مني حميد شباط، عمدة مدينة فاس والأمين العام لحزب الاستقلال، بهزيمة قضائية في قضية رفعت ضده بخصوص بناء تجزئة سكنية في أراض شاسعة تابعة للجماعة القروية أولاد الطيب بفاس. وتلقى شباط صفعة قوية على إثر حكم قضائي صادر عن المحكمة الإدارية، بعد أن اعتبر أن الترخيص من قبل المجلس الجماعي لفاس لشركة عقارية في أجزاء تابعة للجماعة القروية أولاد الطيب، في ضواحي فاس، "غير قانوني"، ما يستوجب مراجعة هذا الترخيص الذي اعتمدته شركة "أملاك" العقارية لبناء تجزئة سكنية في أراض شاسعة تمسكت الجماعة القروية بأنها في ملكتها، بينما قال المجلس الجماعي لفاس إنه جرى إلحاقها بالمجال الحضري منذ انتخابات 2009.
وحسم القرار القضائي في الخلاف، حسب جريدة المساء، باعتماد وثائق التقسيم الترابي لسنة 1998، المنشور في الجريدة الرسمية عدد 4563، والمتعلق بالحدود الترابية بين الجماعتين، ما اعتبرته الجماعة القروية نصرا لها في معركة تطورت من صراع حول النفوذ الترابي إلى صراع سياسي محتدم بين حزب الأصالة والمعاصرة، الذي ينتمي إليه رئيس الجماعة، وبين حزب الاستقلال، الذي يعتبر عمدة فاس أمينه العام الحالي، وينتمي إليه عدد كبير من إخوانه في الأغلبية.
وكانت المعركة قد أدت، في يوليوز الماضي، إلى إنزال كثيف لساكنة الجماعة القروية بالقرب من مدخل المدينة لإيقاف أشغال تثنية للطريق الرابطة بين مطار فاس سايس والعاصمة العلمية، كانت الجماعة الحضرية قد تبنتها، ما اعتبره رئيس الجماعة القروية، رشيد الفايق، وأتباعه "غير قانوني ويرمي إلى تكريس وضع الاستيلاء على أراضي الجماعة"، بعدما أكدوا أن أشغال الجماعة الحضرية لفاس تدخل في النفوذ الترابي لجماعتهم القروية.
وفي السياق ذاته، تقول ذات الجريدة، وجه رئيس هذه الجماعة القروية رسالة شديدة اللهجة للمسؤولين في الوكالة الحضرية بفاس، يخبرهم فيها بالحكم الصادر لصالح الجماعة في هذا النزاع ويطلب منهم إيقاف جميع الملفات التي تقدم بها المجلس الجماعي لفاس، والتي تتعلق بتراخي شركات عقارية ترغب في تحويل المنطقة المتنازع عليها إلى تجزئات سكنية، بعدما تم الإجهاز على ما تبقى من الفضاءات الخضراء في جل أحياء العاصمة العلمية، ما دفع المجلس الجماعي إلى اتخاذ قرار "التوسيع" على حساب الجماعات القروية المحيطة، وهو نفسه التوسيع الذي كرسه تصميم التهيئة الجديد للمدينة، بينما ووجه برفض عدد من الجماعات القروية في الضواحي.
وكانت شركة "أملاك" العقارية قد نالت ترخيصا من المجلس الجماعي لفاس لبناء تجزئة سكنية من فيلات لنخبة المدينة في هذه المنطقة، بينما أكدت خبرات لمهندس طوبوغرافي، اعتمدته المحكمة، أن أجزاء من هذه التجزئة تتبع للجماعات القروية أولاد الطيب وليس للمجلس الجماعي لفاس، اعتمادا على التقسيم الترابي لسنة 1998، وليس على التقسيم الانتخابي لسنة 2009.
وخلصت المحكمة، وهي تنظر في الملف، تضيف الجريدة نفسها، إلى أن تأكيد المجلس الجماعي لفاس أن الأرض التي رخصت للشركة فيها كلها تتبع لها هو مجرد "ادعاء"، لأنه ليس هناك أي وثيقة تفيد تعديل المرسوم الصادر في سنة 1998، ما يعني أن هذا المرسوم هو "المرجع والمستند الوحيد لمعرفة حدود الجماعتين المدعيتين".