بهدف تشجيع التلاميذ على الإبداع والخلق وتحفيزهم على الإطلاع والقراءة وفتح باب التواصل بينهم وبين مبدعي وكتاب جهة فاس بولمان وكذا تعريفهم بالإنتاج الأدبي للجهة وبالكتاب المبدعين استضافت الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة فاس بولمان القاص إدريس الواغيش لقراءة مجموعته القصصية”ظلال حارقة” وذلك بمقر الأكاديمية يوم 29 مارس 2012 في بداية اللقاء رحب الدكتورعبد الرحيم تكشميطة بالحضور النوعي والتلاميذي مثمنا تجربة الأكاديمية في تجربة ترسيخ الإبداع في المشهد التعليمي المغربي في سياقه السردي وقبل تقديمه للكاتب أعطى الكلمة لممثل مدير الأكاديمية الذي سجل المستوى الهزيل للكتابة والقراءة الإبداعيتين لدى الكثير من تلامذتنا . موساوي أشاد بالمنصة الأدبية معتبرا اللقاء بمثابة فرصة سانحة لبعث روح القراءة والمطالعة من جديد في أوساط التلاميذ والأساتذة على حد سواء ضمن علاقة جدلية تستحضر القراءة كأساس أول للكتابة الإبداعية ، لأن الذي يريد أن يكتب لابد أن يقرأ ، وقال محمد موساوي في هذا الصدد “أن معضلة الكتابة الإبداعية لدى تلامذتنا تقض مضجع المهتمين والمتتبعين للشأن التربوي يوما بعد يوم. موضحا أن أكاديمية جهة فاس بولمان معتزة بتنظيمها نشاطا من هذا المستوى يخرج عن المستوى المألوف الذي عهدت القاعة من أنشطة تكوينية وعلمية مدرسية صرفة لننتقل إلى عالم الثقافة والمعرفة والإبداع . وشكر للمركز الجهوي للتوثيق والتنشيط والانتاج التربوي مبادرته استضافة أحد أفراد الأسرة التعليمية المبدعين. وأشار في تطرقه لموضوع القراءة والكتابة في مجتمعنا” أن التأسيس له بمثل هذه الأنشطة ليس ترفا أو شيئا ثانويا ، بل أصبح ضرورة ملحة . خاصة أن عالمنا العربي اليوم وفي بلدنا المغرب بالذات يضيف موساوي نعيش وضعية قرائية نستطيع القول أنها مزرية وهناك من يصفها بالأزمة أو الفضيحة . وسجل كمهتم ومتتبع وكأستاذ مادة الاجتماعيات أرقاما صادمة مستندا إلى تقرير لإحدى المؤسسات العربية تناولت من خلاله مدى جاهزية الشباب العربي لولوج عالم المعرفة مشيرا في ذات السياق أن تقدم أي مجتمع وتطوره يقاس في عالم اليوم بمقدار توفره على البيئة الحاضنة للمعرفة والمساهمة في إنتاجها وتطوير أسسها إبداعا وابتكارا . وأوضح من جهة ثانية أن من بين المهارات التي تم قياسها في أربعة بلدان من ضمنها المغرب الإمارات الأردن القدرة على الكتابة . وتأسف موساوي لنتائج الدراسة التي أبانت أن الأغلبية الساحقة ممن شملتهم لا يتوفرون على مهارة الكتابة. يشار إلى أن متوسط القراءة في العالم العربي لكل فرد حسب بعض الدراسات لا يتجاوز 6 دقائق في السنة في حين تتجاوز 12 ساعة في السنة لكل فرد في أروربا وغيرها من الدول المتقدمة حيث خلص إلى الدعوة من جديد الرجوع إلى القراءة الفعلية للكتب الإبداعية وغيرها حيث يبدو حسب الدراسة السالفة أن امتلاك التلاميذ لمهارة استخداما لتيكنولوجيا أفضل مقارنة بمهارة الكتابة .