منذ أسابيع، مر مدير المخابرات الأمريكية (سي إي أي) على خط جهنم، حين مساءلته من طرف لجنة في الكونغرس عن عدم تنبؤ أجهزته المبثوثة في مختلف العواصم والمدن العربية، بما عرفته الساحة السياسية من أحداث متسارعة، ميزتها قلب الأنظمة، الأكثر قوة وتمكنا من ضبط عقارب ساعة بلدانها، مع حلول كل يوم جمعة. هذه الواقعة تؤكد عدم إطلاقية مسلمة طالما عششت في العقول ومفادها أن أمريكا هي التي تخطط للعالم كيف يسير، إذ أصبحت واشنطن عاجزة عن تفسير بعض المستجدات الطارئة في أكثر من عاصمة عربية.
ولقد أصبحت أكثر من جهة في مراكز القرار بالإدارة الأمريكية تنبه إلى أن تشجيع هذه الأخيرة لمسلسل ل"ربيع الثورات العربية" قد يجعلها تعيش، فيما بعد،إعادة إنتاج التجربة الأفغانية، حيث انقلب عليها الثوار وأقاموا نظام "طالبان" الذي احتضن"القاعدة" المخططة والمدبرة لتفجيرات 11 شتنبر وباقي العمليات الإرهابية التي هزت عددا من مناطق العالم. ففي مصر، يعيش شباب الثورة التي أطاحت بالرئيس محمد حسني مبارك وزجت بابنيه علاء وجمال و جل أركان نظامه في السجون، على صدمة قوية سببها عجزه عن حماية ثورته التي سهر من أجلها الليالي في "ميدان التحرير" من عملية سرقة موصوفة نجح في اقترافها، بكل مكر، الظلاميون التي تسللوا إلى قلب الشارع لجني ثمار تضحيات شباب بلاد الكنانة.
وبهذا السطو، أصبحت مصر التعايش بين المسلمين والأقباط، على كف عفريت، بعد أن نجح الإخوان المسلون في زرع بذور الفتنة الطائفية، التي تتهدد مصر بالتقسيم إلى ثلاث دويلات( النوبة، الصعيد، وشمال مصر).
السيناريو نفسه، وإن تباينت طبيعة الشخصيات المؤيدة لدور الانقضاض على الثورة الشبابية، تعرفه اليمن وسوريا وليبيا، وإلى حد ما المغرب الذي هيمنت فيه قوى الظلام السلفية و اليسار العدمي على حركة 20 فبراير.
ويطرح هذا الواقع تساؤلا عريضا عن الأسباب الكامنة وراء استهداف الثورات للبلدان العربية الديمقراطية نسبيا و عدم وصول لهيبها إلى الدول الأكثر تزمتا و ديكتاتورية؟ قد يكون الجواد مرتبطا بأجندة تهدف إلى استيراد النموذج الإيراني في الحكم ( دولة ولاية الفقيه، ورئيس وحكومة يخضعان للمرشد الأعلى).
ذلك هو حلم الإخوان المسلمين الذي بدأ يتحقق في مصر، ومطمع القاعدة والحوثيين في اليمن.
بالنسبة للمغرب، لقد انكشفت اللعبة،لحسن الحظ، بعد أن فطن الشعب إلى وهم أصحاب "القومة" و"الحالمين" بسراب" جمهوري الحريف".
إعلان بشان سرقة: عاد القائمون على موقع هبة بريس الى سرقة مقالات صحافيينا، وهم بذلك يسطون على مجهود إنساني يعمل الصحفي طوال اليوم لإعداده لقرائه، لكن موقع هبة بريس المعروف بهذه الأعمال المنافية للأخلاق والقانون مازال يستنزف مجهوداتنا ويقدمها بإسمه في سرقة فكرية خطيرة وغير مسبوقة.