التقت إرادتان للإطاحة بنظام مبارك: إرادة إيران والإخوان المسلمين وإرادة أمريكا وإن كان هذا الحلف قد توحد حول هدف واحد ألا وهو إسقاط النظام المصري فإن تفاصيل ونقط الاختلاف لما بعد رحيل مبارك تبقى غير معروفة. إلا أن المعروف هو أن قناة الجزيرة تحولت إلى ناطق باسم هاتين الإرادتين أعد الغلاف : عبد الرحيم أريري- يوسف خطيب حينما قال "مائير داغان" رئيس المخابرات الإسرائيلية متهكما :"إن قناة الجزيرة قد تكون السبب القادم للحرب في الشرق الأوسط"، وفق ما أوردته الوثائق المسلية "ويكيليكس" لم تؤخذ سخرية الرقم الأول في جهاز الموساد على محمل الجد. لكن مع اندلاع شرارة الاحتجاج الشعبي ضد نظام مبارك في مصر وتحول قناة الجزيرة إلى قناة "شبة متخصصة" في التقاط أشد تفاصيل الغليان المصري بدأت الأوساط السياسية تراجع ما تضمنته تسريبات ويكيليكس من معطيات حول إعادة رسم الخريطة السياسية بمنطقة الشرق الأوسط، خاصة وأن ذلك تزامن مع بث الجزيرة لتسريبات أخرى بشأن المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية. رسم الخرائط سند المراقبين في ذلك أن قناة الجزيرة أضحت منذ أن تمت قرصنتها من طرف التيار الإسلاموي في شخص وضاح خنفر عام 2004، تدور في فلك جيواستراتيجي أعلى، وهو الفلك الذي يقسم العالم العربي إلى محورين :الأول هو ما تعتبره قناة الجزيرة محور المتشددين ويضم إيران وحزب الله وحماس وسوريا وقطر ثم تركيا مؤخرا مقابل محور الاعتدال بزعامة مصر والأردن واليمن وتونس والسعودية والسلطة الوطنية الفلسطينية. "بدون استحضار هذا المعطى –والكلام لأحد العارفين ببواطن الأمور في قناة الدوحة- يصعب على المرء أن يفهم تحركات قناة الجزيرة. فهي اليوم مسخرة لضرب المحور الثاني وتدمير السلطة الوطنية الفلسطينية لاغتيال عباس أبو مازن سياسيا واغتيال كل من هو محسوب عليه بالعالم العربي". واستدل محاورنا بتزامن ذلك ببث تسريبات حول مضمون المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، وهو تسريب لا يبث سوى ما يضر بالجانب الفلسطيني وتحديدا بصورة عباس وبصورة منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الطرف المفاوض، وذلك بغية إبراز حركة حماس بأنها الحركة الأكثر تأهيلا لقيادة تكتل جديد يبنى على أنقاض منظمة التحرير الفلسطينية ليتفاوض باسم الفلسطينيين. هذه التسريبات تزامنت مع اندلاع موجة الاحتجاج الشعبي ضد نظام الرئيس المصري حسني مبارك مما اعتبره متتبعون مؤشرا (أي تركيز الجزيرة على مواكبة هذا الاحتجاج بالتفصيل الممل) على الرغبة في دق آخر مسمار في نعش المحور المعتدل، خاصة بعد أن تم إحكام القبضة بالمنطقة عبر ملف سوريا وحزب الله وإسقاط حكومة الحريري ( الموالية للسعودية) بلبنان. وبالتالي لم تبق سوى الحلقة المصرية المتهمة بأنها "صنيعة أمريكا وحليف إسرائيل"! بل وقد يأتي الدور لتوظيف الجزيرة في اليمن وموريتانيا أيضا وفق ما بدأت تروجه بعض الأقلام المحسوبة على قناة الجزيرة، وهو ترويج لم يخل من دلالة خاصة وانه الجزيرة في تغطيتها لأحداث اليمن وللصراع بين نظام عبد الله صالح والحوثيين نجد الجزيرة تميل إلى الشيعة الزنديين، على الأقل هم أقل خطرا بالنسبة لأمريكا من القاعدة خاصة وأن اليمن تحولت إلى "أفغانستان صغيرة" (little Afghanistan). نفس الشيء يصدق على موريتانيا التي تمثل بؤرة قلق لأمريكا بسبب تزايد مخاطر القاعدة هناك. وبالتالي لا بأس من توظيف الجزيرة –حسب هؤلاء- لتفكيك بنيات كل الأنظمة التي فشلت في احتواء التحولات الجديدة أو الرغبة الأمريكية في إعادة رسم الخرائط السياسية بالشرق الأوسط. بدليل أن الصورة الوردية التي تحاول الجزيرة تقديمها عن أمريكا بتزامن مع احتجاج الشارع العربي، من كونها أي أمريكا دولة حليفة الأمم والداعية إلى احترام إرادة