أضحت مدن وأقاليم شمال المغرب(تطوان وطنجة والمضيقالفنيدق والفحص أنجرة... وكذلك مدينة سبتةالمحتلة) قبلة للسوريين الفارين والهاربين من نيران الحرب الأهلية الدائرة بأرض الشام، التي خلفت مئات الآلاف من القتلى والجرحى منذ ما يزيد عن ثلاث سنوات، والراغبين في الولوج إلى الثغر المحتل، أملا في ترحيلهم إلى اسبانيا كطريقة سهلة للالتحاق بأوروبا دون المغامرة بركوب البحر عبر قوارب الهجرة السرية، أو منح أموال لشبكة ربما لا تفي بوعودها أو ربما تفشل في تنفيذ المتفق عليه. عدد السوريين الوافدين على شمال المغرب يتزايد يوما بعد يوم، يفيد مصدر أمني، قبل أن يضيف «توافدهم بكثرة إلى المدينة وتمكنهم من الولوج للثغر المحتل يغري آخرين بالتوجه إلى المدينة الحدودية»،الأمر نفسه يزكيه صاحب فندق غير مصنف بالمدينة بالقول « أضحى عدد الراغبين في غرف للمبيت يتزايد يوميا خصوصا من طرف سوريين، يرافقهم أطفال صغار».
منذ أسبوع اعتصم العديد من السوريين بإحدى الساحات المتواجدة في وسط الثغر المحتل، رافعين لافتة تطالب بترحيلهم إلى اسبانيا وتسوية وضعيتهم القانونية، حيث كان عددهم يتجاوز الخمسين قبل أن يتراجع إلى 15 فردا، بعد وعدهم من طرف سلطات الاحتلال بدراسة طلبهم.
وعن طريقة عبورهم للثغر السليب قال أحد السوريين «لقد أدخلنا وسيط مغربي منحناه مبلغا ماليا، وذلك عبر المعبر الحدودي وبطريقة عادية كما يدخل المغاربة، وأتحفظ عن ذكر تفاصيل أكثر حفاظا على حظوظ رفاقي المتواجدين بمدن تطوانوالفنيدقومرتيل. .. في انتظار دورهم للالتحاق بنا بنفس الطريقة» وزاد: «نفس الطريقة سبق أن استعملناها للولوج إلى التراب المغربي، حيث تكلف وسيط جزائري بإيصالنا حتى مدينة وجدة مقابل مبلغ مالي ولكنه زهيد مقارنة مع الذي دفعناه لدخول الثغر المحتل».
تعامل الإسبان مع اللاجئين السوريين المتواجدين بالثغر المحتل كان محط استنكارهم حيث صرح أحد السوريين لجريدة : «المغاربة شعب طيب و كريم،منذ التحاقنا بالثغر المحتل،وهم يقدمون لنا و لصغارنا الطعام و الغطاء، في حين أن الإسبان يعاملوننا باحتقار، إنهم عنصريون فعلا».
المهاجرون السوريون يؤكدون طيلة حديثهم عن رغبتهم في العبور فقط، مؤكدين عدم رغبتهم في البقاء في اسبانيا بسبب أزمتها الاقتصادية الخانقة، موردين أنهم يرغبون في الاستقرار بهولندا أو ألمانيا، كما أعربوا عن عدم رغبتهم في الذهاب لمراكز الإيواء الإسبانية المكتظة بالمهاجرين المنحدرين من دول جنوب الصحراء، والمنعدمة فيها شروط السلامة الصحية.
معاناة السوريين رهينة بموقف الحكومة الإسبانية من قضيتهم التي أضحت قضية رأي عام في اسبانيا، حيث يراهنون على منحهم حق العبور إلى الضفة الأخرى من البحر المتوسط أملا في العيش الكريم والاستقرار العائلي.
وفي نفس السياق، يستمر توافد العشرات من الأسر السورية للإقامة بمدينة مرتيل(إقليمالمضيقالفنيدق) غالبيتهم من فئة الغجر أو ما يطلق عليهم باللهجة السورية ( النَوَّرْ) لهم لهجة غير مفهومة، ويعيشون في مجموعات ويأتمرون كلهم تحت إمرة قائد لهم، يعشقون حياة البداوة، ولهم طبائع وعادات خاصة، كما يقومون بعرض بعض أطفالهم للتبني على بعض الأسر المغربية، مبدين استعدادهم لتسليمهم لهم بالوثائق العدلية لكل من يرغب في تبنيهم، وذلك بسبب العوز وقلة ذات اليد، وتعيش العديد من الأسر السورية بالمدينة في ظروف جد مزرية وقاسية، وتمتهن البعض منها مهنة التسول حتى تسد رمق أبنائها وتدفع مصاريف الإيجار.
واقع مرير وصعب تختزله هذه الأسر السورية، أملا في مستقبل أفضل يغير حياتهم ولو على حساب تخليهم عن أطفالهم.