقية العروش القبائلية مع النظام وجاء خطاب بوتفليقة ليستجيب لبعض مضامينها..
وذهب بوتفليقة آنذاك حدّ القول بان قضية ترسيم الامازيغية يجب ان تطرح للاستفتاء الشعبي، وهو ما اثار غضب مناضلي الحركة الامازيغية وباقي الديمقراطيين بالجزائر الذين رأوا في ذلك محاولة الهروب إلى الامام، واعتبروا ان هذا الطرح يستدعي طرح ترسيم اللغة العربية أيضا للاستفتاء الشعبي..
أما بخصوص العهدات الرئاسية، تجدر الاشارة إلى أن الدستور كان يحددها في عهدتين، إلا ان بوتفليقة (او من يقفون وراءه) عدل الدستور لكي يستمر في كرسي الرئاسة مدى الحياة. وفي هذا الصدد يقول بعض المحللين بالجزائر أن تقليص العهدة الرئاسية لا يعتبر "حدثا سياسيا جديدا بل إن هذا التقليص هو مجرد إحياء للبند القديم الذي تضمنه دستور مرحلة ما قبل بوتفليقة وألغاه هذا الأخير ليشرع لنفسه أربع عهدات متتالية رغم رفض المعارضة وامتعاض الشعب الجزائري".
كما أن الاعتراف باللغة الأمازيغية، يضيف المتتبعون، على طريقة النظام الجزائري لا يعني بأي شكل من الأشكال إدخال هذه اللغة في دورة العمل بالإدارات، وفي مسرح الحياة اليومية على المستوى الوطني، أو إخراجها من المرحلة الشفوية إلى مرحلة التدوين المتطور. "إن جميع المؤشرات والتجارب السابقة تؤكد أن اللغة الأمازيغية توظف دائما من طرف النظام الجزائري لغايات انتخابية، ولتنويم المعارضة الأمازيغية التي تم تدجينها وتحويلها إلى مجرد فولكلور محلي". وهو ما فعله بوتفليقة بُعيد احداث الربيع الاسود (تافسوت تابركانت) وقبل الانتخابات التشريعية سنة 2002 لدرء غضب الامازيغ واستعطافهم..