الشعوب هي الدولة نفسها التي صادرت حق الشعب الفلسطيني ف-ي اختيار حكامة عام 2006 وهي الدولة التي لم تضغط آنذاك لإجبار الساسة على التفاوض مع الشعب الفلسطيني. فالوصفة الحالية للتغيير السياسي في البلدان العربية سهلة التحضير، يقول مراقبون "يكفي أن تجد شخصيات عربية تحمل جنسية دولة أوربية أو تتوفر على البطاقة الخضراء الأمريكية (Green carte) ورجل دين من طينة يوسف القرضاوي وبيان دعائي من إدارة أوباما وتغطية مخدومة لقناة الجزيرة لتحصل على التغيير السياسي فورا (Now) على غرار الفاست فود Faste Food أو "تي جي في" الديمقراطية. القرصنة وفي هذا الإطار لم يتردد صحفي سابق في القول أنه حينما يحرق بضعة أفراد عجلة في شارع بعمان بالأردن أو تونس أو رام الله فإن قناة الجزيرة تسخر لتغطية الحدث فيالق من المراسلين وتسدد الفاتورة الباهظة لكراء الأقمار الصناعية لتأمين البث المباشر لكن حينما يخرج متظاهرون بمئات الآلاف في شوارع طهران ضد تزوير انتخابات الرئيس الإيراني أحمدي نجاد أو خروج آلاف اللبنانيين في بيروت ضد هيمنة الحلف السوري وحزب الله ضد المسلمين السنة فإن كاميرات الجزيرة تنطفئ. صحيح أن قناة الجزيرة خلخلت المشهد الإعلامي بالعالم العربي وعرت عن تكلس الأنظمة العربية الطاعنة في الغلو وإغلاق الفضاء العمومي أمام النقاشات لكل التيارات السياسية، وصحيح أن قناة الدوحة قادت حوالي 40 مليون مشاهد بالعالم العربي إلى اكتشاف سقف آخر يتمتع فيه الضيف بمساحة كبيرة للتعريف بوجهة نظره، لكن منذ قرصنتها على يد تيار الإسلاميين بعد سقوط نظام صدام حسين وإعفاء جاسم العلي (ذو التوجه القومي) من إدارة القناة أصبح لدى الصحفيين بالجزيرة "إحساس بأننا أصبحنا نعمل في قناة تلفزية تابعة لطالبان" وفق شهادة استقتها صحيفة لوموند يوم 22 يونيو 2010. لأن الجزيرة في نظرهم "تبدأ فيها نشرة الأخبار بحركة حماس في غزة وتنهيها بحركة الشباب المسلم بالصومال. أي أن الصورة لا تتضمن سوى الدم والقتلى ". لدرجة أن إحدى الصحفيات من بين اللواتي قدمن استقالتهن من الجزيرة في ماي 2010 بسبب التدخل في حريتهن الشخصية وإلزامهن ارتداء زي إسلاموي شبهت الوضع ب"تحويل مسار الطائرة". وهي الطائرة التي يقودها ربان ليس سوى وضاح خنفر. هذا الأخير لم يقد القناة نحو المزيد من الشهرة فقط، بل وجلب لها السخط واللعنات بسبب ارتباطاته مع التيارات الإسلاموية لدرجة أن صحيفة بالجزيرة تقول بأن يوم 29 مارس 2006 سيبقى منقوشا في ذاكرتها. ففي ذلك اليوم وعقب فوز إيهود أولمرت في إسرائيل لم تخصص الجزيرة سوى بضع دقائق لهذا الانتخاب، في حين منحت آنذاك لإسماعيل هنية (أحد زعماء حركة حماس) ساعة وما يزيد ! وهو ما شكل بداية المنعطف نحو تسخير الجزيرة لخدمة الحلف الأول المذكور. هذا المنعطف سيتضح أكثر بعد انقسام الفلسطينيين وانقسام العالم العربي بين مؤيد لسلطة عباس ومؤيد لسلطة حماس. ومنذ ذاك التاريخ "فقدت الجزيرة توازنها" يقول صحفيون فإذا ارتكبت السلطة الفلسطينية خطأ جسيما تغض الجزيرة الطرف عنه. فالهدف الأول الآن هو تحطيم الأنظمة المعادية للمحور الأول وخدمة الأجندة الأمريكية يقول عارفون. لكن ما لا يعرفه أدق المتتبعين هو أن سلاح الدمار الشامل ضد الجزيرة هو جهاز التحكم عن بعد، الذي لا يحسن العديد من المشاهدين العرب استعماله. وضاح خنفر: حصان "الجزيرة"الإسلامي قبل أن يسطع نجم وضاح خنفر في السماء القطرية ويصبح مديرا عاما لقناة الجزيرة، كان يتاجر في السودان التي تحولت، في عقد التسعينيات، إلى وجهة مفضلة لكل الإسلاميين في العالم، بمن فيهم أسامة بن لادن، بعدما تمكن حسن الترابي من بسط سيطرته الشاملة على السلطة، حيث تقوت الحركات الإسلامية ولاحت الشبهات هناك في السودان حولا قيام بعض الإسلاميين بتبييض الأموال لفائدة