احتلت طاقة الرياح المرتبة الثانية في توليد الكهرباء بالمغرب بعد الفحم، خلال عام 2021، في ظل سعي المملكة لتعويض غياب إمدادات الغاز الجزائري. وتفوّقت طاقة الرياح على الغاز الطبيعي، بفضل مساهمتها بنسبة 12.4% في مزيج الطاقة العام الماضي، مقابل 8.5% لإنتاج الغاز، بحسب أحدث تقرير أصدره المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب. ووفقًا لبعض التقديرات، يمتلك المغرب طاقة رياح محتملة تبلغ 25 ألف ميغاواط، منها نحو 6 آلاف ميغاواط يُمكن إنتاجها بحلول عام 2030، حيث تطَور المملكة حاليًا مزارع رياح كبيرة. وأكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، أن المملكة تعتزم استثمار 14.5 مليار درهم (1.5 مليار دولار أميركي) في برنامج متكامل لطاقة الرياح سيدخل الخدمة بحلول عام 2024. ويسعى المغرب، خلال المدّة الأخيرة، إلى توفير بدائل لانقطاع إمدادات الغاز الجزائري، بعد وقف تصدير الغاز عبر خط أنابيب المغرب العربي وأوروبا. وفي هذا الإطار وقع المغرب عقدًا مع شركة ساوند إنرجي البريطانية بعد شهر واحد من إعلان الجزائر وقف صادرات الغاز؛ إذ ينص العقد على بيع 350 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويًا، على مدى 10 أعوام، من حقل تندرارة الواقع في شرق المغرب. كما شهدت اكتشافات الغاز في حقل أنشوا تقدمًا ملحوظًا على يد شركة شاريوت البريطانية، التي حصلت مؤخرًا على ترخيص ريسانا، قبالة سواحل المغرب. وأوضح المكتب الوطني للكهرباء والماء أن مساهمة مصادر الطاقة المتجددة في تلبية الطلب أصبحت ذات أهمية متزايدة، مع حصة 4.5% لإنتاج الطاقة الشمسية (بزيادة 20% مقارنةً بعام 2020)، و12.4% لإنتاج طاقة الرياح (بزيادة 11% مقارنةً بعام 2020). وكشف التقرير عن أن الطلب على الكهرباء زاد بنسبة 5.6% العام الماضي، ووصل حتى 40 تيراواط/ساعة (مليار كيلو واط/ساعة)، بعد أن شهد انخفاضًا في العام السابق تحت تأثير جائحة فيروس كورونا. وأكد المكتب أن "هذا التطور يُفسر بالدرجة الأولى من خلال الانتعاش التدريجي للنشاط الاقتصادي في المغرب، بقدر ما لوحظت أكبر زيادة في الاستهلاك على مستوى قطاعات العملاء الصناعية والتجارية". وبحسب المكتب الوطني للكهرباء والماء؛ يظل الفحم هو المصدر الرئيس في المملكة، وذلك بفضل محطات الكهرباء التي تؤدي دورًا رئيسًا في إمداد المستهلكين. وأوضح المكتب، في تقريره، أنه "يجري ضمان توليد الكهرباء الذي يلبي الحمل الأساسي من خلال محطات الكهرباء التي تعمل بالفحم، والتي تُستخدم لضمان أمن نظام الكهرباء". وأضاف: "هذه المحطات -التي تسهم بنسبة 68.5% من الإنتاج الوطني- تجعل من الممكن مواكبة تنوع توليد الطاقة الكهرومائية وتراجع توليد الكهرباء المعتمد على الغاز الطبيعي، بانتظار بدء تشغيل المشروعات في الطاقات المتجددة المخطط لها أو قيد التنفيذ". من جانبه، أوضح رئيس اتحاد الطاقة المغربي، رشيد الإدريسي القيطوني، أن عدة دول تسعى وراء الخبرة المغربية في مجال مصادر الطاقة المتجددة، بهدف استغلال إمكاناتها في هذا المجال لتعميم الوصول إلى الطاقة على أراضيها. وأكد -خلال مشاركته، في الدورة ال15 من مؤتمر الطاقة بالرباط- أن المملكة تُعَد نموذجًا في الهيئات الدولية؛ لما تتمتع به من خبرة وإنجازات في مجال مصادر الطاقة المتجددة. وفي هذا الصدد، شدد على أهمية أن تحافظ المملكة على مكانتها في هذا المجال على المستوى الدولي، بل تحسنها، وأن يمتد عملها إلى القارة الأفريقية في إطار التعاون بين بلدان الجنوب. كما سلط القيطوني الضوء على اهتمام المملكة بتحوّل الطاقة، كما يتضح من إنشاء دائرة داخل الحكومة الجديدة خُصِّصَت صلاحياتها لهذه القضية.