ثمنت فرق الأغلبية بمجلسي البرلمان، مساء أمس الاثنين، خلال جلسة مشتركة لمناقشة الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة، ما حققته الحكومة من "منجزات وإصلاحات جريئة"، فيما اعتبرت فرق المعارضة أن هذه الحصيلة "لا تستجيب لانتظارات وتطلعات المغاربة، وتبقى دون مستوى الوعود والأرقام المتضمنة في البرنامج الحكومي". فخلال هذه الجلسة، التي حضرها رئيس الحكومة وعدد من الوزراء، نوه رشيد روكبان، باسم فريقي التقدم الديمقراطي والتحالف الاشتراكي (أغلبية)، بكون الحكومة "اتخذت عددا من التدابير الجريئة والقرارات الحاسمة للتحكم في التوازنات الماكرو-اقتصادية"، كما حققت مجموعة من المكتسبات الاجتماعية "دون الرهان على مكاسب سياسية أو أرقام انتخابية".
وأعرب روكبان عن ارتياح حزب التقدم والاشتراكية لمشاركته في التجربة الحكومية الحالية، مجددا التأكيد على أنه "لا يتعين النظر إلى الحكومة الحالية أنها حكومة محافظة يتعين على اليسار مقاومتها".
وبخصوص حصيلة العمل الحكومي، قال روكبان إن الحكومة بذلت مجهودات تستحق التثمين على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، "رغم أنها ما تزال غير كافية"، مؤكدا أن الحصيلة المرحلية هي "حصيلة إيجابية، ونتوقع أن تكون الحصيلة النهائية إيجابية بدورها وأن تعكس أجرأة عملية للبرنامج الحكومي".
بدوره، اعتبر وديع بنعبد الله باسم فريقي التجمع الوطني للأحرار بالبرلمان (أغلبية)، أن الولاية الحكومية الحالية تميزت باستمرار في مسلسل الإصلاحات، حيث تم فتح أوراش إصلاح العدالة، وإطلاق مسلسل بناء منظومة الجهوية مع ضمان المقاربة التشاركية، وتفعيل صندوق دعم التماسك الاجتماعي وتخفيض أسعار ما يقارب أزيد من 1600 دواء.
وأبرز بنعبد الله تمكن الحكومة من تدارك الاختلالات المالية التي صاحبت انعكاسات الأزمة العالمية، وتقليص عجز الميزانية، وغيرها من المؤشرات الدالة التي عززت ثقة المستثمرين الدوليين بالاقتصاد الوطني.
كما أبرز بنعبد الله الحاجة في المقابل، إلى "تسريع وتيرة ورش المناصفة، وتنزيل ترسيم اللغة الأمازيغية الذي يتطلب التفاتا جديا وسريعا، والانكباب على ورش التشغيل بما يضمن صون كرامة الشباب".
ونوه المتدخل بأداء الحكومة في ما يتعلق بقضية الوحدة الترابية للمملكة، مشيرا إلى أن الحكومة عملت، تحت التوجيهات الملكية السامية، على نهج سياسة نشيطة متعددة الأبعاد في هذا المجال، وانفتحت على جميع الفاعلين، كما عملت على نقل أداء الجهة الداخلية من منطق ردود الأفعال إلى منطق المبادرة.
أما مجموعة تحالف الوسط، فأكدت أن الحكومة الحالية "كانت لها شجاعة أكثر في معالجة العديد من الملفات". وثمنت المجموعة، على الخصوص، محاولة إصلاح صندوق المقاصة، معتبرة أن ما تحقق على المستوى الاجتماعي "إيجابي بامتياز".
ونوهت مجموعة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، في مداخلة للبرلماني محمد الرماش، بما تحقق من إصلاحات في ظل الحكومة الحالية، مشيرة على سبيل المثال إلى أن "كل المباريات لولوج الوظيفة العمومية أضحت تمر في شفافية". ودعا الرماش في المقابل التوفر على رؤية جديدة لمواجهة بطالة الشباب بغرض توجيه هذا المخزون البشري وضمان إسهامه في التنمية المستدامة.