الجماعات المتطرفة مما قاد إلى ضرب السودان وهروب بن لادن إلى أفغانستان. وحسب ما تذكره بعض الشهادات فإن وضاح خنفر، الفلسطيني الذي ولد بجنين عام 1968 وتابع دراسته الهندسية بالأردن كان عضوا نشيطا بجماعة الإخوان المسلمين في عمان. كما سبق له أن كان عضوا قياديا في مكتب حركة حماس بالسودان. التحاق وضاح خنفر بالعمل في قناة الجزيرة تم بعد ضرب السودان، حيث هاجر إلى جنوب إفريقيا لمتابعة تجارته. وتشاء الصدف أن أنجز الصحفي محمد خير البوريني ربورتاجا حول المسلمين في جنوب إفريقيا وحاور مجموعة من القيادات الإسلامية بجوهانسبورغ، ضمنهم وضاح خنفر وبحكم أن هذا الأخير كان ضمن القلائل الذين يجيدون الحديث باللغة العربية اقترح البرويني على إدارة "الجزيرة" أن يعمل وضاح مراسلا لها بجنوب إفريقيا، وهو ما وافقت عليه القناة، بعدما استفاد من تكوين سريع، حيث غطى عددا من الأحداث في مختلف أنحاء إفريقيا، ثم انتقل إلى الهند بعيد تفجيرات نيويورك (شتنبر 2001) لتغطية تداعيات الحرب على أفغانستان. وبعد سقوط طاليان وقصف مكتب الجزيرة بكابول ذهب خنفر إلى أفغانستان وواصل تغطية الأحداث في مختلف أنحاء أفغانستان لمدة خمسة أشهر، بعدما انتقل للعمل في العراق، حيث تتبع مجريات الأحداث قبيل الحرب على العراق من السليمانية شمالي العراق، ثم غطى الحرب من خلال إقامته في شمال العراق،وبعد أن سقطت بغداد انتقل إليها وعين مديرا لمكتب الجزيرة في العراق. وما إن استحوذ تيار حماس والتيار الإخواني على "الجزيرة"، حتى طرد جاسم العلي من إدارة القناة بتهمة "العمالة لنظام صدام حسين" (2003)، علما أن هذا الأخير كان له الفضل في إدخال الجزيرة إلى عالم النجومية لاستفادته من صداقات المقربين من صدام حسين الذين سهلوا للقناة تصوير مجريات الحرب، ثم جيء بالفلسطيني عدنان شريف الذي لم يشف غليل أصحاب القناة، فأعفى في غضون 6 أشهر من مهامه ليتم استقدام وضاح خنفر (أحد غلاة حركة حماس) أمام اندهاش أغلب المستغلين في مجال الإعلام في العالم العربي، إذ كان وضاح- وهو المراسل الذي برز خصوصا في حربي أفغانستان والعراق- قد اقترب من الخانة المتقدمة للمسؤولين في العراق، بفضل تعاون المدير العام السابق للقناة جاسم العلي الذي سهل له إنجاح برنامجه "المشهد العراقي" والذي كان يذاع على الهواء مباشرة من بغداد ! هكذا تمكن وضاح خنفر من أن يسمك بدفة إحدى أهم المحطات الفضائية العربية، لكنه ما إن وضع أقدامه في قطر حتى أحضر معارفه الفلسطينيين من حماس فضلا عن أصدقائه من السودان وجنوب إفريقيا الذين كانت لهم أفضال عليه، حيث استقدم مدير موقع الجزيرة الإنجليزي من جنوب إفريقيا، ومدير مكتبها بواشنطن (أيضا من جنوب إفريقيا) ، ناهيك عن مدير مركز الدراسات وهو سوداني .. إلخ. فيصل القاسم (الاتجاه المعاكس) ارتبط اسمه بأشهر برنامج أطلقته "الجزيرة" بعد تأسيسها : الاتجاه المعاكس. وقد التحق بالقناة عام 1996،وهو حاصل على دكتوراه في الأدب الإنجليزي من جامعة "هل" في بريطانيا عام 1990. عمل مقدما لنشرات إخبارية في تلفزيون "البي بي سي". كما سبق له قبل ذلك أن كان مراسلا لإذاعة الإمارات العربية في لندن، ثم مقدما لبرنامج الصحافة في قناة الإم بي سي السعودية. فضلا عن كونه معدا لمجموعة من البرامج السياسية في الإذاعة والتلفزيون. أحمد منصور (شاهد على العصر) ارتبط اسمه ببرنامج "شاهد على العصر". وهو حاصل على بكالوريوس آداب من جامعة المنصورة في مصر عام 1984. وقد عمل مراسلا للعديد من الصحف العربية في باكستان. كما قام بتغطية الحرب الأفغانية (1987-1990)، وحرب "البوسنة والهرسك" (1995-1994)، ومعركة الفلوجة الأولى في العراق (2004). فضلا عن كونه كان مديرا لمجلة المجتمع الكويتية، له العديد من الإصدارات، ويشارك ككاتب رأي في صحف ومجلات