فالشباب يستعملون الحاسوب الهاتف النقال والكثير من الأجهزة الالكترونية بمهارة فائقة، لكن يتعذر عليهم في بعض الأحيان كتابة إنشاء أو قطعة أدبية أو قصيدة . إن فعل الكتابة يضيف الموساوي الذي بات مهددا بسبب انتشار أساليب ورموز تواصلية لا تتطلب امتلاكا للغة ولا قدرة على تركيبها وتوليدها ، وشدد على خطورة تنامي كتابة بخليط لا هو بالعربية ولا هو بالفرنسية وهو ما يؤثر بشكل كبير على القدرة على الإبداع والانتاج . ليخلص محمد موساوي الفعل الذي ترسخه الأكاديمية اليوم هو منطلق نحو الكتابة الرصينة والابداعية والعلمية في أذهان أبنائنا وبناتنا ومعهما الأسر المغربية على حد سواء. محمد بصراوي مفتش وباحث في ديداكتيك اللغة العربية أشاد بداية بتقليد دأبت أكاديمية فاس بولمان على تنظيمه من خلال أنشطة متنوعة، تقليد يندرج في إطار استراتيجية تتوخى تشجيع القراءة الكتابة . وتطرق إلى موضوع المزاوجة بين البعد التدريسي للمدرسة وبين البعد التثقيفي مبرزا الهدف الذي تنشده المقاربة من حيث إنتاج وإعادة إنتاج فئة من المثقفين والمبدعين تكون المدرسة نواتهم الأولى في بناء مستقبلهم الثقافي والتربوي . وفي تقديمه للكاتب أوضح بصراوي أن الأكاديمية عندما تقدم كاتبا فإنها تفعل ذلك لغرضين الأول :هو محو ذلك الغشاء الوهمي الذي يفصل القراء بالكتاب . مضيفا أننا نريد أن نبين لتلامذتنا بأن الكاتب هو شخص يعيش بيننا يعاني مثل ما نعانيه ونفرح مثلما نفرح وله مشاعر إنسانية عادية ، لكنه يسجلها ويدونها ويقتسمها مع الآخرين . الغرض الثاني : هوتقديم الكاتب في إطار ر د الاعتبار للإبداع المغربي الذي له صيت كبير خارج بلادنا خاصة في المشرق العربي وأوروبا لكننا نبخس كتابنا ولا نلتفت اليهم ،ولربما تستهوينا أسماء وعناوين وهي أقل بكثير مما هو عندنا وننسى أن لنا مبدعين يحفرون ذواتهم بأناة وصبر ليس فقط ضمن قائمة الإبداع المحلي والوطني ولكن العالمي أيضا. وقال في نفس السياق أن القاص إدريس الواغيش ككل الكتاب له بدايات طفولية بشغبه بخجله وعواطفه وإحساساته ،وكان يكتب أشياء عبارة عن خربشات يحتفظ بها لنفسه ، كما يحتفظ الكثير منكم أبناءنا وبناتنا اليوم في دفاتركم الحميمية ،و يرسم بعض الارتسامات والخواطر والأشياء التي ربما تخشون أن تظهر وتخشون اقتسامها مع الآخرين إما خجلا أوخوفا من السخرية من مجتمع لا يرحم لكنه لا يقأ أيضا. لكن لها رمزيتها وحميميتها. وفي قراءته للمجموعة القصصية “ظلال حارقة” للقاص إدريس للواغيش وبما أن أغلب الحاضرين من التلاميذة حاول ذ بصراوي إعطاء بعض الإشارات فيما يتعلق المجموعة وتناول بالدراسة والتحليل أبعاد العنوان وطبيعة الشخصيات ومستويات الزمان والمكان وقدم خلاصة ضافية للتجربة حاول من خلالها تصنيف العمل تصنيفا إبداعيا خاصا . وأشار بخصوص العنوان” أن الظلال التي من المفترض أن تحمينا وتقينا جمرة الشمس المحرقة هي عكس ذلك في