وفي المقابل، اعتبر حميد شباط باسم الفريقين الاستقلاليين للوحدة والتعادلية بمجلسي النواب والمستشارين (معارضة)، أن الحصيلة المرحلية للحكومة "تكرس لواقع حكومي بئيس بكل المقاييس"، كما أن خطاب رئيس الحكومة بخصوصها "لا يتحرى الموضوعية ولا يتحرى لغة الشفافية".
وسجل شباط، في هذا الإطار، ما قال إنه مغالطات تضمنها خطاب رئيس الحكومة، والمتمثلة على الخصوص " التبخيس غير النزيه لمجهودات الحكومات السابقة "، وكذا "الانتقاء المفضوح والإشارة إلى التقارير الدولية الإيجابية حول أداء الحكومة في العديد من المجالات رغم ندرتها، وإغفال التقارير السلبية رغم كثرتها".
كما توقف شباط عند ما وصفه بمظاهر التعثر في العمل الحكومي، من قبيل تعثر إصلاح منظومة التقاعد، وتعثر انطلاقة الحوار الوطني حول المجتمع المدني والأدوار الدستورية الجديدة، وتفاقم المديونية العمومية، مسجلا في الوقت "تراجع معدل النمو، وارتفاع معدل البطالة إلى مستوى قياسي، وتقلص وتيرة فك العزلة عن العالم القروي".
وخلص شباط إلى أن الحكومة الحالية التي "تعاني من الهشاشة وضعف الانسجام والتضخم غير المبرر في عدد أعضائها"، تشتغل في ظل غياب برنامج حقيقي، وأن حصيلتها "لا تستجيب لتطلعات المغاربة".
بدوره، أكد البرلماني إدريس الراضي باسم فريقي الاتحاد الدستوري (معارضة)، إن الحصيلة الحكومية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي كانت "دون مستوى انتظاراتنا ودون مستوى الأرقام التي جاء في البرنامج الحكومي".
وسجل الراضي، على المستوى الاقتصادي، ارتفاع المديونية والبطالة وانخفاض نسبة النمو. واعتبر أن العديد من الإجراءات المتخذة من طرف الحكومة ستدفع بشرائح من المجتمع إلى الهشاشة، داعيا إلى تحديد معالم سياسية اقتصادية انتقالية كفيلة بضمان نمو مستديم.
وبعدما اعتبر أن جزء كبيرا من المنجزات التي تنسبها الحكومة لنفسها إنما يرجع الفضل فيه لمن سبقوها، وصف الراضي الحكومة الحالية ب"حكومة الفرص الضائعة والزمن المهدور"، متسائلا، على سبيل المثال، "كيف أن تعديلا حكوميا واحدا تطلب أربعة أشهر".
أما محمد ادعيدعة، فاعتبر في مداخلة باسم الفريق الفيدرالي، أن خطاب رئيس الحكومة حول الحصيلة المرحلية للحكومة جاء "مفككا ومضطربا وفاقد لخيط ناظم"، مشيرا في هذا الصدد إلى أن الكثير مما قدمه على أنه إصلاحات قامت بها الحكومة إنما هي أوراش فتحت حتى قبل مجيئكم إلى الحكومة"، ولم تتحقق هذه الإصلاحات إلى الآن.
وقال ادعيدعة متوجها بالحديث إلى رئيس الحكومة "لقد أخفقتم إلى حد الآن في تحقيق عدد من الأهداف الملتزم بها في برنامجكم"، مسجلا أيضا تعثر الحكومة في تفعيل عدد من المقتضيات التي جاء بها الدستور الجديد والمرتبطة أساسا بمبدإ المناصفة وهيئات الحكامة والارتقاء بدور المعارضة البرلمانية.