احتفاء باليوم العالمي للغة العربية الذي اعتمدته الأممالمتحدة يوم 18 دجنبر من كل سنة نظمت جمعية حماية اللغة العربية فرع فاس يوما دراسيا بكلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس قدمت خلاله عروض تلامس مواطن الجلال والجمال في اللغة العربية . ففي محاضرة بعنوان” قيم جمالية لغة القران” بين الدكتور عبدالله الغواسلي المراكشي أوجه الإعجاز اللغوي في القران الكريم من خلال نماذج لكلمات وتراكيب قرآنية تعطي لكل مقام معنى لفظه المناسب والحمولة الدلالية المناسبة مسوقا أمثلة مقارنة بين الزوجة ا والامراة والضرر والضرار والشهيد والشاهد الى غير ذلك من أمثلة لايسع المجال لحصرها …. بعده تناول الدكتور ع العلي المسؤول من نفس الكلية “الجلال والجمال في لغة قراءات القران ” مشيرا بداية إلى أن الجمال والجلال مترابطان يتبع احدهما الأخر ليبين مدى عكس القراءات المعتمدة سواء كانت صحيحة وشاذة لعظمة وجمال القران الكريم مدا وقصرا وإدغاما وإمالة لان الظواهر الصوتية لها اثر في المعنى لارتباط الدال والمدلول موردا أمثلة لابن جني ومطبقا ذلك من خلال قراءات حسب رواية ورش ليستنتج بان علم القراءات يغني عن معرفة التفسير لاستيعاب ذاك الجلال والجمال الذي تحمله ثنايا اللغة القرآنية….. أما الدكتور احمد العلوي العبدلاوي رئيس فرع فاس للجمعية المنظمة وأستاذ اللغة العربية بكلية سايس فلقد تمحورت مداخلته حول دلائل الجمال والسعة في اللغة العربية منطلقا من كون اللغة العربية تشكل خزانا للعلوم والآداب وكل مظاهر الحضارة .تلك اللغة التي نافست جميع اللغات في الماضي وتفوقت عليها لما تحمل من معجزات منبها في الوقت نفسه إلى ما ألت إليه هذه اللغة من جمود وضعف وما تتعرض له من طعن من الأهل قبل الغريب.إنها اللغة التي نوه بها ماسنيون في التعبير الفلسفي المجرد والتي تختزل عبقريتها في لسانها فهي لغة شاعرة أكثر من شعرية لكونها تصنع مادة الشعر والجمال. فهي لغة سلسة مطواعة ودقيقة الدلالة تترك أثرا جماليا عند المتلقي فهي باختصار لغة أهل الجنة وأداة الوصل بين السماء والأرض …… واستنباطا لأسرار التعبير في اللغة العربية ركز الدكتور عبدالرحيم الرحموني على خصوصيات اللغة العربية التي تشكل سر جلالها وجمالها سواء من حيث النطق أو التعبير أو الرسم المتمثل في جمالية الخط العربي الذي برع فيه الأتراك موردا إعجاب ماسينيون باللغة العربية الذي قال انه من حق العرب التفاخر بما بين أيديهم من جوامع الكلم .ولتجسيد ما ذهب إليه أعطى أمثلة من التراث العربي حيث كان الجاهليون يتذوقون اللغة من حيث الدلالة وصياغة اللغة بحيث كان الجاهليون يختارون لأبنائهم افزع الأسماء ترويعا للأعداء وأعذب وأفخمها لعبيدهم قائلين أبناؤنا لأعدائنا وعبيدنا لأنفسنا ليختم مداخلته بإعطاء أمثلة لخصوصية اللغة العربية من قبيل غياب الترادف وغنى المعجم فالكأس بلا مشروب لا يعدو أن يكون زجاجة كما أن المائدة بلا طعام ليست سوى خوانا ومن ذلك امثلة كثيرة كما هو الحال في التراكيب مدا وشدا الخ …… أما الدكتور حسين كنوان من كلية الآداب سايس فأرادها وقفة مع الذات انطلاقا من سؤال جوهري من انا وعن ماذا أدافع وهل أنا إنسان ؟ وجوابا على هذا السؤال الكبير أحال المحاضر إلى أمثلة من دول أخرى أرادت أن ترفع شان لغتها كالمانيا التي لا تسمح بالنجاح لآي كان إذا كان ضعيفا في لغة الوطن واليابان التي قوت لغتها بما أوتيت من شعور وطني وتقنية . فالإعراض عن اللغة الأم إعراض عن الذات موردا أقوالا تفيد اختزال اللغة في الوطن ‘وأمثلة حول الغنى الدلالي للغة العربية … من جهته قارب الدكتور محمد بوطاهر جمالية اللغة العربية من خلال الحركات والمراتب الثواني فذكر بفضل الخليل الفراهدي الذي نظم أواخر الكلم ووضع البحور الشعرية فالحركات سواء في المعرب أو المبني لها دلالاتها الوظيفية مما يخدم التناسق اللغوي .. واختتمت فعاليات هذه الندوة بمعاني النحو بين الدقة والجمال عند عبدالقهار الجرجاني للدكتور حميد حماموشي الذي اعتبر بداية بان اللغة العربية ليست أداة للتواصل فحسب فهي حاملة حضارة مبينا أن مفهوم الدقة والجمالية تعني وضع الألفاظ في مواقعها الصحيحة فالجمال هو الحسن في الخلق والخلق قيمة فنية تثير الإعجاب. فإذا كان النحو ماديا فالجمال قيمة مجردة يلتقيان في الباطن في إطار التكامل. فالنحو نظام منطقي يؤدي عدم احترامه إلى خلخلة الغرض الدلالي في التركيب .فالنظام إذن يخلق الجمال والراحة والاطمئنان والعبث يؤدي إلى البشاعة والقبح. فالنظم والنحو وجهان لعملة واحدة ففي النظم نصنع الكلام بما يقتضيه علم النحو. وهو ليس غير توخي ما تتوخاه معاني النحو. فالألفاظ لا تتفاضل كألفاظ مجردة بقدر ما تستقي جماليتها في تركيبها . فالنحوي يقدم ضمانات للمبدع . وفي هذا أورد المحاضر نماذج من القران الكريم كقوله تعالى على لسان قوم إبراهيم عليه السلام :” أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم ” فهو استفهام عن الاسم أي الفاعل لان فعل الهدم واضح وواقع وقوله تعالى:” إنما يخشى الله من عباده العلماء” فإنما تصلح للتقديم والتأخير مساوية ل لما وإلا إلى غير ذلك من البلاغة الجمالية في القران الكريم كقوله تعالى على لسان النبي زكريا: ” واشتعل الرأس شيبا” فهو تمييز يفيد الشمول والعموم على غرار قوله تعالى:” وفجرنا الأرض عيونا “ أما أن الأوان لتفجير عيون بلاغة اللغة العربية لدى الناشئة لتصبح لغتنا الأولى كما كانت في أيامها الذهبية أليست هي لغة الأرض والسماء وأهل الجنة . تلك اللغة التي قال عنها البيروني الفارسي العاشق لها:” لان أهجى باللغة العربية أحب إلي أن امدح باللغة الفارسية “ عبدالسلام يونس فاس