عربية. ويعرف عنه أنه من أنصار حركة الإخوان المسلمين في مصر. جمال ريان ( حصاد اليوم) ارتبط اسمه ب"حصاد اليوم"، وهو فلسطيني من مواليد غشت 1953، وكان قبل أن يلتحق بإذاعة "البي بي سي"، مقدما للأخبار في التلفزيون الأردني عام 1974، ثم التحق بهيأة إذاعة كوريا الجنوبية عام 1979 ثم اشتغل في تلفزيون "أبو ظبي" بالإمارات العربية. وبعد الهروب الكبير الذي قام به مجموعة من صحافيي "الي بي سي" اتجه نحو قطر للاشتغال بقناة الجزيرة. وهو صحافي مقعد إذ يعاني من شلل في الجزء السفلي. جميل عازر (الملف الأسبوعي) صاحب شعار القناة "الرأي.. والرأي الآخر" حاصل على دبلوم علوم سياسية، فضلا عن دبلوم في الترجمة القانونية من جامعة لندن وهو أردني مسيحي من أم يهودية. مذيع سابق في إذاعة البي بي سي. بدأ مسيرته كمترجم ومقدم برامج، كما عمل محررا. يقدم على قناة الجزيرة برنامج "الملف الأسبوعي" كما يتحمل مسؤولية التدقيق اللغوي والإخباري داخل القناة. محمد الغماري، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني عين الشق الجزيرة أضحت سوطا بيد أمريكا لجلد الأنظمة يرى محمد الغماري، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني عين الشق بالدار البيضاء أن أمريكا هي من شجع على خلق قناة الجزيرة لضرب أي نظام عربي ترغب في انتقاده دون أن يحسب ذلك على واشنطن. واستدل الغماري بما يجري حاليا من احتجاجات في الشارع العربي حيث يتم تقديم أمريكا وكأنها حليفة الشعوب ومناصرة الديمقراطية لتشتري عذريتها المفقودة بسبب الفظاعات بالصومال والعراق وأفغانستان. واتهم الإعلام الرسمي التلفزي في الدول العربية الذي تسبب في "الحريك" نحو الفضائيات. • فعلا قلت ذلك،، وهو قول تزامن مع توقيت ميلاد قناة الجزيرة التي ظهرت في وقت بدأت فيه أمريكا تحكم هيمنتها على العالم العربي والإسلامي وتزامن ذلك مع الهجوم على العراق وثم من بعد على أفغانستان. إذ أن هذا الهجوم جعل أمريكا تبحث عن وسيلة لجعل الدول العربية تتخذ موقفا استسلاميا أمام المد الأمريكي. وهو ما قاد إلى وضع سيناريو عبر التشجيع على خلق مؤسسة إعلامية من شأنها أن تستعملها للانتقاد والطعن في مصداقية أي نظام عربي. فوقع الاختيار على دولة صغيرة وهي قطر، فرغم أن قطر دولة صغيرة فهي كبيرة الطموح والأطماع. فقطر كانت تريد أن تخدم أمريكا لتحمي نفسها ولممارسة نوع من الإشعاع، دون أن تتعرض لانتقاد قوي من الدول العربية. حيث أصبحت قطر كأنها دولة ديمقراطية، تتدخل في الشؤون الداخلية والصراعات والنزاعات التي تكون بين الدول العربية وإسرائيل. فقطر تخدم أمريكا بالأساس رغم أنها تظهر أنها تخدم أمريكا بالأساس رغم أنها تظهر أنها تخدم السلام والدول العربية، هذه الوظيفة جعلت قطر محمية من الولايات المتحدة الأمريكية، ومقربة منها... • هذا التحول جاء بعد مجموعة من الأحداث وتطور الأمور، فالعقلية الاستعمارية الأمريكية تنبني على أنه عندما تختار خدمة أمريكا فيجب أن تظل في خدمتها إلى الأبد. فمثلا لا يمكن للجزيرة أن تتحفظ على اعتقال أو إبعاد بعض الصحفيين في غوانتانامو. فأمريكا تريد أن تظل قطر آلة مسخرة في يد أمريكا. لكن عندما ذهبت أمريكا بعيدا في خرقها للقانون الدولي، خاصة عندما اعتقلت صحفي الجزيرة ورمت بهم في معتقل غوانتانامو. تغيرت الأمور، وزاد في تأزيمها احتلال أمريكا للعراق سنة 2003، بصفة غير قانونية. الأمر الذي جعل بعض أصدقاء أمريكا ينتقدونها ويستنكرون سلوكها الاستعماري. وهو ما شجع بعض الصحفيين في الجزيرة ليغيروا نظرتهم إلى أمريكا، خاصة عندما سجن عدد كبير منهم ولم تتدخل أمريكا للإفراج عنهم. مع العلم أن قناة الجزيرة كانت تساند السياسة الأمريكية قبل 2003. • أمريكا أرادت أن تؤثر في النخبة العربية، فقررت أن تصرف 500 مليون دولار في مجال الإعلام، خصوصا في الشهور الأولى من احتلال العراق. فكانت الفكرة هي إحداث قناة الحرة التي كانت تستهدف النخب العربية من أجل توجيهها في الاتجاه الذي يخدم مصالح أمريكا. • هذا الصحيح، فأمريكا ركزت على الإعلام، انطلاقا من إيمانها أن دور وسائل الإعلام مهم في الترويج لسياستها الخارجية. أي البحث عن وسائل إعلام تجعل الرأي العام يتكلم بعقلية أمريكا. فالجزيرة لعبت دورا كبيرا في فضح الأنظمة العربية، لكن السؤال الذي ظل مطروحا من سيفضح قطر؟ ولماذا لا توجه الجزيرة انتقادها وكاميراتها لدولة قطر وحكامها؟ • لأن قناة الجزيرة أصبحت متنفسا للمثقفين العرب، لاسيما أنهم لا تعطى لهم الفرصة للتكلم في قنواتهم الرسمية سواء العمومية أو الخاصة فهي نافذة يستغلونها بعد انسداد الأفق الإعلامي التلفزي ببلدانهم أمامهم. • نعم هذا صحيح، لأن خطأ الأنظمة العربية يتجلى في كونها لم تترك لشعوبها حرية التعبير في قنواتها الرسمية. • في الواقع غيرت الجزيرة من موقعها لأنها فهمت أن عددا كبيرا من المشاهدين فهموا اللعبة التي تمارسها في خدمة مصالح أمريكا، وهي الآن تحاول تلميع صورتها لاسترجاع بريقها بتركيزها على قضايا ومشاكل لم تكن تطرح في الماضي داخل البلدان العربية. فضلا عن حرصها على إعطاء مساحة كبرى لتغطية قضايا تستأثر باهتمام الرأي العام العربي كالعدوان الإسرائيلي على غزة، وعلى جنوب لبنان. وكل هذا بحثا عن استرجاع شعبيتها... • هذا صحيح، لأن الولايات المتحدة تظهر من خلال التغطية التي تبثها قناة الجزيرة على أنها دولة لا تتدخل في شؤون الدول العربية، وأنها تدافع عن حق الشعوب أي أن أمريكا نقدم بوصفها حليفة الشعوب وليس عدوتها كما كان في السابق وذلك محاولة من أمريكا أن تحسن صورتها البشعة الناجمة عن فضاعات جيوشها في العراق وأفغانستان والصومال وغيرها من الدول التي اكتوت بنيران العسكر الأمريكي. بمعنى آخر يتم تسخير قناة الجزيرة حاليا لشراء عذرية لا تتم إلا بتركيز قناة الجزيرة على نشر كل ما يشوه الدول التي لا تساير قطر والدول المتحالفة معها في خططهم. o أنت واحد من الأساتذة الجامعيين الذين يقولون أن قناة "الجزيرة" هي الابنة الشرعية للولايات المتحدة الأمريكية، هل يمكن أن توضح لنا ما هي المبررات التي جعلتك تتبنى هذا الطرح؟ o كيف تفسر هذه المفارقة: أن الجزيرة وجدت للدفاع على مصالح أمريكا كما قلت، في حين أن عددا من المسؤولين الأمريكيين على أعلى مستوى كانوا سليطي اللسان مع الجزيرة لدرجة أنه في وقت من الأوقات كانت أمريكا ترغب في قصف مكاتبها؟ o إذا كان الأمر كذلك، فما مبرر خلق أمريكا لقناة أخرى. وأقصد قناة الحرة؟ o هل تعني أن الجزيرة وجدت لمخاطبة العامة ورجل الشارع العادي في حين تخاطب قناة الحرة النخب السياسية والثقافية؟ o تأسيسا على قولك بأن النخب العربية تعرف قناة الجزيرة وبأنها صنيعة أمريكية، فما هو السبب الذي يجعل العديد يتابعها...؟ o نفهم من كلامك أنه إذا تم تحرير ودمقرطة وسائل الإعلام في الدول العربية ستفقد الجزيرة بريقها؟ o لا يتردد العديد من المتتبعين في اتهام قناة الجزيرة بكونها قناة تروج للطرح الإسلاموي وأنها بوق للحركات الإسلاموية في العالم العربي. هل تشاطرهم الطرح؟ o على هامش الاحتجاجات التي تعرفها حاليا بعض الدول العربية هناك من يقول أن الجزيرة تخدم أجندة الإدارة الأمريكية لسرقة إرادة الشعوب وتنصيب حكام موالون للغرب بدورهم. أين يتجلى ذلك؟ ويكيليكس: النظام القطري يستخدم "قناة الجزيرة" لتصفية حساباته مع خصومه تسريبات ويكيليكس ضمت وثائق حول لقاء سري جمع بين الشيخ حمد بن جاسم وزير الخارجية القطري ومسؤول إسرائيلي نافذ في السلطة، حيث كشف الشيخ جاسم للمسؤول الإسرائيلي أن الدوحة تتبنى خطة لضرب استقرار مصر بعنف، وأن "قناة الجزيرة" ستلعب الدور المحوري لتنفيذ هذه الخطة، عن طريق اللعب بمشاعر المصريين لإحداث هذه الفوضى. الوثيقة أشارت إلى أن الشيخ حمد بن جاسم وصف مصر ب"الطبيب الذي لديه مريض واحد" ويجب أن يستمر مرضه"، مؤكدا أن المريض هو القضية الفلسطينية وأن مصر تطمع إلى إطالة القضية الفلسطينية دون حل، حتى لا تصبح مصر بلا قضية تضعها في منصب القائد للمنطقة العربية. وكان "ويكيليكس" قد أشار إلى أن لديه سبع وثائق عن قطر، نشر منها 5 وثائق بينما حجب وثيقتين بعد تفاوض قطر مع إدارة الموقع الذي طلب مبالغ ضخمة حتى لا يتم النشر لما تحويه من معلومات خطيرة عن لقاءات مع مسؤولين إسرائيليين وأمريكان وان هذه اللقاءات كلها للتحريض ضد مصر. وعلى الرغم من أن الموقع التزم بسرية الوثيقتين بعد أن حصل على الثمن من القطريين، إلا أنه تم تسريبها إلى عدد من وسائل الإعلام، أهمها جريدة "الغارديان" التي نشرت نصفها على موقعها وشملت ضمن محتواها تحليل السفارة الأمريكية لموقع "قناة الجزيرة" على خريطة التحرك السياسي لقطر ودورها في رسم ملامح سياسة قطر الخارجية. وتتحدث الوثيقة التي حملت رقم 432 بتاريخ 1 يوليوز 2009 عن اللقاء الذي استغرق 50 دقيقة بين الشيخ حمد بن جاسم و"قناة الجزيرة" إذ أسهب بن جاسم في الحديث عن السياسة الخارجية القطرية، بما فيها المصالحة الفلسطينية وعملية السلام. كما لم يدخر جهدا في شن هجوم شرس على مصر وسياساتها بشكل مباشر وغير مباشر في لحظات أخرى. السفير الأمريكي قام بتحليل اللقاء،وخلص إلى أن "قناة الجزيرة" أداة في يد القطريين يستخدمونها كيفما يشاؤون لخدمة مصالحهم وأجنداتهم على حساب أطراف أخرى. أما الوثيقة الثانية التي حملت رقم 677 بتاريخ 19 نونبر 2009، فقد تعلقت بتقييم شامل تعده الأقسام المختلفة بالسفارة كل في اختصاصه حول قطر وتطرق التقييم إلى دور "قناة الجزيرة" في منظومة السياسة القطرية وتحليل توجهات الشبكة منذ تولى الرئيس أوباما لمقاليد السلطة في واشنطن. وأشارت الوثيقة إلى أن تغطية الجزيرة أصبحت أكثر إيجابية تجاه الولايات المتحدة. في الوقت نفسه يؤكد التقييم بقاء الجزيرة كأداة للسياسة الخارجية القطرية. وأكدت الوثيقتان أن وزير الخارجية القطري الشيخ جاسم وعدد من المسؤولين الإسرائليين والأمريكان أنه بمجرد خروج المصريين إلى الشارع فإنه سيكلف "قناة الجزيرة" ببث كل ما يزكى إشعال الفتنة في الشارع ليس فقط بين المصريين والنظام ولكن بين المصريين بعضهم البعض. وأشارت الوثيقتان إلى أن النظام القطري يستخدم دائما قناة الجزيرة في تصفية حساباته مع خصومه وأنه نجح أكثر من مرة في إشعال الفتن في عدد كبير من العواصم العربية عندما توترت العلاقات مع الدوحة، وأن الجزيرة هي أحد أهم القنوات الإخبارية في المنطقة ونجحت في جذب المشاهد العربي منذ تأسيسها. عبد الإله المنصوري، عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الموحد وباحث مهتم بالإعلام معظم الأنظمة التي تضايق الجزيرة محسوبة على النادي الأمريكي يقول عبد الإله المنصوري، عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الموحد وباحث متهم بالإعلام أن قناة الجزيرة تفتح مجالها لمختلف الآراء. أما تغليب بعض الفعاليات فيرجعه لكون بعض الصحفيين بها ميولات خاصة مثل كل المنابر • إذا تعلق الأمر بتحول قناة الجزيرة من مجرد أداة للإخبار إلى أداة لصنع الخبر يمكن أن نقبل بهذا الأمر، لكن أن نعتبر الجزيرة أنها قد تحولت إلى أداة للتغيير فإن الأمر يحتاج إلى تدقيق. وهنا أستحضر مقولة قالها الفنان الإسباني الشهير بيكاسو حين ألقت عليه القبض القوات النازية في باريس وسألته هل أنت صانع لوحة الغرنيكا الشهيرة التي تصور هجوم الفاشية الفرنكاوية وحلفائها على إحدى المدن الإسبانية وقال لهم "أنا لم أرسم هذه اللوحة، بل أنتم من رسمها لأنه لولا