أكد الأستاذ الجامعي، حميد اربيعي، أن المغرب اعترف ورسخ منذ زمن بعيد، بمقتضى الدستور، واستنادا إلى الاتفاقيات الدولية المصادق عليها، ومن خلال سن منظومة قانونية متكاملة للانتخابات، الحق في المشاركة في الانتخابات وطنيا وجهويا ومحليا. وقال أستاذ القانون الدستوري بكلية الحقوق بوجدة، في مقال بعنوان "المشاركة في الانتخابات كحق من حقوق الإنسان"، إن تجربة المغرب مع الانتخابات بكل أنواعها ومستوياتها؛ تشريعية ومهنية وجماعية وجهوية؛ وكذا التمتع بحق المشاركة السياسية، تعود إلى السنوات الأولى للاستقلال، والتي انطلقت مع سن أول دستور للمملكة في دجنبر 1962. وأضاف أن هذا المسار الذي لم يتوقف، عرف على امتداد عقود من الزمن "نقلات نوعية وطفرات كبيرة وانتكاسات نسبية"، توج بمصادقة الشعب المغربي على دستور متقدم من الجيل الجديد، في استفتاء 2011، إيذانا بفتح آفاق جديدة وواعدة للتجربة الديمقراطية وللنموذج التنموي المغربي. وأوضح أن المقتضيات الدستورية في هذا الإطار أكدت على أهمية الانتخابات كآلية ديمقراطية لإفراز نخب ذات كفاءة وقادرة على التعاطي مع الشأن العام بمهنية وفعالية، إن على المستوى الوطني أو على الصعيدين الجهوي والمحلي. وبالنظر للمكانة الرفيعة التي أصبح يكتسيها المواطن في العهد الدستوري الجديد، أضاف الأكاديمي أن الوثيقة الدستورية نصت على تعبئة السلطات العمومية وتجندها لتوفير الظروف التي تمكن من تعميم الطابع الفعلي لحرية المواطنات والمواطنين، والمساواة بينهم، ومن مشاركتهم في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية. واعتبر أن الأمر لم يقتصر على هذا الاعتراف وترسيخ حق المشاركة في الانتخابات، بل أن الرجوع إلى الترسانة القانونية الوطنية يظهر بوضوح رغبة المشرع في تنظيم انتخابات حرة ونزيهة وشفافة لكونها أساس مشروعية التمثيل الديمقراطي. وسجل أنه فضلا عن ذلك فإن المشرع لا يتوانى في تحيين المنظومة القانونية والارتقاء بها، أخذا بعين الاعتبار كافة الضمانات التي من شأنها تحقيق انتخابات حرة ونزيهة ومعبرة عن إرادة الأمة الحقيقية. وفي هذا الصدد، أشار الأستاذ الجامعي إلى آلية الملاحظة المستقلة والمحايدة للانتخابات كإحدى الضمانات لحماية شفافية الاقتراع والتي ارتقى بها المشرع إلى مستوى المقتضيات الدستورية، مبرزا أن حق المشاركة في الانتخابات يوجد في قلب هذه الآلية الدستورية حيث يمكن رصد كل التجاوزات والخروقات التي تطال هذا الحق مع بلورة التوصيات والمقترحات القمينة بمعالجة الخلل وتقويم النقص والاعوجاج. كما توقف عند بعض المقتضيات التي تروم الحفاظ على سلامة العمليات الانتخابية في جميع مراحلها، مبرزا، على الخصوص، أن العملية الانتخابية حظيت باهتمام المشرع الذي أفرد لها مقتضيات خصصت للضوابط التي يتعين التقيد بها من طرف المترشحين والناخبين والغير، بالإضافة إلى جرده للمخالفات المرتكبة بمناسبة الانتخابات والعقوبات المقررة لها، وكذا تخصيصه لضمانات قضائية. وشدد اربيعي، في هذا الإطار، أن إدراج أحكام صارمة تزجر المخالفات المرتكبة بمناسبة الانتخابات في جميع أطوارها، من شأنه أن يحد من السلوكات المعوجة ويحمي حق المشاركة عن طريق التصويت للتعبير عن الإرادة الحرة للناخبين.