وجه حزب الأصالة والمعاصرة رسالة «غاضبة» إلى والي جهة فاس بولمان، محمد غرابي، ضمنها انتقادات لاذعة، على خلفية ملف يتعلق بترسيم الحدود الترابية بين الجماعة الحضرية لفاس، التي يسيرها الاستقلالي حميد شباط، وبين الجماعة القروية أولاد الطيب، التي يسيرها رشيد الفايق، رئيس المكتب المحلي لحزب الأصالة والمعاصرة، وعضو الكتابة الجهوية لهذا الحزب. حزب الأصالة والمعاصرة قال في رسالته المؤرخة بتاريخ 4 نونبر الماضي، حصلت «المساء» على نسخة منها، إن الطريقة التي تعالج بها المصالح الولائية هذا الملف فيها إقصاء لهذا الحزب ودعم وصفته الرسالة بالواضح ل«هيئة سياسية معينة تشرف على تسيير الشأن الجماعي بفاس». ولم يقف حزب الأصالة والمعاصرة عند هذا الحد، بل تحدث عن وجود تحضيرات ل«تقطيع انتخابي على مقاس المصالح الضيقة لحزب سياسي معين دون الأحزاب الأخرى»، مما اعتبره حزب الهمة مساسا ب«استراتيجية التخليق والنزاهة وعدم تدخل الإدارة في الشأن المحلي». وزادت الكتابة الجهوية لحزب الأصالة والمعاصرة من «جرعة» الانتقادات، التي وجهتها لمصالح ولاية جهة فاس، عندما أشارت في رسالتها إلى وجود «تستر على الخروقات الإدارية والمالية والقانونية لرئيس الجماعة الحضرية لفاس تجاه الجماعة القروية أولاد الطيب». وتشير مراسلة جوابية للوكالة الحضرية وجهت إلى رئيس المجلس القروي أولاد الطيب، توصلت «المساء» بنسخة منها، مؤرخة بتاريخ 3 دجنبر الجاري، إلى أن آخر ترسيم لحدود هذه الجماعة القروية مع المدار الحضري لفاس يعود إلى 23 فبراير 1998، مما يجعل، في نظر هذه الجماعة، طبقا لمصدر مقرب من رئيسها، أي «تصرف» خارج هذه الحدود من قبل سلطات فاس ومجلسها الجماعي يصنف على أنه «ترام» على أراضيها. وعمدت مصالح الجماعة الحضرية وولاية الجهة ومؤسسة العمران، في الآونة الأخيرة، إلى منح تراخيص لشركات القطاع الخاص لتحويل ما يقرب من 500 هكتار إلى تجزئات سكنية في موقع استراتيجي بمدخل فاس من جهة المطار حيث توجد بعض الأحياء الراقية بالمدينة، التي شيدت على أجزاء كبيرة (كل من حي مونفلوري وبورمانة) والتي سبق للسلطات أن اقتطعتها من جماعة أولاد الطيب القروية في سنة 1992 وأدخلتها في النفوذ الترابي للجماعة الحضرية لفاس. ولجأت السلطات الإدارية إلى عقد عدة اجتماعات داخلية ل«احتواء» هذا الملف، لكن مساعيها لم تنجح أمام «تمسك» رئيس جماعة أولاد الطيب ب»حق» الجماعة في هذه الأراضي، التي رخص فيها المجلس الجماعي لفاس لشركات عقارية خاصة باشر بعضها أشغال بناء تجزئات سكنية فيها، فيما قررت جماعة أولاد الطيب، في دورتي يوليوز وأكتوبر الماضيين، بأغلبية أعضائها، رفع دعاوى قضائية في شأنها ضد كل من المجلس الجماعي لفاس وضد شركات عقارية، من ضمنها مؤسسة العمران، مما سيدخل عددا من المواطنين بدؤوا في إجراءات اقتناء قطع وشقق سكنية بهذه المنطقة في «متاهات» تعيد إلى الواجهة ما سبق أن عاشته مدينة تامسنا بضواحي الرباط. وب«سرعة البرق» رد والي الجهة، محمد غرابي، على هذه الرسالة اللاذعة في اليوم الموالي لتوصله بها (الرد مؤرخ في 5 نونبر الماضي). لكن هذا الرد لم يقدم أي معطيات حول الاتهامات المباشرة التي وجهت له، مشيرا إلى أن موضوع ترسيم الحدود بين الجماعة الحضرية لفاس والجماعة القروية أولاد الطيب «تم رفعه للمصالح المركزية المختصة بوزارة الداخلية قصد البت فيه طبقا للقوانين والمساطر الجاري بها العمل في هذا الشأن»، يضيف رد والي الجهة. ويرتقب أن يعرف ملف الحدود بين هذه الجماعة القروية والمجلس الجماعي تطورات أخرى، بعدما قررت جماعة أولاد الطيب رفع دعوى قضائية في المحكمة الإدارية ضد المجلس الجماعي لفاس، للمطالبة بإعادة النظر في قرار تفويت قطعة أرضية لفائدة شركة مرجان، حولت على إثره عائداته المالية للمجلس الجماعي لفاس. وكان والي الجهة، محمد غرابي، قد وجه بتاريخ 14 نونبر 2009 رسالة إلى مصالح الجماعة الحضرية لفاس يشير فيهH إلى أن إعادة دراسته ملف التفويت بينت بأن عملية التفويت كان من المفترض أن تقوم بها جماعة أولاد الطيب. وطلب والي الجهة من المجلس الجماعي تمكين هذه الجماعة من استرجاع حقوقها «المستفاد منها خطأ لفائدة الغير»، عبر الاتصال بالخازن الجماعي من أجل «اتخاذ الترتيبات اللازمة لتصحيح هذا الوضع»، لكنه تصحيح لم يتم لحد الآن.