لكل خطاب رسالة مضمرة، ورسالة الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى 46 للمسيرة الخضراء، هي أن الموضوع محسوم بالنسبة للمغرب، حيث إنه لا مفاوضات حول مغربية الصحراء، ولكن النقاش مع الأطراف الأخرى الغرض منه إيجاد حل سياسي يولد من طاولة الحوار، لكن تحت العنوان الكبير "الصحراء مغربية" وأقصى ما يمكن أن يقدمه المغرب هو "مشروع الحكم الذاتي" كما أكد ذلك جلالته في الخطاب الذي ألقاه في حاضرة الأقاليم الجنوبية، عيون الساقية الحمراء، وذلك سنة 2015. ولهذا استهل جلالته خطابه السامي قائلا " لقد سجلنا خلال الأشهر الأخيرة، بعون الله وتوفيقه، تطورات هادئة وملموسة، في الدفاع عن صحرائنا. وهنا لا بد أن نشيد بقواتنا المسلحة الملكية، التي قامت في 13 نونبر 2020، بتأمين حرية تنقل الأشخاص والبضائع، بمعبر الكركرات ، بين المغرب وموريتانيا الشقيقة. وقد وضع هذا العمل السلمي الحازم، حدا للاستفزازات والاعتداءات، التي سبق للمغرب أن أثار انتباه المجتمع الدولي لخطورتها، على أمن واستقرار المنطقة". لمن يريد أن يعرف قوة المغرب، فهي هذا الوجود القادر على تأمين المنطقة وكل تراب المملكة المغربية، أي أنه لا يمكن لأي يد أن تمتد دون تجد من يردعها، حيث عيون قواتنا المسلحة مفتوحة طوال الوقت. هناك حسم مغربي قوي، يتفق عليه الجميع ملكا وشعبا ومحميا بالوجود القوي للقوات المسلحة الملكية، وهذا الحسم تعزز بتزايد الاعتراف الدولي بمغربية الصحراء، وعلى رأس ذلك القرار السيادي للولايات المتحدةالأمريكية، القاضي بالاعتراف بسيادة المغرب على كافة ترابه الوطني. وكان لهذا الاعتراف ثمار كبيرة حيث أعقبه فتح عشرات القنصليات بالعيون والداخلية. وبما أن عصب الجغرافية السياسية هو الاقتصاد فقد تضمن الحسم الملكي للملف قرارا جادا، يضع حدا لازدواجية المواقف، من بعض الدول، التي تسعى إلى ربط علاقات تجارية واقتصادية مع المغرب لكن مع إرضاء الأطراف الأخرى، ولكن من اليوم لن يكون لهم ذلك، فأي معاملة بين المغرب وأي دولة أخرى على مستويات التجارة والاقتصاد إذا لم يكن الاتفاق شاملا للصحراء المغربية. بالجملة فالرسالة الملكية التي بثها عبر هذا الخطاب هو أن أي توجه لتجاوز الحكم الذاتي لا يمكن أن يقبل به المغرب، الذي هو صاحب السيادة على الأقاليم الجنوبية وجودا وشرعية، فالقانون الدولي في صف المغرب وعمليا لا يمكن لأحد أن يغمض عينيه عما جرى في الأقاليم الجنوبية حيث تحولت إلى عمران مترامي الأطراف إذ عرفت تنمية وما زالت الأوراش متواصلة. وعنوان السيادة المغربية مجسد في الاختيار الديمقراطي، الذي نهجه المغرب، حيث اعتبر جلالة الملك أن الممثلين الحقيقيين للصحراويين هم المنتخبون بأصوات عالية، وهذا ينفي التمثيلية عن مجموعة من المرتزقة فرضت تمثيليتها بالسلاح وترهيب المحتجزين في المخيمات.