الجرائم التي ارتكبتم ما تمكنت من رسم هذه اللوحة". وإذا أردنا أن نحلل الأمر بعيدا عن الأحكام المتسرعة أستطيع أن أقول الآتي: أولا في ما يتعلق بتونس، الجزيرة لم تبدأ التغطية المباشرة المستمرة للأحداث غلا قبيل أسبوع من مرحلة الحسم وهروب الدكتاتور المخلوع، اي أنه قبل ذلك ما كانت تبثه الجزيرة لا يخرج عن بعض المقاطع وقصاصات الأنباء التي يرسلها لها الناشطون بواسطة الانترنيت عبر مواقع التواصل، سواء الفيسبوك أوتويتر، كما أن وجهات النظر المدافعة عن آراء السلطة لم تكن تريد الظهور للدفاع عن مواقع السلطة، حيث كان في تونس مثلا صحفي واحد مقرب من السلطة (اسمه برهان بسيس) الذي كان يمتلك جرأة الدفاع عن مواقف السلطة البئيسة أما المسؤولون فقد تمترسوا خلف أسوار عالية من الصمت، وبقي المجال مفتوحا أمام المعارضة المتعددة المشارب، أما بخصوص النموذج المصري، فصحيح أن الجزيرة لعبت دورا أساسيا من خلال فتح المجال لقادة الثورة من الشباب وهذا من صميم عملها الإعلامي الذي تؤرقه عملية البحث عن الخبر مهما كانت الصعاب وكانت معظم القنوات –وليس الجزيرة فقط- تجد صعوبة بالغة للتحدث مع مسؤول رسمي أو حتى قريب من السلطة بسبب الذعر الذي أصابهم وحجم المفاجأة الكبيرة التي أخرست ألسنتهم من هول حجم النازلين للشارع العام حتى أن وزير الخارجية المصري الشهير بتعليقاته وصولاته أمام وسائل الإعلام لم يظهر له أثر منذ تصريحه الأخير الذي قال فيه إن الحديث عن انتقال الحدث التونسي لمصر كلام فارغ ليصبح كلامه بعد حوالي عشرة أيام أفرغ من فؤاد أم موسى ونكتة يتندر بها العالم. فما حدث أن العالم العربي كان أمام عملية تغيير في الوعي العربي، لاسيما وان الثورة التونسية لم تكن حدثا سهلا وكذا ما تبعها من زلزال مصري، وقد شاهدنا اتصالات مع ممثلين لتيارات مختلفة، ما دام أن الثورتين التونسية والمصرية قد فجرهما شباب، ولم تكن كل التيارات السياسية مهيأة لها، بما فيها التيارات الدينية التي ظهر حجمها الحقيقي في بحر الشعب المتلاطم وسقطت كل النظريات التي كانت تروجها أجهزة إعلام أنظمة الفساد والاستبداد والتبعية القائمة على تخيير المجتمع العربي بين نموذجين إما الأصولية أو الديكتاتورية. وعموما يمكن القول غن مهنية الجزيرة كقناة إخبارية كانت دائما موجودة، لأن الجزيرة كانت تحرص دائما على أن تستحضر الرأي والرأي الآخر، وهو ما عرضها لانتقادات من طرف الجميع. • لا على العكس، الجزيرة أعطت الكلمة للجميع، لكن المشكلة في مصر وفي تونس أن الذين كانوا يرتبطون بالنظام سواء سياسيا أو اقتصاديا أو ثقافيا إما أنهم قد أسرعوا بنقل البندقية من كتف إلى كتف آخر، مثلما حصل مع الدكتور مصطفى الفقي الذي تردد في البداية قبل أن يقبل الظهور على قناة الجزيرة، وإما قد تجنبوا الظهور لأنه ليس لهم ما يقولونه للمشاهدين بعد الزلزال الذي فاجأهم ولم تنفك عقدة معظمهم إلا بعد الخطاب الثاني لمبارك الذي سبق معركة الجمل والخيول والحمير التي قادتها مليشيات الحزب الحاكم سابقا وسجناء من الحق العام أفرج عنهم لهذا الغرض ورجال أمن بزي مدني... فأصبح المعبرون عن الآراء المساندة لنظام الديكتاتور حسني مبارك (أبو بن علي قبله) يعدون على رؤوس الأصابع . وحكى لي العديد من الزملاء الصحافيين كيف أنهم كانوا يلحون في الاتصال بهؤلاء، غير أن محاولاتهم باءت بالفشل خاصة أنهم كانوا مختبئين لا يدرون ما يقولون وينتظرون ما ستأتي به الأحداث، وهي صورة مشتركة لما وقع في تونس ومصر معا. • أولا هذه الاتهامات قيلت عن الجزيرة منذ ظهورها سنة 1996، أي منذ بداية بثها في صحراء عربية قاحلة مفتقدة لخطاب إعلامي مهني. واعتقد أن من يتحدث عن هذا الأمر قد يكون منطقيا مع نفسه لأن معظم هذه النظم سواء النظام المصري أو التونسي أو مجموعة من الأنظمة العربية التي