تعرضت حكومة سعد الدين العثماني لهزات متتالية أربكت مسارها على مدى الشهور الماضية، وكان آخرها حملة المقاطعة التي بدأت منذ شهرين وشملت ثلاث مواد استهلاكية همت أساسا حليب سنطرال الذي أصدرت رئاسة الحكومة بلاغا بخصوصه، وماء سيدي علي ومحروقات إفريقيا التابعة لأحد أعضاء الحكومة. ويحاول العثماني جاهدا الحفاظ على تماسك حكومته حتى تكمل ولايتها بسلام، حيث عقد اجتماعا مع زعماء الأغلبية في إطار الميثاق الذي وقعوا عليه، والخروج باتفاق على تطويق أي أزمة والالتزام بالدفاع المشترك والتضامن في تحمل الأغلبية لكامل مسؤوليتها الدستورية والسياسية من أجل تدبير الشأن العام. لكن تحذير مصطفى الرميد القيادي في حزب العدالة والتنمية والوزير المكلف بحقوق الإنسان، لبرلمانيي البيجيدي خلال لقاء حزبي داخلي، من استهداف حزبه من جهات لم يحددها، بشكل تصاعدي من الآن وحتى موعد الاستحقاقات الانتخابية لسنة 2021، خلط جميع الأوراق
فإلى أي مدى يحس الحزب الذي يقود الحكومة بالخطر الذي يهدد بإسقاط الحكومة، وهل هذا يعني أن حزب العدالة والتنمية فقد مفاتيح السيطرة على التحالف الحكومي بعد تداعيات حملة المقاطعة، وقبلها فقد أيضا السيطرة على تنظيماته الداخلية بفعل الصراع الجاري بين تيار ابن كيران وتيار العثماني؟
رشيد لزرق الخبير المختص في الشؤون الحزبية، يرى في تصريح ل"الأيام24"، بأن الجناح البراغماتي أو ما يسمى إعلاميا بجناح الاستوزار، ينتج تكتيك الصعود لأعلى ورفع الصوت لمواجهة الوضع الحالي، أي الانحباس داخل الأغلبية وعدم القدرة على السيطرة على التضاربات التنظيمية داخل العدالة و التنمية، بفعل الصراع بينهم وبين جناح بنكيران لرد ما يعتبرونه، إهانة العزل لبنكيران، في نفس الوقت، يوضح المحلل السياسي، تعرف الحكومة صعوبات في مواجهة التحديات في ظل الأزمات المتلاحقة و التي استدعت اجتماع زعماء الأغلبية الحكومية خلال الأسبوع الجاري بالرباط وأضاف المتحدث، بأن تيار العثماني غير مستعد للاعتراف بالمشكلات الاقتصادية والمالية والخدمية، لهذا يدفع جناح بنكيران بالتخويف من سقوط الحكومة وعدم استكمالها لولايتها، نتيجة تسجيل فشل على المستويين الاقتصادي والإجتماعي، فضلا عن إخفاقاتها التواصلية وتطاحنات الأغلبية ،وتصويرها على أنها مؤامرات خارجية،واعتماد تكتيك، يقوم على نقل المعركة إلى الخارج وتضخيم الخطر الخارجي وتصوير الحكومة مستهدفة بجهات من المتآمرين.
وأكد لزرق بأن غايتهم من وراء ذلك المحافظة على استقرار واستمرارية الوحدة التنظيمية التي تعرف اختناقا، و عدم تحويل التوتر الملازم لها إلى انفجار يهدد بقاء حكومة سعد الدين العثماني، مبرزا أن هذا التكتيك يتلاءم مع البنية التنظيمية للعدالة و التنمية، باعتباره تنظيما أبويا، أصله الجماعة التي تعتبر النواة الأصيلة للتنظيم و التي تتسم ب "الثبات والسكون".