الزلة التي وقعت فيها الحكومة من خلال محاولة تمرير قانون 20-22, ليست أول ولا آخر الدلائل على فشلها وعدم كفاءتها ولا شعبيتها، فهل تتذكرون تاريخ الحكومة مع الاستئثار بالامتيازات والتضييق على الشعب، وعلى سبيل المثال: هل سبق أن تساءلتم عن مدى ضرورة الاقتراض الذي تلجأ له الحكومة بما يتسبب في ارتفاع مهول ومضطردٍ وسريع للمديونية ويؤزم الوضع المالي للبلاد ويورط الأجيال القادمة في ديون لا قبل لها بها، هل تساءلتم أين سيذهب جزء كبير من هذه الديون، ومن المستفيد الأكبر منها في الوقت الذي تؤخذ باسم الشعب؟ إليكم جزءاً من الجواب حسب ما نشرته كل من جريدة “الصباح” ليوم الإثنين وموقع Le360، في يونيو 2018, حتى تستوعبوا مدى ضرورة ذاك الاقتراض: خلال الأسبوع الأول من شهر يونيو 2018 أحال الوزير العبقري في الوظيفة العمومية آنذاك على رئيس الحكومة ثلاثة قوانين تنظيمية كالتالي: القانون الأول: يقضي برفع رواتب الوزراء إلى سبعين ألف درهم، زيادة على ثلاث سيارات للخدمة وبون مفتوح للبنزين، وتعويضات أخرى لا يعلمها إلا الله عن التنقل وسكن وظيفي مع التزويد بالماء والكهرباء والهاتف والعديد من الامتيازات الإضافية المتعلقة بالخدم والحشم المنزلي. القانون الثاني: يرفع تقاعد الوزراء إلى 50000 درهم شهريًا مدى الحياة مع مكافأة نهاية ولاية تقدر ب 700000 درهم، ويرفع رواتب الكتاب العامين إلى 45000 درهم ورواتب المستشارين في الدواوين إلى ما بين 15000 درهم و 25000 درهم، كل هذا في الوقت الذي لا تجد فيه الغالبية العظمى من العائلات حاليا ما تسد به رمقها، ويعيش الملايين من الأسر الفاقة والتهميش والبؤس القانون الثالث: يتعلق بإلغاء مبدأ التنافس وتكافؤ الفرص في ما يتعلق بالتعيين في المناصب السامية ويعطي للوزراء الحق في التعيين المباشر لمن يريدون في تلك المناصب، دون مسطرة الانتقاء أو التباري . هل فهمتم اليوم لماذا تريد الحكومة تكميم الأفواه وإضفاء القدسية على نزواتها وسوء قراراتها؟ هل فهمتم لماذا يزعجها انتشار المعلومة؟ لأنها تخاف منذ زمن بعيد من انتشار الفضائح والمجازر التي تقترفها في حق المال العام ولا تريد حتى أن تسمع أنين الضحايا؟ صراحةً لقد أصبحت هذه الحكومة منذ ذاك الحين فاقدة للشرعية ولم تعد تمثل إطلاقًا مطالب المجتمع المغربي في العدل والمساواة وتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية، وأصبحت منذ ذاك الزمن تمثل كابوساً وفيلما مرعباً للمغاربة، وأضحت ألماً يصعب التعايش معه، وستقود البلاد، إن استمرت على هذا المنوال، بدون أدنى شك إلى الإفلاس السياسي والاقتصادي والاجتماعي بسرعة لم يكن يتخيلها أحد … كم هو طويل ومتعب هذا النفق المظلم والمتعرج الذي يسمى في بلادنا “الانتقال الديمقراطي”… وكم هو محبط وحزين أن يأتينا هذا “المسلسل الديمقراطي” في كل مرة بمسؤولين أظلم ممن سبقهم وكم هو مؤلم أن يؤول أمر هذا “الانتقال” في كل مرة إلى قوم لم يؤمنوا أصلا بالديمقراطية ولا بالعدالة في يوم من الأيام، إلا كأداة لقرصنة السلطة والاستئثار بها للأبد… عقود من حياتنا خلت وانطفأت ونحن نسمع نفس الخطاب ونرى نفس الممارسات …استبداد وقهر بألوان وأشكال مختلفة… لا جديد… لا جديد إطلاقاً… أتعبنا الكلام والصراخ ويزينون نحن جداً بالنسبة للأجيال القادمة التي عليها أن تستمر في مواجهة هذا الكم من الظلم..