أدى عبد العزيز بلخادم، المستشار الخاص لرئيس الجمهورية الجزائرية، الذي أبعد من كافة مؤسسات الدولة، من دون أن تتضح أسباب ذلك، الثمن غاليا بركوب طموحاته وبوجوده في قلب الصراع الشرس داخل جبهة التحرير الوطني، التي يرأسها شرفيا الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة.
وقد شكل استدعاء بلخادم (69 سنة) لإدارة شؤون البلاد كوزير دولة بالرئاسة أياما قليلة قبل بدء الحملة الانتخابية لرئاسيات 17 أبريل الماضي، عودة قوية له إلى الساحة السياسية، بعد أن تمت تنحيته من منصبه كأمين عام لجبهة التحرير الوطني، خلال جمع استثنائي عقد في يناير 2013.
وكان مصدر برئاسة الجمهورية كشف أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة "أصدر صباح اليوم الثلاثاء مرسوما يقضي بإنهاء مهام عبد العزيز بلخادم بصفته وزيرا للدولة، مستشارا خاصا برئاسة الجمهورية، وكذا جميع نشاطاته ذات الصلة مع كافة هياكل الدولة".
وأضاف المصدر أن "اتصالات تمت مع الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، عمار سعيداني، قصد اتخاذ الإجراءات اللازمة لإنهاء مهام بلخادم ضمن الحزب ومنع مشاركته في نشاطات كل هياكله".
ويربط متتبعون أسباب هذا القرار الرئاسي بتصريحات صدرت مؤخرا عن بلخادم استهدف فيها الحكومة، وطموحه الجامح في العودة إلى موقعه داخل الجبهة، التي تعرف تجاذبات بين عدة أجنحة بها.
ولم يكن بلخادم، رئيس الوزراء الأسبق، الذي دخل في صراع مفتوح مع الأمين العام الحالي لجبهة التحرير الوطني عمار سعيداني، يخفي رغبته القوية في استعادة منصبه كقائد لهذا الحزب العتيد، مما أثار مخاوف من حدوث أزمة عميقة داخل الجبهة، التي تعيش أصلا تصدعا على مستوى هياكلها.
وفي يوليوز الماضي، هدد سعيداني باتخاذ عقوبات في حق سلفه معتبرا تصرفاته خلال اجتماع حزبي "غير مسؤولة ومدانة"، بينما هو في الأصل "مجرد عضو باللجنة المركزية لا أقل ولا أكثر".
وبعد عودته إلى منصب المسؤولية كوزير دولة بالرئاسة، التزم عبد العزيز بلخادم بالتخلي عن نشاطه السياسي في حال ظفر الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بولاية رابعة، إلا أنه خالف وعده بالبقاء في منصبه، إلى حين صدور قرار رئاسي بإنهاء مهامه (اليوم)، وذلك ساعات قليلة قبل انعقاد مجلس للوزراء.
وتجلت طموحات بلخادم في الذهاب بعيدا قبيل رئاسيات 17 أبريل الماضي، حين أعلن نيته خوضها في حال تخلي عبد العزيز بوتفليقة عن الترشح لها لأسباب صحية.
وعلى الرغم من صفته كمستشار خاص للرئيس، لم يتم تكليف بلخادم من طرف رئيس الجمهورية بأية مهمة رسمية بالخارج، مما فسره متتبعون على أنه مؤشر على توتر العلاقات بين الطرفين.
ولم تتوان الصحف المحلية عن إبراز الانتقادات التي كان يكيلها بلخادم للحكومة الجزائرية، ولرئيسها عبد المالك سلال، على الرغم من الثقة التامة التي كان يحظى بها هذا الأخير من لدن الرئيس بوتفليقة، ولا أدل على ذلك تعيينه مديرا لحملته الانتخابية لرئاسيات 17 أبريل.