قال محمد بنحمو رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية، إن إبعاد عبد العزيز بلخادم المستشار الخاص لرئيس الجمهورية من كافة مؤسسات الدولة وجبهة التحرير الوطني قرار يعكس صراعا حقيقيا بين عدة جماعات مصالح داخل السلطة العسكرية الجزائرية. وأوضح بنحمو ، حسب ما اوردته و م ع، تعليقا على هذا القرار، أن هذه الاقالة "تعكس أيضا وجود حرب مواقع بين عدة أجنحة بجبهة التحرير الوطني"، ورأى فيها "طريقة لإبعاد رجل ذي طموحات شخصية يمكن أن تزعج المخططات التي هي قيد الإعداد" داخل النظام السياسي الجزائري.
واعتبر أستاذ العلاقات الدولية بكلية الحقوق بسلا، أن الأمر يتعلق بمرحلة إعداد لما بعد بوتفليقة.
وأبرز أنه "سواء داخل جبهة التحرير الوطني أو في قصر المرادية، فإن عبد العزيز بلخادم يمثل عنصرا ينبغي إزاحته ولا مكان له ضمن مخططات أصحاب القرار في الجزائر" مشيرا الى مشاركة بلخادم في أنشطة وصفت بأنها مناهضة لجبهة التحرير الوطني.
وخلص الخبير الى القول "إننا أمام ممارسة معروفة في الجزائر تقضي بالاطاحة بكل الطموحات التي يمكن أن تشوش على المخططات التي يجري إعدادها".
إلى ذلك اعتبر تاج الدين الحسيني، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، إبعاد عبد العزيز بلخادم من كافة مؤسسات الدولة وجبهة التحرير الوطني قرارا يؤكد أزمة شخصنة السلطة التي يعاني منها النظام الجزائري.
وأوضح الأستاذ الحسيني، كما اوردت ذلك و م ع، تعليقا على هذا القرار أنه عادة في الأنظمة الديمقراطية تمر مثل هذه القرارات عبر الأجهزة الرقابية التي من خلالها تمارس الرئاسة سلطتها وليس بمقتضى قرارات رئاسية تتخذ بكيفية شخصية وأحادية.
وقال إن هذا القرار "يعكس الصبغة الشمولية والاستبدادية للنظام الجزائري الذي لا يخضع لقواعد الديمقراطية".
من ناحية أخرى، أبرز أستاذ العلاقات الدولية أن هذا القرار "يجد خلفيته في الصراع الدائر على السلطة بين شخصيات محورية في جبهة التحرير الوطني (حزب الرئيس الجزائري) وداخل المؤسسة العسكرية".
من جانبه قال سعيد خمري، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاضي عياض بمراكش، اليوم الأربعاء في تصريح ل"و م ع، إن قرار إبعاد عبد العزيز بلخادم من كافة مؤسسات الدولة وجبهة التحرير الوطني، "عملية إقصاء استباقية له من خوض غمار الرئاسيات التي قد تكون سابقة لأوانها ، لكون حظوظه لخلافة الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة تبدو وافرة بالنظر إلى الظروف السياسية الحالية داخل الجزائر".
وأبرز الأستاذ الجامعي أن المثير في قرار الإبعاد هو التداخل بين البعد السياسي والحزبي، باعتبار أن المرسوم الصادر عن بوتفليقة لم يتضمن فقط مسألة إقالة بلخادم من منصبه السياسي كوزير دولة ومستشار خاص لدى رئاسة الجمهورية، بل امتد القرار إلى طرده من مهامه الحزبية داخل جبهة التحرير الوطني.
واعتبر أن هذا التداخل يبدو جليا علما أن بلخادم عضو منتخب باللجنة المركزية للحزب ، "بمعنى أن مسألة إقالته من الحزب أمر يعود إلى أجهزته الداخلية وهو ما يطرح عدة تساؤلات حول التداخل بين الحزبي والسياسي".
وأضاف الأستاذ خمري أنه "بحسب طبيعة النظام السياسي الجزائري، فإن مثل هذه القرارات مألوفة، فعادة يتخذ قرار من رئاسة الجمهورية في حق أعضاء الحكومة وأحد المقربين من السلطة نتيجة إخلاله بأعراف هذه السلطة".
وأكد أنه "كلما رأت السلطة أن أحد الممارسين أو المحسوبين عليها أضحى يخرج عن الخط العام للنظام سواء في ما يتعلق بالسياسة الداخلية أو الخارجية، فإن مصيره يكون الإبعاد، علما أن هذا الإبعاد لا يكون بالضرورة مطلقا بل يمكن أن يتم التراجع عنه وإدماج السياسي المبعد من جديد داخل اللعبة السياسية".
وأشار إلى أنه، حسب المعلومات الواردة في وسائل الإعلام، تظل الأسباب المباشرة لهذا الإبعاد "غير واضحة تماما"، في الوقت الذي تداولت فيه العديد من المنابر أسبابا تتعلق بتواصل عبد العزيز بلخادم مع المعارضة وحضوره اجتماعاتها، وأنه يستغل نفوذه السياسي في صراعه داخل الحزب.
وكانت وكالة الأنباء الجزائرية (واج) قد أعلنت أمس الثلاثاء أنه تم إبعاد عبد العزيز بلخادم المستشار الخاص لرئيس الجمهورية من كافة مؤسسات الدولة وجبهة التحرير الوطني، حزب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، ناقلة عن مصدر برئاسة الجمهورية قوله، أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة "أصدر صباح اليوم الثلاثاء مرسوما يقضي بإنهاء مهام عبد العزيز بلخادم بصفته وزيرا للدولة مستشارا خاصا برئاسة الجمهورية وكذا جميع نشاطاته ذات الصلة مع كافة هياكل الدولة".
وأضاف المصدر أن "اتصالات تمت مع الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني قصد اتخاذ الإجراءات اللازمة لإنهاء مهام بلخادم ضمن الحزب ومنع مشاركته في نشاطات كل هياكله".