يتوجه غدا الخميس، أزيد من 5ر24 مليون جزائري إلى صناديق الاقتراع لانتخاب خلف لعبد العزيز بوتفليقة، في أجواء متوترة جدا، تطبعها احتجاجات اجتماعية متواصلة منذ 22 فبراير الماضي. ويتعلق الأمر بثالث اقتراع رئاسي تحاول السلطات تنظيمه هذه السنة، بعد اقتراع 18 أبريل الماضي، الذي كان ينتظر أن يفسح المجال لولاية خامسة لعبد العزيز بوتفليقة، قبل أن ي ضطر إلى الاستقالة، واقتراع رابع يوليوز 2019، الذي تم إلغاؤه، بعدما لم يتقدم له أي مرشح، أمام زخم الاحتجاجات الاجتماعية. ويتنافس في هذه الانتخابات خمسة مرشحين، هم الوزير الأول الأسبق رئيس حزب طلائع الحريات، علي بن فليس، ورئيس الحكومة الأسبق، عبد المجيد تبون، ووزير الثقافة الأسبق والأمين العام الحالي بالنيابة للتجمع الوطني الديمقراطي، عز الدين ميهوبي، و وزير السياحة الأسبق ورئيس (حركة البناء) عبد القادر بن قرينة، ورئيس حزب جبهة المستقبل، عبد العزيز بلعيد. وفي خضم الاستعدادات لهذه الانتخابات الحاسمة بالنسبة لمستقبل البلاد، أطلقت السلطات سباقا ضد الساعة لتعيين أعضاء ورئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، بعد إصدار نصوص جديدة تتعلق بعمليات الاقتراع والتي صادقت عليها، مؤخرا، غرفتا البرلمان. وتتكلف هذه الهيئة الانتخابية، التي يرأسها وزير العدل السابق، محمد شرفي، ب"الإشراف على كافة محطات المسلسل الانتخابي، ابتداء من استدعاء الهيئة الناخبة إلى غاية الإعلان عن النتائج الأولية". و وقع المرشحون، قبل انطلاق الحملة الانتخابية، في 17 نونبر الماضي، على الميثاق الأخلاقي للممارسات الانتخابية الذي يتضمن المبادئ التوجيهية والممارسات الخاصة التي تشكل إطار السلوك الأخلاقي المنتظر من قبل المشاركين في المسلسل الانتخابي. والتزم المرشحون، في برامجهم الانتخابية، على الخصوص، بمراجعة الدستور، وإعادة صياغة الإطار القانوني للانتخابات، وتعزيز الحكامة عبر الفصل بين الأعمال والسياسة. وطيلة الحملة الانتخابية، التي استمرت على مدى ثلاثة أسابيع، حذر علي بن فليس من "القوى الخارجة عن الدستور"، ودعا إلى "تحرير المبادرة الاقتصادية والابتكار، ومحاربة البيروقراطية وعدم تسييس العمل الاقتصادي". ومن جهته، وعد عبد القادر بن قرينة بإعادة إنعاش الفلاحة وتشجيع الاستثمار، وبأنه في حالة انتخابه "سيفتح تحقيقات حول كافة ملفات الخوصصة منذ تسعينات القرن الماضي، التي تسببت في خسارة آلاف مناصب الشغل، إلى غاية اندلاع الاحتجاجات الشعبية في 22 فبراير". أما المرشح المستقل، عبد المجيد تبون، الذي شهد طاقم حملته الانتخابية العديد من الانشقاقات، فقد قدم وعودا بإطلاق تنمية شاملة في جميع قطاعات الأنشطة والعمل على فتح معاهد التكوين لفائدة الشباب قصد تمكينهم من الولوج إلى مناصب الشغل. ومن جانبه، اعتبر عبد العزيز بلعيد أن الانتخابات الرئاسية "هي الحل الوحيد للخروج من هذا المأزق وإعادة الثقة المفقودة بين الشعب والمسؤولين". وقال إن "الوقت قد حان لبناء دولة المؤسسات، عبر انتخاب رئيس قادر على الاضطلاع بهذه المسؤولية". وبدوره اعتبر المرشح عزالدين ميهوبي، أن معدل البطالة بالجزائر كشف أن الآلة الاقتصادية "معطلة" وهي عاجزة عن خلق مناصب الشغل، واعدا بمعالجة هذه القضية اقتصاديا وليس اجتماعيا. وجدد هؤلاء المرشحون، الذين عقدوا تجمعات انتخابية تحت مراقبة أمنية مشددة، التأكيد على اقتناعهم بأن الجزائر "توجد في مفترق للطرق"، وأن الأمر يتعلق باختيار حل سياسي حقيقي، يسمح بفتح كافة الملفات ويقدم أجوبة حقيقية لقضايا حقيقية. كما شددوا على المشاركة "المكثفة" في الاقتراع لتجاوز الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد حاليا. ومن أجل هذا الهدف، أمرت وزارة الدفاع الوطني أفراد الجيش بالإدلاء بأصواتهم خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة ب "زي مدني"، وذلك على غرار "مواطنيهم على مستوى مكاتب التصويت المسجلين بها، عبر أنحاء التراب الوطني". كما تواجه المرشحون، خلال الأسبوع الأخير من الحملة الانتخابية، في مناظرة تلفزيونية وصفت بالتاريخية والأولى بالجزائر. وهي أول مرة في تاريخ الانتخابات الرئاسية الجزائرية التي يتواجه فيها المرشحون للرئاسة في مناظرة متلفزة، مكنت الجزائريين من التمييز بين المرشحين، على الرغم من أن الكثيرين يعارضون هذا المسلسل قبل رحيل كافة رموز النظام السابق.