بعد أن تحول فيروس كورونا إلى جائحة، قامت العديد من الدول بفرض العزل المنزلي الصحي لمواجهة الوباء، والحفاظ على سلامة أفراد الأسرة ووقف انتشار الفيروس، ولكن في ظل هذه الظروف؛ واجه كثير من الأهالي مشكلة إقناع الأبناء بما يسمى ب«التباعد الاجتماعي». الأخصائية التربوية سهير محروس، مديرة برامج تنمية مهارات وقدرات الطفل بمركز أندلسية لصحة الطفل، تحدثنا عن ذلك. بيّنت «محروس» أنه وبعد الإعلان عن إغلاق المدارس، للحد من انتشار الفيروس التاجي «كورونا»، برز جدالٌ بين الآباء وأبنائهم؛ حول السبب في عدم تمكنهم من الخروج مع الأصدقاء، أو حتى زيارتهم في منازلهم، ذلك الأمر الذي لم تتحمله أدمغة المراهقين. لماذا يعد التباعد الاجتماعي صعباً على المراهقين؟ تقول «محروس»: خلال فترة المراهقة، يصبح المراهقون بيولوجياً أكثر انسجاماً في الحياة الاجتماعية مع الأصدقاء، ويصبح الشعور بالانتماء مع أقرانهم أكثر بروزاً. لذا حينما نقول للمراهق بشكل قاطع: «ستكون في عزلة»، فذلك الأمر بالنسبة له بمثابة «حبس انفرادي»، فالانفصال عن أقرانهم أكثر إرهاقاً خلال فترة المراهقة مما هو عليه بالنسبة للبالغين، ويشعرهم «بالذعر». أيضاً، خلال فترة المراهقة، هناك سمة تنموية أساسية للمراهقين؛ وهي الاستقلال عن آبائهم، والذي يلعب بدوره وبشكل أساسي في إعطائهم الإحساس بالحرية. لذا فإن البقاء في المنزل مع والديهم يجعلهم يشعرون بعودتهم إلى سن الطفولة، الأمر الذي يتعارض مع مسارهم التنموي الأساسي، ويخلق صراعاً وتحدياً كبيراً للآباء والأبناء معاً. ماذا يمكن أن يفعل الآباء؟ • الاعتراف بالمشاعر الصعبة التي يشعرون بها بمعنى آخر «التعاطف معهم»، فنحن نبني علاقة مع أبنائنا، لا أن نتحكم بهم، فيجب أن نفكر من وجهة نظرهم؛ لأنهم يشعرون بالحزن والخوف، والقلق بشأن الشعور بالملل والوحدة، وحتى من الفيروس التاجي «كورونا» نفسه، لكنهم يخافون أكثر شيء من فقدان الاتصال مع الأصدقاء. • العمل مع دوافعهم الحالية فإن دوافع المراهقين الحالية ذات طبيعة اجتماعية في المقام الأول، لذا فإن دافع هذا الطفل؛ هو أن يقضي معظم الوقت مع أصدقائه، لذا فإن الدور الأساسي للآباء هو مساعدة أبنائهم للخروج من العزلة من خلال التفاعل مع الأسرة. • دعم احتياجاتهم النفسية الأساسية الثلاثة: الاستقلالية والكفاءة والارتباط الاستقلالية تكون بالتأكيد على أن الأبناء لديهم قدرٌ من الحرية، فلا نستخدم لغة التحكم، بل نسألهم عن خطتهم التي سيقررونها بأنفسهم، فهذا هو مفتاح التواصل معهم. أما الكفاءة، فيجب أن يتأكد الوالدان أنهما لا يتعاملان مع أطفال صغار؛ وذلك من خلال إعطائهم الإحساس بالمسؤولية الحقيقية تجاه أنفسهم وتجاه منزلهم؛ كأن يوقظون أنفسهم، ويشاركون في الحفاظ على نظافة الغرف المشتركة، والمساعدة في غسل الأطباق، أو الطهي. والارتباط يكون بخلق روح الجماعة بالمنزل؛ مثل المخيم، الطبخ، والتنظيف، التي يجب أن تتحول إلى مهمات ممتعة. • تخصيص وقت من اليوم للألغاز والألعاب العائلية. • مشاهدة حفلة موسيقية أو فيلم عائلي مباشرة عبر الإنترنت. • تخصيص وقت «محدد» من اليوم للأنشطة الفردية؛ كاللعب بألعاب الفيديو، أو التحدث مع الأصدقاء؛ من خلال المكالمات المصورة، وذلك يفيد جداً في مشاركة التفاصيل اليومية وقتل الشعور بالوحدة. وختمت «محروس» حديثها بقولها: «إن ما نمرّ به الآن هي فرصة لإعادة النظر في كل أمور حياتنا، فلأول مرة يعيش الإنسان حياة خالية من ضغوط الدراسة، ضغوط العمل، وحتى ضغوط الواجبات والمظاهر الاجتماعية، فلنعتبر هذه المحنة الصعبة فرصة لبناء علاقات سوية وقوية مع أطفالنا وأزواجنا».