قال رشيد لزرق، محلل سياسي وأستاذ جامعي، إن العدالة والتنمية لم يقم على مشروع تدبيري بل كان في عمقه حركة احتجاجية ذات بعد أخلاقي و ديني، فهو قاد الحكومة من خلال تكتيك المجاوزة بين التمسك بالسلطة و الحفاظ على النزعة الاحتجاجية، لهذا فإن العدالة والتنمية لن يتخلي على الحكومة وسيعض عليها بالنواجذ وإن يخرج للمعارضة ومن الأفضل له أن يعود للمعارضة، هو كل ما يعرفه. وأضاف لزرق في تصريح ل"تليكسبيرس"، أن حزب العدالة التنمية يعيش الآن عسر التحول من قيم الجماعة إلى منطق الحزب، وما يطرحه ذلك من صعوبة للتأقلم مع منطق المؤسساتي، الصراعات الحالية تدور بشأن مسائل مختلفة، ترتبط بالخط الإيديولوجي والأداء السياسي، خاصة وأن العقل الجمعي لقوى التدين السياسي، لم يكن مشروع تدبيري بل قام على نظرية المؤامرة يعفي نفسه من تقديم الأجوبة، وبها استطاع مواجهة التغيير والخلافات داخل تلك التجاذبات تعكس محاولة بنكيران استرداد الحزب بعد الانتخابات، نظرا إلى فشله في لعب دور مرشد الحكومة، فضلا عن صعوبة تذويب الجماعة للخلافات في ظل تصاعد نزعة بنكيران لاستعادة الحزب بعد الانتخابات، من خلال إظهار إخوانه على أنهم خانوا تاريخهم الدعوي وقبلوا الانخراط في مشاريع غير مضمونة النتائج. وأوضح المحلل السياسي، أن بنكيران يريد تبليغ ثلاث رسائل أساسية؛ واحدة منها وجهها إلى رئيس الحكومة، والأخرى بعثها إلى بعض الوزراء؛ وهم الرميد وأمكراز، بالإضافة إلى عضو الأمانة العامة لحسن الداودي، قبل إعلان تجميد العضوية، لأنهم يرفضون جعل بنكيران مرشدا للحكومة، بل إنهم دفعوا باتجاه اعتزاله السياسة ولزوم البيت. وقال لزرق: إن "قطع العلاقات الشخصية مع وزراء معينين، وليس كل وزراء العدالة والتنمية؛ أي الوزراء الذين يمتلكون امتدادا تنظيميا، ما يجعل مناورته تندرج ضمن مسلسل إرسال الرسائل المشفرة بين الفينة والأخرى، وإنشاء مسافة نقدية، توازيها مؤاخذات كلامية غير متبوعة بشيء عملي، لكن جناحه يتخوف حاليا من إيجاد نفسه وسط الفراغ". وكان بنكيران أصر على ذكر اتصال المستشار الملكي به كدليل على لعبه المزيد من الأدوار داخل العدالة والتنمية فيما يتعلق بمسألة عودة العلاقات بين المغرب وإسرائيل، قبل أن يرد عليه الرميد بتقديم الاستقالة من الحكومة؛ لكنه عدل عنها، بعد الاتصال الملكي. ولم يعد خافيا بأن خرجات بنكيران تجسد وجود ثلاث تيارات على الأقل داخل العدالة التنمية: شق سعد الدين العثماني الذي يمثل الجناح البراغماتي، وشق بنكيران برفقة حلقة ضيقة من المقربين إليه، وشق ثالث ليست له هوية واضحة، ولا يمتلك شخصية قيادية جامعة. لكن يضيف لزرق، أن المتغير هذه المرة بخصوص الصراع داخل العدالة والتنمية، كونه يجري ضمن سياق دقيق، حيث يسيطر جناح بنكيران على رئاسة المجلس الوطني، ويراهن على حسابات المؤتمر المقبل، بينما يسعى جناح العثماني إلى استتباب الوضع القائم حالياً. فحدوث انشقاق في العدالة والتنمية ممكن دائمًا، لأن بنكيران اختار عمدا السنة الأخيرة من العهدة الانتخابية قصد استعادة الحزب من الجناح البراغماتي الذي يتشبث بالمؤسسات، حركة التوحيد والإصلاح الجناح الدعوي لها حضور إقليمي معين، يمنعها من الانخراط في جناح بنكيران المُزايد؛ وإن وقع أي خروج في مثل هذا السياق، سيكون من البدء محكوما بهذا التفاوت في موازين القوى الإقليمية، بالإضافة إلى حسابات أخلاقية.