المجموعة تسبب لنا الالتهاب والحرارة الضيق ، وهي مفارقة أسهب بصراوي في تأملها وتحليلها ، والظلال الحارقة التي تكررت أكثر من مرة داخل المجموعة كعنوان هو ذو وظيفة رمزية وهو لا يحيل مباشرة على المضمون ولا يلخص مضمون النص ، ولكنه يوحي بكثير من الإيحاء الذي يتمثل في حياة الإنتظار التي تسحق الإنسان وفي عجز هذا الأخير عن تحدي الواقع الذي يشتد في قسوته ، كما يتضمن لمسة وجودية تتمثل في مباهج الآخرين الذين يشكلون جحيما بالنسبة للأنا ثم في آخر المطاف الإشارة إلى أوهام الحياة . وفي مداخلة ثالثة بعنوان “الكتابة والسيرة الذاتية : ” ظلال حارقة ” للقاص المغربي إدريس الواغيش نموذجا استحضر القاص والناقد ذ حميد ركاطة قصصا من مجموعة ” ظلال حارقة ” اتسمت بميولها نحو الكتابة السير- ذاتية ، وهي بذلك ترصد عوالم الهجرة المعاكسة نحو القرية ، التي من خلالها تفتح قوسا لانتقاد المنظومة الاجتماعية بأكملها من استبداد ، تسلط ، قهر، فقر وعزلة الذات داخل فضاءات متعددة ، ظلت تشكل إعاقة حقيقية في وجه أصحابها . فالأمكنة في هذه النصوص حسب حميد ركاطة ساهمت في تحديد نوع من العلاقة بالمجال تباينت في عمقها بين الحب والكراهية ، من خلال نسيج متشعب من العلاقات الإنسانية سواء العامة أو الخاصة ، وقد لفها حزن وخوف وترقب انعكس على نفسية شخوص المجموعة وتتساءل ركاطة حول طبيعة المرتكزات التي تأسست عليها هذه المجموعة ؟ وبأية خلفية إبداعية كتبت ؟ وتناول في إجابته المحاور التالية : ظلال حارقة والسيرة الذاتية انتقاد المنظومة التربوية والتعليمية صورة الجامعة المغربية وبطالة الخرجين ليخلص ذ ركاطة إلى أن قصص المجموعة ” تقيم العديد من المقارنات ، وتبرز مفارقات ساخرة بين بادية غارقة في النسيان ، تضمد جراح ما بعد الاستقلال وإجهاض أحلامها ، ما خلفه ذلك من تبعات المستعمرين الجدد ، ومدينة اختل توازنها واتسعت فيها الهوة بين طبقاتها. لتضحي مجموعة “ظلال حارقة ” بهذا المعنى ، صرخة مدوية ضد الاستغلال والوأد الحقيقي للقيم الفاضلة وللكرامة الإنسانية ، ولصور الطفولة البريئة وهي تصطدم بواقع انتقال رهيب من بيئة لأخرى ، ومن قيم لأخرى غزتها قيم الغرب وغاب فيها كل تكافل أو تضامن حقيقيين عزيز باكوش من جانبه سلط الضوء على جوانب إبداعية طفت على سطح المجموعة حيث يعترف الكاتب أنه جعل من الإنسان والوطن بدايته ونهايته, ومن الحياة إلهامه وحكيه. ولم يستحضر قارئا افتراضيا أو فئويا، بقدر ما استحضر روح الكتابة القصصية. محاولا جعل الصمت كلاما...وكلاما يفهمه الجميع.وإلى أن يقتنع القارئ أن كل ما استنشقه من عبير الكلمات في مساحات الظلال الحارقة من قصص، هو من صميم الواقع، مع انفلاتات قليلة سنها الكاتب ذكاء حتى يتحرر من الأسلاك والأشواك، وبضع موانع ومحرمات تحاصر الذات لا يستكين إلا حين الكشف عنها ، الدين والمجتمع، الجنس والسياسة.”