وجد عبد اللطيف الجواهري والي بنك المغرب، نفسه وسط زوبعة كبيرة من الانتقادات بسبب زلة لسان، وصف فيها الأحزاب السياسية ب"الباكور والزعتر"، قبل أن يعتذر عنها ويطلب سحبها، حيث عبر عدد من السياسيين ورواد مواقع التواصل الاجتماعي عن غضبهم ورفضهم للعبارات التي أطلقها الجواهري في حق الأحزاب، في الوقت الذي أيده في ذلك فريق من النشطاء. وانتقدت معظم الأحزاب السياسية كلام الجواهري، واستنكرت ما جاء على لسان ولي بنك المغرب. وفي هذا الإطار، أبدى حزب التجمع الوطني للأحرار استغرابه بخصوص ما وصفها بالتصريحات الغريبة الصادرة عن والي بنك المغرب في ندوته الصحافية الأخيرة. وشجب الحزب "هذه التصريحات المسيئة للأحزاب السياسية وللعمل السياسي بالمغرب، المؤطر دستورا"، منددا "بهذا الانحراف الخطير وغير المبرر في سلوك رئيس هذه المؤسسة العريقة". من جهته، هاجم وزير الشغل والإدماج المهني والكاتب الوطني لشبيبة العدالة والتنمية محمد أمكراز، عبد اللطيف الجواهري، وقال في مهرجان خطابي نظمته الكتابة الإقليمية لشبيبة العدالة والتنمية بالصخيرات تمارة، أمس الخميس، إن ما صدر عن الجواهري هو "فعلا راه الباكور والزعتر وكثر من هادشي كاع". حزب التقدم والإشتراكية، من جهته، كتب افتتاحية على موقعه الرسمي، هاجم فيها الجواهري، وحمله مسؤولية تراجع الديمقراطية بسبب تغوّل التكنوقراط. وتفاعل العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع الموضوع المثير، حيث كتب علي المودن معلقا "عمي عبد اللطيف الجواهري في عمرك الآن أكثر من 82 سنة، لا يجب أن تعتقد أنك الوحيد القادر على ذلك المنصب، فالنموذج التنموي الجديد لماذا تحاشى الحديث عن الشيوخ والشياب و"مسامر الميدة"، الذين يقفون حجرة عثرة في وجه الشباب، الذي يحصل على أكثر من 19/20 في نتائج الباكالوريا. اعتذر على الباكور والزعتر ديالك وخلي الناس تخدم، والخير اللي دير فراسك وفهاذ البلاد هو زم فمك". فيما كتب الناشط روح السلام دلال، تعليقا ساخرا حول الموضوع، جاء فيه: "الصراحة وصف والي بنك المغرب للأحزاب المغربية بالزعتر والباكور لا يجوز…. #كل_التضامن_مع_الزعتر_والباكور". وفي مقابل هذه الانتقادات التي طالت الجواهري من السياسيين والنشطاء المقربين من الأحزاب السياسية، أيد العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي بشكل مطلق ما ورد على لسان الجواهري في وصفه لهذه الأحزاب، وكتب عمر إسرا قائلا: "كلام الرجل معقول، عوض التهجم عليه لأنه قال الحقيقة، فلنشرع في تغيير هذه الحقيقة المزرية. لا ديمقراطية بدون أحزاب، لكن الأحزاب الحقيقية التي تؤدي أدوارها كاملة، والتي يعطي قادتها نموذجا للنزاهة والشفافية، والعمل الجاد والتفاني في خدمة الوطن". وفي تعليق على ما قاله الجواهري، كتب الصحافي والباحث محمد نجيب كومينة، عبر صفحته بالفيس بوك، أن "ما قاله والي بنك المغرب عبداللطيف الجواهري بشأن وضعية الأحزاب السياسية "المبوكرة المزعترة" في تقديري الشخصي ليس ناشئا عن عداء للحزبية وللأحزاب، لان تكنوقراطي اليوم عاش فترة ازدهار العمل الحزبي وصمود الأحزاب خلال سنوات الرصاص وعايش القيادات السياسية ذات الكاريزمية العالية، حيث كان عضوا في اللجنة التنفيذية للاتحاد الوطني لطلبة المغرب." وأضاف كومينة قائلا :"اعتقد، والى أن يثبت العكس، أن كلامه ذاك نابع من إحساس بالأسى والألم لما ألت إليه الحياة الحزبية من تردي شامل، لا يستثني أحدا، تردي التنظيمات وترهلها، تردي القيادات، تردي الأخلاق السياسية وتدهورها الذي بلغ حد فتح سوق للاتجار في البشر في الأيام الأخيرة. الأحزاب اليوم بلا هوية مميزة ولا اختيارات او برامج متمايزة، ولا علاقة لها بالمواطنين خارج الزمن الانتخابي، وأبوابها مغلقة في وجه الأطر السياسية والتقنية ذات المستوى العالي، وما أكثرها، بل ان المافيات المسيطرة تدفع بما تبقى من اطر إلى المغادرة كي لا يبقى هناك منافس على الريع الوزاري او البرلماني او المحلي". وهذه ليست المرة الأولى التي يثير فيها الجواهري مثل هذا الجدل، حيث سبق وأن دعا إلى محاربة الفساد والرشوة، وربط المسؤولية بالمحاسبة ومحاربة الفساد على أعلى مستوى بالمغرب من وزراء و مدراء المؤسسات العمومية والمقاولات. وكانت بعض المصادر قد تحدثت عن أن عبد اللطيف الجواهري والي بنك المغرب، يعيش آخر أيامه على رأس أكبر مؤسسة مالية في المملكة. الجواهري الذي شغل المنصب منذ 2003 والبالغ من العمر 81 سنة سيحال على التقاعد في الأشهر القليلة المقبلة وربما مباشرة بعد الإنتخابات، حسب ذات المصادر. وكشفت المصادر ذاتها، أن أبرز الأسماء المرشحة بقوة لخلافة الجواهري على رأس بنك المغرب، هو وزير الإقتصاد والمالية الحالي محمد بنشعبون.