يبدو ان الخلاف الدائر بين أرباب مؤسسات التعليم الخصوصية وأمهات وآباء وأولياء التلاميذ، لن يعرف حلا في المستقبل القريب، وذلك بالنظر إلى ما تعرفه الساحة من احتجاجات تمثلت في العديد من المظاهرات التي قام بها المتضررون من تداعيات الحجر الصحي، وكذا رفض اصحاب هذه المؤسسات إلغاء او تخفيض رسوم التمدرس خلال الاشهر الثلاثة الاخيرة. وفي خضم الجو المشحون بين الطرفين وعملية تبادل التهم، فإن هذا الخلاف لن يعرف طريقه إلى الحل خاصة أن الكل يصر على التشبث بمواقفه، إذ يتمسّك آباء وأمهات وأولياء التلاميذ بعدم أداء واجبات التمدرس خلال فترة الحجر الصحي، كاملة، بسبب عدم استفادة أبنائها المتمدرسين من الحصص البيداغوجية المقررة كاملة؛ وفي المقابل يتمسك أرباب المدارس الخاصة بضرورة استخلاص هذه الواجبات كاملة، مع إمكانية تيسير أدائها بالنسبة للأسر التي تأكَّد تضرُّرها من تداعيات جائحة كوفيد-19. وزارة التربية الوطنية حاولت، عبر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، تقريب وجهات نظر الطرفين، وتخفيف الخلاف بينهما، إلا أن العملية باءت بالفشل حيث ان الاجتماعات التي انعقدت بمقرات الأكاديميات بين ممثلي الجمعيات المهنية لأرباب المدارس الخاصة وممثلي جمعيات آباء وأمهات وأولياء التلاميذ لم تتمخض عن أي حل وظل كل طرف متشبثا بمواقفه.. وفي هذا الإطار قال علي فناش، نائب رئيس الفدرالية الوطنية لجمعيات آباء وأمهات وأولياء التلاميذ، في تصريح صحفي إن "الأمور وصلت إلى الباب المسدود"، مضيفا أن تدخل الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين "لم يكن بالحزم المطلوب.. ولو تم اتخاذ قرارات معينة خلال الاجتماعات التي عقدتها الأكاديميات، كتحديد نسبة تخفيض الواجبات التي ستؤدّيها الأسر، مثلا، لكان لتلك الاجتماعات جدوى، ولحُلّ المشكل". وأضاف المتحدث أن أرباب المؤسسات التعليمية تشبثوا بمطالبهم، ليصل بذلك النقاش إلى الباب المسدود، وهو ما يستدعي، حسب علي فناش، تدخل الوزارة أو رئيس الحكومة بشكل مباشر لإيجاد مخرج من هذا الوضع الذي لايزال على حاله رغم اننا على مشارف نهاية السنة الدراسية... وكانت الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين قد سعت إلى التوسط بين الجمعيات المهنية للتعليم الخصوصي وممثلي جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ، حيث دعت إلى إعمال المرونة في تقدير جاهزية الأسر من عدمها لتسديد الواجبات المالية الشهرية. من جهتهم، تمسك أرباب مؤسسات التعليم الخصوصي بضرورة دفع الأسر غير المتضررة من التداعيات الاجتماعية والاقتصادية لجائحة كورونا واجبات تمدرس أبنائها كاملة، وهو ما ردّت عليه الأسر من خلال تنفيذ وقفات احتجاجية خلال الأيام الأخيرة رفعت خلاله شعارات تؤكد تمسكها بعدم أداء الواجبات كاملة... وعبّر آباء وأمهات واولياء التلاميذ، خلال هذه الوقفات الاحتجاجية، أنهم ليسوا ضد أداء واجبات تمدرس أبنائهم بالمطلق، ولكنهم يطالبون الجمعيات المهنية الممثلة لأرباب مؤسسات التعليم الخصوصي بالحوار معهم قصد الوصول إلى حل متوافق بشأنه حول هذه المسألة. واعتبر المتضررون ان القرارات الصادرة عن الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين لم تكن حاسمة بما يكفي لحل هذا المشكل، وهذا يعني أن تدخل الوزارة أو الحكومة أصبح ضروريا، ليس فقط في ما يتعلق بأداء واجبات تمدرس التلاميذ، بل أيضا لإعادة النظر في النظام الأساسي للتعليم الخصوصي، لتكون بنوده مُرضية للطرفين، لأن مجموعة من الأمور أصبحت بيد الفاعلين في هذا القطاع يتصرفون فيها كما يشاؤون..