قد يفسر ذلك أحيانا بأنه إسراف ظاهري في المنحى الانطباعي، لكن الأمر لا يعدو كونه وظيفة “للحدث القصصي أولا وأخيرا. فلا غرو إذن أن يعكس النص (من وجهة نظر القاص أبو شهرزاد ) حياة الناس كما هي، لا كما نتخيلها أو نريده لهم” . حاول كذلك أن يلامس أفق التجريب، كمحاولة أولى في بعض القصص، مبتعدا قدر الإمكان عن سريالية الشعر، وصوره المغرقة في المجازات”. وخلص المتدخل إلى أن ماهو مطلوب من القارئ هو أن يساهم في هذا العمل القصصي، بقراءاته المنتجة والمتجددة، وأن يتعامل مع هذه النصوص كنصوص قصصية... ليس غير”. وهذه هي رغبة الكاتب ليس إلا . هو إصدار جديد وظلال وإن كانت حارقة فهي تمنحنا متعة القراءة بحق ، سيما أن كاتبها صحفيا قدم إلى تضاريسها من وهاد الجلالة حيث غطى باحتراف العشرات من مظاهر المعيش اليومي على صفحات الجرائد الورقية داخل الوطن وخارجه ، إنها حروف وامضة بنور هذه الظلال التي غالبا ما ينعش بالرغم من تلك الكآبة المتمترسة أحيانا خلف هضاب المتعة الخفية والدافقة من لهب الكبرياء الجبلية . عزيز باكوش دعا الكاتب إلى الإفراج عن ما تبقى لديك من مخطوطات ، لقد انتظرنا الظلال زمنا كي نحترق بمتعتها ، ولكي نكتشف جميعا وبحق أن الواغيش مبدع يحب الكتابة بشغف” ...وواضع نص جميل نشتم فيه رائحة الجبل والفن ايضا”. ليخلص في مداخلته إلى أن المجموعة الظلال حارقة المُحمّلة بآثار مكر الطفولة وبراءة الرُّعب و شساعة الخراب ودفق الرّغبات وفدفدة الأحلام وفيض الوجدان القابع فينا أبدا منها نستمدُّ كقراء شغوفين شحنة تعبئ بطارية الخيال لاستعادة الرمز المستعصي على أن لا يلج الحاضر إلا مدججا بالأعذار. أسئلة التلاميذ كانت غاية في التركيز ومست جوهر المسألة الإبداعية وكان لافتا أن يتداول تلامذة النخبة الأدبية بثقة عالية وتوثب كبير رمزية العنوان وتجلياته الواقعية- طبقات السرد- مفهوم الابداع القصصي- امكانية ادماج مادة كتابة القصة في المقررات الدراسية؟ لماذا الشخصيات المحبطة؟ تراجع الفنون الادبية عن قيادة التعبير- وهي انشغالات أدبية املتها طبيعة اللحظة حاول ادريس الواغيش توليفها في رد شامل أغنى اللقاء . وحسب الدكتور عبد الرحيم ابوصفاء ميسر فقرات اللقاء يمكن القول أنه تميز بقراءات في الإصدار على سبيل الإضاءة ، قراءات نقدية خفيفة تلائم جمهور اللقاء التلاميذي الذي تراهن الأكاديمية على تنضيجه إبداعيا كما عرف اللقاء قراءات شعرية للزجال ادريس المسناوي حبست انفاس الحاضرين للحظات تلتها قراءات للكاتب المحتفى به . وكما أكد محمد موساوي فقد كان مؤكدا لدى اللجنة التنظيمية حضور السيد مدير الاكاديمية شخصيا إلا أن وعكة صحية حالت دون ذلك ، كما ان اللقاء تميز بحضور ثلة من الإعلاميين والمثقفين محمد بوهلال عبد الحق بلوط إدريس العادل الدكتور ابطاني حميد التيش....إلى جانب عدد من السادة الأساتذة المفتشين والمؤطرين التربويين من النيابات الأربع فضلا عن ورؤساء الأقسام والمصالح بالأكاديمية والنيابة. عزيز باكوش