جمال البجطيري/ طالب بكلية الحقوق فاس منذ أن حلت شركة سيتي باص للنقل العمومي بفاس محل الوكالة المستقلة للنقل الحضري بفاس، وهي تتعرض لوابل من التشويشات ولحملة مسعورة ممنهجة فاشلة من قبل بعض الدخلاء على الحقل الإعلامي. أحيانا يتخيل لي أن رواد وجهاديي هذه الحملة الهوجاء الحقيرة، إما أن جهات انهزامية فاشلة تحركهم كالكراكيز من وراء الكواليس لأجل تصفية حسابات معينة من خلال هذه التشويشات الغبية، أو أنهم يعتقدون أن إدارة شركة سيتي باص ستخضع لابتزازاتهم المفضوحة وتجازيهم ببعض المكاسب الامتيازية، وأخشى أن تكون هذه الحملة الغبية تئن تحت وطأة هذه الحقيقة. النقد والانتقاد حق مشروع تضمنه مساطير قانونية واضحة، ومن حق كل فاعل ممارسته بالشكل الذي يدفع الأمور إلى سكتها الصحيحة. إلا أن ما تعرضت وتتعرض له شركة سيتي باص فاس لا يمت بصلة إلى هذا الحق لأن المتأمل في ثنايا وماوراء سطور هذه الحملة السخيفة الفاشلة التي يحاول روادها ممارسة التشويش وتضخيم الأمور وإعطاء صورة سوداوية عن الشركة، سيخلص إلى حقيقة راسخة وهي روادها يسعون إلى شل حركة سيتي باص واستعداء الرأي العام لها. قبل أسبوع كنا ندردش في إطار حلقة طلابية حول موضوع “مستقبل وآفاق النقل الجامعي” في ظل الوافد الجديد – أي شركة سيتي باص – ، حيث أثار أحد الزملاء مسألة الخطوط المباشرة وانعكاساتها على مستقبل الطالب خاصة فيما التحصيل العلمي. النقاش كان موضوعيا بعيدا عن العاطفة ولغة الانفعالات، وشارك فيه عدد لابأس به من الطلبة، كل واحد أدلى فيه بدلوه ورأيه، هناك نقاط تقاطعنا فيها وهناك نقاط اختلفنا حولها. ولكن الجميع خلص إلى أن ما يهم الطالب بالدرجة الأولى هو إيجاد وسيلة نقل تقل الطالب من حيه إلى محل دراسته، سواء كان عبر الخطوط المباشرة أو غير المباشرة، وبالتالي من حق شركة سيتي باص أن تنهج الأسلوب الذي تراه مناسبا لاستراتيجيتها وفي تعاطيها مع متطلبات المواطنين فيما يخص تقديم خدمات النقل طالما أنها تعمل على توفيرها. النقاش لم يغيب من اعتباره أن شركة سيتي باص فاس تتواجد في مرحلة انتقالية على اعتبار أنها وافد جديد حل محل الوكالة بالرغم من تجربتها المتراكمة في مدينة مكناس، ولكن لابد من التمييز بين خصوصيات فاس وخصوصيات مكناس. إثارتي لهذا الموضوع لا يعني أنني أدافع عن شركة سيتي باص بقدر ما أنني أحاول معالجة هذا الموضوع بطريقة موضوعية استنادا إلى معطيات الواقع والإرث الثقيل الذي ورثته هذه الشركة من الوكالة، ولا يعني إطلاقا أن النقل الجامعي بفاس في صحة جيدة، بل هناك هفوات تحدث من حين لآخر، والتي لا يمكن تحميل مسؤولية حدوثها لشركة سيتي باص وحدها، بل هناك أطرافا عديدة تتقاسم هذه المسؤولية بما فيها الطلبة أنفسهم وبما فيها المعالجة الإعلامية السلبية التي عوض أن تلعب دور المساهم في بلورة رؤية واضحة واقتراح حلول معينة نقلا عن نبض الشارع، نجدها تستعدي المواطن على الشركة وتبرز له صورة سوداء عنها من خلال تضخيم وقائع عابرة والنفخ فيها وأحيانا التحامل على شركة سيتي باص واللعب ببعض المصطلحات. فإذا أخذنا على سبيل المثال لا الحصر، “مقالة” ظهرت يوم أمس في إحدى المواقع المحلية، وهي بالمناسبة ليست أول مقالة، إذ سبقتها “مقالات” أخرى ظهرت في نفس الموقع، والتي كلها تصب في اتجاه النيل من شركة سيتي باص. إذا قام أي متأمل بتمحيص “مقالة” يوم أمس وربطها بالمقالات السابقة، سيخلص إلى استنتاجات شتى أهمها: أولا: مضمونها وشكلها لا يمت بصلة إلى جوهر الحقيقة ولا يمكن تصنيفها ضمن إطار المعالجة الإعلامية الموضوعية والإيجابية. ثانيا: التأمل في ثناياها والمصطلحات التي تم استعمالها وتوظيفها في المعالجة ستجعلنا نشم رائحة كريهة وغير زكية. ثالثا: ربط هذه “المقالة” بسابقاتها يقود المتلقي إلى استنتاج واحد من إثنين إما أن هذا المنبر “الإعلامي” تقف وراءه جهات لها حسابات عالقة وتريد تصفيتها من خلال استغلال الهفوات التي أشرنا إليها أعلاه، وإما أنه يبحث لنفسه عن بعض المكاسب المادية عبر لغة الابتزاز، ولا أقول الضغط الإعلامي لأن هذا الأخير له ضوابطه وقواعده وأخلاقياته. جميل جدا أن يقوم الإعلام بتعرية الواقع وملاحقة رموز الفساد أينما حلوا وارتحلوا، وجميل جدا أن ينقل للرأي العام حقيقة ما يحدث داخل هذا المجتمع والمساهمة في صناعة رأي عام إيجابي يكون مفيدا للمواطن والمجتمع معا. ولكن من المؤسف جدا أن يتحول هذا الإعلام إلى وسيلة للارتزاق وصناعة رأي عام سلبي مسموم يكون ضحيته أولا وأخيرا المواطن والمجتمع معا. وأنا كطالب علم أرفض أن تتحول معاناتي تجارة للآخرين ووسيلة للارتزاق عبر الامتطاء فوقها. لقد مللنا من الإعلام المضلل والمسمم للحقيقة.