تشكل المحطة السككية الجديدة "الدارالبيضاء الميناء" ، التي أشرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، على تدشينها اليوم الخميس، معلمة جديدة في شبكة السكة الحديدية الوطنية وتندرج ضمن برنامج طموح يهدف إلى إعطاء دينامية متواصلة للعاصمة الاقتصادية للمملكة. ويأتي إحداث هذه المحطة الجديدة في إطار برنامج طموح لبناء وعصرنة المحطات السككية بما فيها الكبرى والصغرى والمتوسطة، أطلقه المكتب الوطني للسكك الحديدية خلال العشرية الأخيرة من أجل مواكبة مسلسل التطور الحضري وإعادة الهيكلة الذي تشهده مختلف مدن المملكة، والاستجابة ،على أكمل وجه ، لمتطلبات الزبناء.
وحسب المكتب، فإن هذا البرنامج يجسد قطيعة مع التصور التقليدي الذي كان يجعل من المحطة مجرد نقطة للعبور والسفر، حيث تم اعتماد مفهوم جديد وعصري يجعل من هذه البنيات فضاء مشتركا للزبناء والعموم وقطبا للحياة يتميز، أساسا، بكونه موقعا استراتيجيا في قلب الحواضر، ويضم فضاءات تجارية عصرية ومتعددة الخدمات والوظائف، وولوجيات ميسرة للزبناء، وفضاءات تتسم بحيوية ونشاط دائمين لمواكبة حركة المسافرين والزوار. كما يرسخ هذا المفهوم مبدأ إدماج مراكز تجارية عصرية داخل المحطات السككية الجديدة إذ تشمل هذه المراكز محلات تجارية تقدم خدمات متنوعة ومتكاملة كالخدمات البنكية وكراء السيارات والمطاعم وأروقة للتبضع لدى علامات دولي.
وهكذا، تم تصميم المحطة الجديدة للدار البيضاء الميناء لتستقبل ما يفوق 20 مليون مسافر سنويا وحوالي 5000 مسافر في الساعة خلال أوقات الذروة، بحيث تمتد على مساحة مغطاة تناهز 33500 متر مربع. وتشتمل المحطة على ثلاثة فضاءات ذات وظائف متكاملة تتمثل في بناية للمسافرين، ومرآب تحت أرضي، وعمارة خاصة بمصالح المكتب موازية للأرصفة.
وتتكون هذه المحطة ، التي رصد لها غلاف مالي بقيمة 400 مليون درهم ، من طابق أرضي بمساحة مغطاة تصل إلى 7000 متر مربع، مكون من بهو للمسافرين (3000 متر مربع)، وشبابيك (355 متر مربع)، وفضاءات تجارية (650 متر مربع) تقدم مختلف الخدمات (بيع التذاكر، اللوحات الأوتوماتيكية للإعلانات، الاستقبال، الانتظار، المطعمة السريعة، بيع الجرائد، الموزعات الآلية للحلويات والمشروبات..).
ويضم الطابق بين الأرضي موقعا للإيداع السريع (سيارات خاصة وسيارات الأجرة) ، ومحلات تجارية ممتدة على 500 متر مربع. أما الطابق تحت الأرضي الأول، فقد تمت تهيئته على شكل رواق تجاري ممتد على 8400 متر مربع، منها 2300 متر مربع مخصصة للمطعمة السريعة.
وتمت تهيئة الطابقين التحت أرضيين الثاني والثالث ، الممتدين على مساحة 15 ألف و500 متر مربع ، كمرآب لاستقبال 480 سيارة. وقد شيد هذا المرآب تحت المدخل الرئيسي للمحطة وبناية المسافرين، مما يشكل نقطة وصل مباشرة بين موقف السيارات والولوج إلى القطارات.
وتتكون المحطة السككية الجديدة أيضا من عمارة مكونة من 6 طوابق تضم مكاتب على مساحة 3500 متر مربع ومستويين تحت أرضيين على مساحة 1000 متر مربع، وساحة ممتدة على حوالي 4000 متر مربع ، وخمسة أرصفة تشتمل على واقيات عصرية صنعت من مواد خاصة، وكذا تجهيزات ومنشآت عملية حديثة (لوحات إلكترونية للإعلانات والمواقيت، مقاعد للانتظار، كاميرات المراقبة، أنظمة اكتشاف الحرائق..).
وفي ما يتعلق بالمواد المستعملة، فقد تم انتقاؤها بعناية خاصة مع الحرص على الاشتغال بحرفية على المادة والإنارة ، والمزج بين هندسة معمارية معاصرة والمبادئ الكبرى التي تنفرد بها الهندسة المغربية، من قبيل البنية التي تمزج بين استعمال الخرسانة المسلحة وهياكل حديدية تتخللها ثغرات توفر إنارة ناعمة للبهو، والواجهات الشفافة التي تسهل إدراك الفضاءات من طرف المسافرين، والزخرفة المشربية المعاصرة بالجهة الغربية للمحطة التي تخفف من أشعة الشمس في الظهيرة دون أن تحجب الرؤية مع الاستفادة من الإنارة الطبيعية.