كشفت مصادر مطلعة أن نشاط مافيا تهجير المهاجرين الأفارقة جنوب الصحراء عبر الحدود الشرقية المغربية، يعرف نموا مضطردا، وأبرزت المصادر نفسها، التي فضلت عدم الكشف عن هويتها، أن عودة هذا النشاط بالشكل الحالي يرجع بالأساس إلى «زيادة عدد المهاجرين المتدفقين على الحدود، خاصة بعد النزاع المسلح الذي تعرفه مالي»، الأمر الذي رفع نسبة المهاجرين الماليين الهاربين من الحرب والراغبين في الوصول إلى المغرب انطلاقا من الجارة الجزائر. المصادر ذاتها كشفت أن انتعاش عمل هذه الشبكات لا يتوقف عند تعاملها مع المهاجرين الأفارقة، فحتى اللاجئين السوريين، الذين طردتهم نيران الصراع في بلدهم، يقعون في شراك هذه الشبكات، وقالت المصادر نفسها إن اللاجئين السوريين الذين يتوافدون على المغرب عبر البوابة الشرقية نوعان، فئة تأتي مباشرة من سوريا عبر سلك مجموعة من المسارات على طول الشريط الممتد من سوريا إلى المغرب مرورا بالجزائر، وفئة ثانية من اللاجئين الذين استقبلتهم الجزائر في وقت سابق، واضطرتهم ظروف العيش والإقامة إلى الهجرة بشكل غير قانوني عبر الحدود بواسطة وسطاء وشبكات التهجير. مصادر «أخبار اليوم» كشفت أيضا أن السومة التي تفرضها هذه الشبكات على الراغبين في عبور الحدود تتراوح بين 50 و70 يورو، وأن الدفع بالعملة الصعبة شرط أساس، ويمكن أن ترتفع هذه السومة في بعض الحالات لتصل إلى 100 يورو للفرد الواحد، ويتركز أعضاء هذه الشبكات بين المغرب والجزائر، ففي الجانب الجزائري، تنشط هذه الشبكات في مدينة مغنية التي لا تبعد عن الشريط الحدود إلا 25 كلم، فيما نشاط المغاربة يقتصر على الشريط الحدودي الممتد من المركز الحدودي «زوج بغال»، إلى غاية منطقة «العالب»، التي برزت أيضا كبوابة لترحيل المهاجرين الذين تضبطهم السلطات المغربية في شوارع مدن الجهة الشرقية، وحتى المهاجرين الأفارقة المرحلين من مدن الرباط وفاس والبيضاء. المصادر ذاتها كشفت أنه بالرغم من النظام الذي يسنه المهاجرون في ما بينهم، لضبط عبور الحدود إلى المغرب، وهو النظام الذي يعتمد على «حق الأسبقية»، مع وجود استثناءات في الحالات المرضية أو الإعاقة، فإن عددهم يتزايد بشكل كبير بالمناطق المجاورة لمدينة مغنية، حيث يختصر بعضهم الطريق بشراء الدور، والارتماء في أحضان شبكات التهجير لتعجيل وصوله وتقليص الوقت الذي قد يمتد إلى أشهر في الحالات العادية. وإذا كان نشاط شبكات التهجير بالشريط الحدودي المتاخم لمدينة وجدة والأحواز، يقتصر على توفير منفذ آمن، فعلى مستوى الحدود مع مدينة مليلية المحتلة ظهر مؤخرا نشاط مطرد لشبكات تهجير الأفارقة نحو المدينة السليبة، بواسطة أساليب وصفتها مصادرنا ب«الانتحارية»، تتجلى في الاختباء في أماكن خطرة في السيارات، وآخر مهاجر من جنوب الصحراء ضبط في المعبر الحدودي منذ ثلاثة أيام كان مختبئا في هيكل سيارة من نوع «رونو 21»، حيث وجده عناصر الشرطة المغربية المرابطين عند معبر بني أنصار، خلال عملية روتينية، قبل أن يلوذ السائق بالفرار، وكان المهاجر بعد اقتحامه لمليلية ينوي الالتحاق بمركز اللاجئين بالمدينة السليبة. في هذا السياق، كشف حسن عماري، عضو «اللجنة المركزية للهجرة واللجوء» بالجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أن عمليات التهجير التي تتم عبر شبكات مسيطرة ومتحكمة في هذه العملية، تفرض مبالغ مالية، وفي كثير من الأحيان لا يفي عناصر هذه الشبكات بوعودهم، فيقع المهاجرون ضحايا للنصب والاحتيال. وأضاف عماري، في تصريح ل«أخبار اليوم»، أن «شبكات التهجير تلعب دورا مهما أيضا في إعلام المهاجرين بتوقيت اقتحام السياج الفاصل بين مليلية المحتلة وبني أنصار»، حيث حمل مسؤولية تفاقم النشاط الذي يضر بمصالح المهاجرين للدول الثلاث: المغرب وإسبانيا والجزائر التي دعاها إلى ضمان الانتقال عبر الحدود وفق المواثيق والاتفاقيات الدولية.