خوفا من التوقعات الكارثية للاقتصاد الجنوب إفريقي، التي تتضح معالمها بشكل متزايد ، باشر المستثمرون الأجانب، على مدار سنة 2019، عمليات بيع مكثفة للأسهم والسندات في جنوب إفريقيا. وحسب البيانات الصادرة عن بورصة جوهانسبورغ، بلغ إجمالي هذه المبيعات 141 مليار راند (9,6 مليار دولار) هذه السنة، وهي أكبر عملية بيع سنوية منذ أكثر من عقد من الزمن. وبات تراجع أرباح الشركات، والتباطؤ الاقتصادي المتواصل منذ سنوات، وعدم اليقين السياسي في البلاد، وزيادة فرص انخفاض تصنيفها الائتماني الأخير، يثير الذعر بين المستثمرين. ويرى محللون ماليون أن تسارع العديد من المستثمرين إلى المغادرة قد يشير إلى أن عاصفة اقتصادية باتت وشيكة، مبرزين أن المبيعات المكثفة للأسهم تعكس، بشكل واضح، غياب الثقة. وهذا ما ما يصب في نفس الاتجاه الذي ذهب إليه مؤشر ثقة الأعمال لبنك (راند ميرشانت)، والذي سجل، مؤخرا، تراجعا مقلقا لثقة المستثمرين في التوقعات الاقتصادية لجنوب إفريقيا. وأكد بنك (راند ميرشانت)، إحدى المؤسسات المالية الرائدة في جنوب إفريقيا، أن الثقة تراجعت إلى أدنى مستوياتها منذ أكثر من 20 سنة، وذلك بفعل تشاؤم مقلق للفاعلين الاقتصاديين. وحسب المؤشر ذاته، يبدي ثمانية من كل عشرة مستثمرين عدم رضاهم عن مناخ الأعمال الحالي في جنوب إفريقيا. كما تشير تقديرات المحللين في القطاع المالي الجنوب إفريقي، إلى أن شعور عدم الثقة لدى المستثمرين تعزز بسبب فشل الرئيس سيريل رامافوسا في إنعاش الاقتصاد بعد حوالي سنتين من توليه السلطة. وكان انتخاب رامافوسا رئيسا للبلاد في فبراير 2018، في أعقاب الإطاحة بسلفه جاكوب زوما الذي ارتبط اسمه بالعديد من الفضائح السياسية والمالية، قد ولد آمالا كبيرة في تعافي اقتصاد البلاد. بيد أنه سرعان ما تحطمت هذه الآمال على صخرة واقع اقتصادي واجتماعي عنيد، يعكس الأزمة المستمرة، ما أدى إلى تفاقم العجز الاجتماعي بالبلاد. وأظهرت الأرقام الرسمية الصادرة، الثلاثاء الماضي، أن اقتصاد جنوب إفريقيا، المصنف ضمن أكبر الاقتصاديات الصناعية في القارة الإفريقية، سجل انكماشا بلغ 0,6 بالمائة في الربع الثالث من السنة الحالية. وتبدو التوقعات المستقبلية قاتمة، حيث تشير تقديرات البنك المركزي إلى أن البلاد ستحقق معدل نمو قريب من الصفر (0,5 بالمائة) بالنسبة لسنة 2019.