تسعى اسبانيا جاهدة في كل مرة إلى الخوض في الشؤون المغربية الداخلية لتقوم بصرف الأنظار عما تعيشه على إيقاع الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والضربات الإرهابية التي تهزها في كل مناسبة.
في كل مرة تفتعل ملفا وتركب على حدث تقدمه كوجبات دسمة لوسائل إعلامها، ولعل المتتبع للهزات التي تعصف بالعلاقات الثنائية بين المغرب واسبانيا يعي جيدا،كيف اختارت اسبانيا استغلال قضية الانفصالية اميناتو حيدر التي بالمناسبة لم يعد لها صيت يذكر.
والعهدة على الأوساط الإسبانية التي أقرت بأنها وظفت القضية للضغط على المغرب للرضوخ في ملف التبادل التجاري مع الاتحاد الأوروبي.
فعندما افتعلت المدعوة أميناتو حيدر السيناريو المحبوك مع الجهات المعادية للوحدة الترابية للمغرب، أراد كل من له مصلحة في النيل من المغرب، أن يأخذ من الموضوع ما يستطيع باستعماله للضغط على المغرب.
فهذه الحكومة الإسبانية التي توالت عليها الضغوط الداخلية من طرف مناصري أطروحة البوليساريو والتي لم تجد ما تطلبه من المغرب، لإرضاء تلك الأصوات على اعتبار أن قضية أميناتو حيدر تدخل في إطار قرار سيادي للدولة المغربية.
ولم تجد ما ترضي به تلك الأصوات سوى نقل هذا المشكل ومشاكل أخرى لم تكن مطروحة في إسبانيا، بل كانت مطروحة من طرف جبهة البوليساريو إلى برلمانها الذي وافق على كل ما تقدمه له ووافق عليه كل نواب إسبانيا، باستثناء الحزب الشعبي لأسباب خاصة به.
وفي الوقت الذي كانت هذه الأزمة المفتعلة في أشدها، كان الإسبان يريدون الضغط على المغرب داخل الاتحاد الأوروبي، بتقديم اقتراح للبرلمان الأوروبي مناصر للأطروحة الانفصالية ضد المغرب إلا أن ذلك الاقتراح تم رفضه.
واليوم تطالعنا الجرائد الوطنية بأن اسبانيا تتهم المغرب من جديد في ملف آخر، لكن هذه المرة يتعلق بالشأن الديني، إذ ادعت مخابراتها في تقرير لها أن المغرب يقوم بتمويل الحركات الإسلامية الموجودة على الأراضي الاسبانية.
ولم يكن المغرب وحده من الدول العربية الإسلامية التي تقوم بذلك، بل أضافت إليه كل من العربية السعودية والكويت وقطر والإمارات العربية وليبيا التي تعيش على صفيح ساخن هذه السنة.
لكن تقرير المخابرات الاسبانية ركز على المغرب أكثر، موضحا أن هذه المساعدات قد تكون بشكل غير مباشر، مدعيا أن جزءا من التمويل المالي الذي يقدم إلى الجمعيات الناشطة في المجال الديني على الأراضي الاسبانية يحول إلى متطرفين ضمن تنظيمات إسلامية.
موضحا أيضا أن المغرب يخصص ميزانيات كبيرة لدعم حوالي مليون و200 ألف مسلم يستقرون في عدد من المناطق الاسبانية، 80 في المائة ينحدرون من أصول مغربية. وأضاف التقرير أن التمويل يخصص أصلا لمراقبة أفراد هذه الجالية التي تنشط باسبانيا وضمان تأطيرهم بعيدا عن التنظيمات الإسلامية الراديكالية، غير أن جزءا من هذه الأموال يصل إلى يد الجماعات المتطرفة وبعض الأشخاص الذين هم تحت المراقبة الأمنية الاسبانية.
هكذا اذن تصبح التقارير المخابراتية الإسبانية مادة إعلامية للعديد من وسائل الإعلام الإسبانية، في الوقت ظلت فيه الأجهزة الإستعلاماتية المزود الأول للصحافة في إسبانيا، بعدما كانت تسرب فقط سمومها بشكل سري.