نظم سكان عين تاوجطات، صباح يوم الأحد الفارط، وقفة احتجاجية عفوية للدفاع عن البيئة، ومطالبة الجهات المسؤولة التدخل العاجل لرفع الضرر الناجم عن التلوث الذي يحدثه معمل الزيوت الموجود بالمنطقة، وهو ما اعتبره المحتجون تهديدا مباشرا لصحتهم، بعد ظهور مجموعة من الأمراض الصدرية والجلدية وأمراض الحساسية، خاصة في صفوف الأطفال، نتيجة إفراغ حمولة المعمل من السوائل العادمة والقاذورات ومخلفات النفايات الملوثة بمجاري المياه، وتسربت داخل الآبار والعيون المتواجدة بضواحي المعمل المشار إليه وتحول ماءها إلى مادة غير صالحة للشرب، حسب تصريحات أحد المتضررين، الذي رافقنا في جولة استكشافية إلى عين بن كازة التي تضررت وأصبح دورها يقتصر على غسل وتنظيف الملابس والأغطية. وقد رفع المحتجون مجموعة من الشعارات تندد بوجود المعمل الذي حول المدينة إلى مستنقع لمادة “امرج الزيتون”، مرددين “هذا عار هذا عار تاوجطات في خطر، يا مسؤولين الشوهة تاوجطات لوتوها، واك واك على الشوهة تاوجطات بعتوها، يامسؤولين الشوهة تاوجطات نهبتوها، يامسؤولين الشوهة تاوجطات خنقتوها، المواطنين مرضتوها وتاوجطات خنقتوها، هيا ارحل يامعمل صوت الشعب كيخلع، تاوجطات أرض حرة يامعمل اطلع برا، تاوجطات يا جوهرة خرجو عليك الشفارة”. وفي هذا الصدد، تحدث (ه – ن)، فاعل جمعوي، إلى مبعوثنا إلى عين المكان، أن هاته الوقفة الاحتجاجية تأتي ردا على تجاهل إدارة المصنع لانشغالات الساكنة حول المخاطر، التي تهدد المدينة وساكنتها،حيث أصبحت تاوجطات تعيشه على إيقاع تلوث ملفت للنظر على صعيدي الفرشة المائية والهواء، وما يخلفه من أضرار صحية، خاصة لدى الأطفال والعجز، خصوصا في فترة انخفاض الضغط وتواجد الضباب وفي فصل الشتاء، كما تضررت شوارعها، يضيف المتحدث، من جراء الشاحنات التي أغرقتها حفرا من كثرة نقل المواد من وإلى المصنع المذكور، مطالبا هو وزميله( م-م) عن جمعية بني مطير للتربية والتخييم، باستدعاء المرصد الجهوي للبيئة من أجل تحديد نسبة التلوث بالمدينة، والوقوف على هذا الوضع الكارثي، الذي حاصر السكان وجعلهم سجناء البيوت والشقق من كثرة الدخان المتصاعد ليلا ونهارا ومنعهم من فتح النوافذ. العربي، رجل متقاعد يبلغ من العمر 62 سنة، يطالب بتعويض عن الضرر الذي لحقه جراء الوضع البيئي الذي تعاني منه المنطقة والذي ألزمه إجراء عملية جراحية بالمستشفى العسكري بمدينة مكناس، بسبب مرض ضيق في التنفس وألم حاد على مستوى الصدر والحنجرة، حسب قوله. حالة شبيهة بسابقتها ضحيتها (ح-ع) رجل من ساكنة الأحياء المجاورة، حيث يعاني لمدة تفوق السنتين من ضيق في التنفس، ويخضع لوصفة طبية تكلفه الكثير من الدراهم، في ظل فقر وقلة الإمكانيات، ويطالب بدوره رفع الحيف عن هذه المنطقة، وتوفير الأمن الصحي الذي تفتقده المدينة. وقد أثار غياب ممثل دوار “لامباك” الأكثر تضررا عن الوقفة انتباه المتظاهرين، الشيء الذي أكده المعني بالأمر وعلل غيابه للجريدة، في لقاء أجري معه على هامش هذه الوقفة السلمية، حيث كان غادر المكان بسبب الضغط الذي مورس عليه بقبل الإدارة المعنية من خلال أفراد عائلته العاملين بالمصنع المذكور، بهدف التوقف عن الحملة التي شنها ضد المعمل وإدارته والتي وصلت الشكايات المتعددة بخصوصها إلى مختلف الجهات يطالب فيها برفع الضرر الناجم عن تسرب مياه عكرة وملوثة بمرج الزيتون إلى بئر مخصص للسقي والشرب، غير أن مجمل هاته الإرساليات بقيت بدون تفعيل، وهو ما زاد من تعميق معاناة السكان، ولم يتوقف عند حدود مراسلة الجهات الإدارية، حسب قوله، بل واصل مشواره ووضع الشكاية لدى المحكمة بمكناس التي حفظت الملف لانعدام وجود العنصر الجنحي، ملاحظات أخرى من هذا القبيل تداولتها الأوساط المحتجة في إشارة إلى جمعية النهضة لحماية البيئة. وقبل إنهاء الوقفة التي دامت قرابة ساعة ونصف انتقل المتظاهرون إلى الساحة المقابلة للمعمل، محاولين بعث من جديد بشكاية الشفوية إلى كل من والي الجهة، ورئيس المجلس البلدي، والمرصد الجهوي للبيئة، والمرصد الوطني للبيئة، تطالب من خلالها بالتدخل بوقف أنشطة المعمل وحظر إفراغ السوائل العادمة، معلنين الأحد المقبل يوم غضب، حيث شكلوا لجنة تعبأ لمسيرة “غضب” تنطلق من أمام المسجد في اتجاه المعمل، الذي حاولنا الاتصال بأصحابه لمعرفة رأيهم في ملابسات هذه القضية وتقريب وجهة نظرهم للرأي العام المحلي والوطني، لكن حراس المصنع منعونا من الدخول بحجة لا يوجد أحدا من المسؤولين. هذه المسيرة المزمع تنظيمها لن تكن الوحيدة، بل ستعقبها مسيرات أخرى، حسب تصريحات بعض المصادر، تندد إحداها بالوضع الصحي المأساوي والمزري، الذي أصبح تعيشه المنطقة، رغم تعدد الشكايات في هذا الموضوع.