تضايقها تغطية الجزيرة هي محسوبة على النادي الأمريكي ومنخرطة فيه دون حتى مقابل معقول. هي منخرطة في الأجندة الأمريكية انخراطا أعمى لا يستحضر مصالح دولهم أو شعوبهم. فالنظام المصري كان من أكبر ركائز المشروع الأمريكي الشرق الأوسطي ولعب دورا كبيرا في حماية الكيان الصهيوني في المنطقة، ونفس الأمر بالنسبة للنظام السعودي الذي يشتكي من الجزيرة مع العلم بأن أهم حلفاء أمريكا في الوطن العربي وأداة أمريكية بامتياز، وعلينا ألا ننسى بالمناسبة أن رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير قد تحدث في مذكراته عن تفكير جدي أمريكي بقصف قناة الجزيرة أثناء العدوان على العراق سنة 2003 الذي انتهى باحتلاله نتيجة لما شكلته تغطية قناة الجزيرة من إحراج بالغ للإستراتيجية الأمريكية للمحافظين الجدد آنئذ. • أعتقد أنه من الصعوبة بما كان أن نقول ذلك، لأن الواقع يثبت عكس ذلك. فمثلا الثورة في تونس تفاجأ بها الإسلاميون قبل غيرهم كما تفاجأت بها باقي الإيديلوجيات الأخرى، وقد لعبت معارك مختلفة في مواجهة النظام في فضحه، قام بها مناضلون يساريون وقوميون وليبراليون (مثل أحمد نجيب الشابي وحمة الهمامي وراضية نصراوي وتوفيق بن بريك وبشير الصيد طبعا إلى جانب ما قام به مناضلو حركة النهضة من قبل) أكثر مما قام بها إسلاميون في فضح نظام بنعلي البائد، بل لم يكن أحد يتوقع حجمها ومآلاتها، نفس الأمر حدث في مصر. كما ان تغطية الجزيرة ومقابلاتها الصحفية كانت تجد فيها كل الأطياف السياسية ولم تكن مقتصرة فقط على التوجه الإسلامي أو الإخواني كما قلت. وعموما التيار الإسلامي له امتداد اجتماعي مهم في العالم العربي. وكل ما يجب أن أؤكده باعتباري متتبعا للمشهد الإعلامي العربي ولقناة الجزيرة بصفة خاصة، فإن هذه الأخيرة تفتح مجالها لمختلف الآراء، وإن كان هناك تغليب لبعض الفعاليات، وأعتقد أن ذلك يرتبط ببعض الصحافيين العاملين بالجزيرة والذين لهم ميولات خاصة وموجودون في كل المنابر الإعلامية. • أولا قناة الجزيرة اهتمامها عربي واتجاهها عالمي، في اعتقادي قطر لا تشكل شيئا في العالم العربي، فهي دولة جد صغيرة لا تتجاوز مساحتها 11 ألف كيلومتر مربع ومجموع سكانها القطريين 300 ألف. كما لا أعتقد أن الجزيرة لا تغطي ما يحدث في قطر أو علاقة قطر بالكيان الصهيوني. فأنا تتبعت مجموعة من المقابلات التلفزيونية مع رئيس وزراء قطر يفتخر بعلاقة بلاده مع الصهاينة ويدافع عنها، بل واستضافة أحمد منصور في برنامجه "بلا حدود" وواجهه بكل ما يقال عن قطر ونظامها وإستراتيجيتها، ولم يبد الرجل أي ضيق في الرد عليها. بل الأكثر من هذا عندما حدث الانقلاب في قطر على الأمير الحالي غطت الجزيرة هذا الانقلاب الذي كان مدعوما من طرف السعودية ومصر. وعلى العموم قطر بلد صغير ولا يساوي أي شيء في مسرح السياسة الدولية، وليست صانعة للحدث الدولي، ولولا قناة الجزيرة ما عرفت قطر التي تعتبر قناة الجزيرة أشهر منها. • هذا أمر آخر ألا تكون الجزيرة جزءا من الأجندة القطرية طبعا هذا أمر مستبعد. لكن قطر توصلت غلى قناعة مفادها ما قاله الكاتب العربي المعروف حسنين هيكل "إذا كانت لك إستراتيجية إعلامية واضحة وناجحة تستطيع أن تجعلك في صدارة العالم وأفضل من عشرات الاستراتيجيات العسكرية إن وجدت لك". ما جعل قطر فاعلا في الساحة العربية والدولية رغم صغرها هو وجود قناة الجزيرة. لكن لا أعتقد أن هذه الأخيرة تشتغل وفق أجندة خاصة لقطر أو ناطقة باسم سياستها الخارجية، هذا مع عدم استبعاد وجود بعض الصحافيين بالجزيرة لهم ميولاتهم الخاصة، سواء قومية أو إسلامية أو يسارية، وضمنهم عدد مهم من الصحافيين العرب المسحيين. والأهم أن تميز قناة الجزيرة مرتبط بسقف الحرية العالي الذي يسمح بها خطها التحريري مقارنة بكل القنوات العربية الأخرى.