كان من الطبيعي أن يُنجب درب السلطان بالدارالبيضاء، شخصية من عيار الصحافي المقتدر نور الدين مفتاح، رئيس الفيدرالية المغربية لناشري الصحف، بالنظر إلى ما يشكله هذا الحي في الذاكرة الشعبية للمغاربة، باعتباره مشتلا للمقاومين والمشاهير الذين تركوا بصمات واضحة على صفحات التاريخ الوطني. وُلد نور الدين مفتاح، يوم 16 أكتوبر 1963، بدرب السلطان، وترعرع بين أحضان عائلته وبين دروب الحي، حيث عاش طفولة عادية، وتدرج في مسالك التعليم، إلى أن حصل على شهادة الباكلوريا سنة 1983، ليلتحق بعد ذلك بالمعهد العالي للصحافة بالرباط، الذي تخرج منه سنة 1987. إلتحق مفتاح مباشرة بعد تخرجه من المعهد العالي للصحافة، في إطار الخدمة المدنية، بقطاع الإعلام الذي كان تابعا حينها لوزارة الداخلية في عهد إدريس البصري، طرد بعدها بسبب مقال مطول نشر على صفحات "جريدة" الاتحاد الاشتراكي.. بعد هذا الطرد، الذي كان "فأل خير"، سيبدأ المشوار المهني، و رحلة العمل في "الاتحاد الاشتراكي"، المنبر الإخباري الرسمي، للحزب اليساري الأبرز آنذاك، الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، واشتغل حينها تحت إشراف قيدوم الصحافيين محمد البريني. مفتاح دخل تازمامارت متخفيا وخرج منها بتحقيق صحافي عن المنطقة والساكنة التي كانت بدورها محتجزة ومنسية إبّان سنوات الرصاص، بعدها جاءت حكاية "الكوميسير" الحاج تابت متعدد الفضائح بجلساتها المراطونية، التي حققت من خلالها "جريدة" الاتحاد الاشتراكي مبيعات خيالية وشكلت قفزة نوعية في تاريخ الإعلام الحزبي، ثم محاكمة نوبير الأموي، الذي قال عنه مفتاح: "كان يرتدي جلبابا صوفيا باستمرار، لأنه كان يعي جيدا انه سيسجن بعد نهاية كل جلسة.. "!. بعد فترة وجيزة قضاها في "دوزيم"، أصبح مفتاح أستاذا للصحافة المكتوبة في المعهد العالي للصحافة والإعلام في الدارالبيضاء، وأطلق في نفس الوقت صحيفة "أخبار الدارالبيضاء" والتي استمرت لفترة قصيرة الأمد. في عام 1996، سيكون مفتاح جزءا من فريق التحرير الرئيسي لأسبوعية "المغرب اليوم"، باللغة العربية، التي يملكها رجل الأعمال عبد الهادي العلمي. وبعد ذلك بعامين، استقال وانضم إلى فريق تحريره ليلتحق بمجموعة "ميديا تروست" ليشاركوا إلى جانب الصحفي عبد الرحيم تافنوت، الذي كان يشتغل محررا بمجلة لو جورنال أيبدو، في إطلاق النسخة العربية للوجورنال: "الصحيفة". ثم جاءت رحلة "الأيام"، سنة 2001، وشاعت أخبار علاقة محتملة بين نور الدين مفتاح والأمير مولاي هشام، لكن كبير الناشرين، نفى أي تواصل أو علاقة له بالأمير الأحمر لا من قريب ولا من بعيد، وحكى في حوار مطول مع "تليكسبريس" تفاصيل هذه الواقعة. مفتاح سيجد نفسه مرة ثالثة مرغما على تحمل مسؤولية إدارة فيدرالية الناشرين بعد الهزة العنيفة التي عرفها الجهاز التنظيمي الصيف الماضي، لكن عودة مفتاح إلى الفيدرالية أنعش أسهمها في بورصة الدينامية الجديدة بعد حادث معبر الكركرات، ولعل المحطات التي تلت "تجمع العيون" و"نداء وجدة" حملت رسائل لمن يهمهم الأمر. مفتاح يحمل حاليا هموم الناشرين، ويضع صوب عينيه مشاريع وأهداف النهوض بالقطاع الهش، الذي زادته رجة الجائحة تأزما وتعقيدا، في ظل استمرار الغيوم التي تخيم على سماء الاستثمار والإشهار في قطاع الإعلام والاتصال.. تفاصيل أوفى ستجدونها في الحوار أسفله...