أصبح الملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب، الذي يعد تظاهرة رائدة أخرجت المنتجات المحلية من الظل، موعدا سنويا تقوم فيه عدد من التعاونيات والجمعيات بعرض منتوجاتها والتعريف بها والبحث عن فرص لتسويقها وطنيا ودوليا. ويعكس قطب المنتوجات المحلية بالمعرض الدولي للفلاحة الذي تحتضنه مدينة مكناس، صورة مندمجة وشاملة لثقافة استهلاكية متنوعة من حيث المنتوج وطرق التهييء والإعداد، إضافة إلى ثقافة غذائية تختلف من منطقة إلى أخرى. كما شكلت هذه التعاونيات محركا للتنمية المحلية الاجتماعية والاقتصادية إذ ساهمت في تحسين ظروف العيش وخلق حركية اقتصادية داخل الأسر والمجالات.
وصارت المنتوجات المحلية تحتل مكانة في الثقافة الاستهلاكية المغربية، وأصبح لها حضور كبير في الحياة اليومية خاصة تلك التي تهتم بشكل كبير بالمنتوج الطبيعي.
وبفضل مخطط المغرب لأخضر تقوى العمل التعاوني وتضاعف وتطور وتحسن أداؤه ومنتوجه فخلق فعلا تلك الدينامية الاقتصادية التي ارتبطت أساسا بمحاربة الهشاشة والتهميش والإقصاء ، فضلا عن الدور البارز للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية في إخراج هذا العمل التعاوني ليصبح نسيجا فاعلا وشريكا في التنمية.
ولعل هذا المشهد الذي تتجلى فيه ملامح العمل التعاوني جعلت مناطق كثيرة من المغرب بأن يكون لها طابع إنتاجي خاص بها مرتبط ببيئتها ونشاطها الفلاحي والسوسيو اجتماعي حسب نمط الاستهلاك، وهي صورة يعكسها قطب المنتوجات المحلية وجعلت منه أيقونة فلاحية تضم كل التنوع والإثارة وجمالية المشهد من أعشاب طبية ومنتوجات نباتية مرتبطة بالأنشطة الزراعية (كسكس، قطاني، حبوب) والمنتوجات النباتية وكذا إنتاج العسل ومشتقات أخرى خليط بين ما هو نباتي وفلاحي.
وإن كان هناك تقارب ما بين مناطق المغرب من حيث تعدد الجمعيات والتعاونيات وتثمين المنتوج الفلاحي المحلي، فإن ثقافة الاستهلاك تختلف بين هذه المناطق مما يمنحها خاصيتها المجالية التي تتميز بالجودة والذوق.
هذه الخاصية، جعلت من هذه التعاونيات تنتقل من مرحلة بسيطة إلى مرحلة دخلت فيها عالم التصنيف ومنحها من الإمكانيات ما جعل منتوجات التعاونيات على اختلاف أنواعها تقتحم الأسواق والمساحات الكبيرة، بل أصبحت توجه منتوجاتها نحو التصدير حيث تلقى إقبالا كبيرا بسبب انتشار ثقافة غذائية استهلاكية جديدة في عدد من البلدان الأجنبية تميل إلى ما هو طبيعي.
وكلما تنقلت من رواق لآخر داخل قطب المنتوجات المحلية تبرز ثقافة واحترافية وقدرة على الإبداع في تثمين وتحويل هذه المنتوجات التي تغري الزوار من حيث أشكالها وألوانها وأحجامها وأذواقها المتعددة.
وتجسد المشاركة المكثفة للتعاونيات والجمعيات في النسخة العاشرة للملتقى (28 أبريل إلى 3 ماي الجار يقبل)، حسب تصريحات استقتها وكالة المغرب العربي للأنباء على هامش هذه الدورة، إرادة متواصلة في الانخراط في العمل التعاوني الذي يساهم بشكل ملحوظ في الادماج في سوق الشغل عبر إحداث مشاريع مدرة للدخل تحقق لهم الاكتفاء الذاتي.
وأبرزت صباح الصياد رئيسة التعاونية النسوية "الزيتونة" لتثمين المنتوجات الفلاحية بمدينة تازة ، أن الانخراط في النشاط التعاوني يمنح المرأة فرصة للحصول على دخل محترم ، مضيفة أن التعاونية ، التي تأسست سنة 2012 ، تنتج الكسكس والزيتون بأنواعهما بطريقة طبيعية ومواد محلية بالمنطقة.
وفي السياق ذاته، أكدت رئيسة تعاونية "خزامة" للأشجار لمثمرة والصبار (منطقة أجدير بإقليم الحسيمة) ، أن التعاونيات تضطلع بدور مهم في التشغيل الذاتي ، مشيرة إلى أن التعاونية التي ترأسها تنتج منتوجات متنوعة منها التين المجفف وزيت الصبار والخروب المطحون.
أما توفيق بنعمر ، مكلف بتسيير مقاولة "بيطا مييل" بمدينة صفرو متخصصة في إنتاج العسل بأنواعه ، فأكد أن هذا المعرض هو فرصة للعديد من التعاونيات والجمعيات والمقاولات من مختلف جهات المملكة لعرض منتوجاتها والتعريف بها والبحث عن فرص لتسويقها وطنيا ودوليا.
ومن جهة أخرى، ركزت تصريحات عدد من العارضين في قطب المنتوجات المحلية على إكراهات تسويق منتوج هذه التعاونيات والجمعيات، مع الإشارة إلى أنه يتم تجاوز هذه الإكراهات جزئيا، من خلال اللجوء إلى المحلات التجارية والأسواق الممتازة والمشاركة في المعارض والملتقيات.