إذا رأيت الثورة قادمة لا محالة، فبادر إلى إشعالها = ميكيافلي
في سياق ماعرفته وتعرفه الساحة العربية ( حاليا) من احتجاجات واعتصامات؛ بعض منها تطور إلى- ثورة شعبية – علما أن كل ثورة لها أشكالها ووقائعها؛ حسب المعطيات وظروف إنتاجها؛ بحيث( ليبيا) تعد أخطر ثورة؛ بحكم المواجهة المسلحة؛ بين البقاء والسقوط( الثوار/النظام) و( اليمن) من زاوية الإصرار والصمود ( الشعب/ النظام) وبالتالي تعرت حقائق الدجل والمفارقات التي يعيشها العالم العربي من كوارث مفجعة اجتماعيا وسياسيا وإعلاميا وتدبيريا؛ نتيجة الاستبداد والعنصرية والاستئثار بخيرات البلاد ضد العباد؛ لكن ما يجمع بين كل الاحتجاجات والانتفاضات الشعبية؛ أن الشعب العربي؛ له خزان طاقة ليست عقيمة ولا مهزومة؛ بل إن الهزائم والنكسات التي ألحقت بفضائنا- العربي- يرتبط أساسا بعقم طاقة الأنظمة؛ وما يدور بمحيطها من مؤسسات؛ بما فيها( الأحزاب) التي أبانت عن ضعف بعضها؛ رغم هالة الشعارات والمطالبات الرنانة؛ والإيمان ( الاسقاطي) برواد وزعماء الثورات العالمية؛ وبعض منها متواطئ ضد الشعب؛ وباسم الشعب يتكلمون؛ كواجهة؛ محشوة بالمفردات والشعارات الطنانة؛ ذات مناحي مستوردة كاستهلاك قبلي؛ تنتج مصوغاتها؛من أجل( الانتخابات) كمدخل (شرعي ) لتقسيم وتوزيع اقتصاد الريع الذي يعاني منه العالم العربي( قاطبة) فهل المناضلين الحقيقيين؛ والذين اعتقلوا وعذبوا؛ لهم انوجاد في المجالس والبرلمانات (؟؟؟)
من بداهة الجواب ( لا) مع بعض الاستثناءات هنا وهناك؛ ولكن تظل ضعيفة التأثير؛ بحكم اللوبيات المتحكمة في دواليب ( تلك) الأحزاب؛ التي تتقايض بأطروحة وجودها(مع) النظام؛ لكن الاحتجاجات الشعبية/ الشبابية؛ كشفت كل الأوراق؛ بأن(الحزبي) كان له دور ثانوي في الساحات؛ وبدون اللغة الزائدة؛ والسفسطة التي تعودوا عليها؛ بأنه ( كان) يخون الشعب/ المبادئ/ وبالتالي يلاحظ عبر خريطة الاحتجاجات الشعبية؛أن الأحزاب العربية؛ لاوجود لها؛ كقوة داعمة وضاغطة رفقة غليان الشارع؛ ولم تحرك يافطتها وتنزل إلى الميدان؛ إلا بعدما وجدت نفسها مجبرة؛ حتى لا تكون خارج السرب؛ ولقد تبين بعد إطاحة النظامين(التونسي/ المصري) حاليا؛ تحول المشهد السياسي؛ إلى موزايك من الأحزاب؛ وهاته ليست تعددية؛ بل تشويه لمفهومها وللممارسة الثورية الحقة؛ وبالإمكان أن أعتبرها مؤامرة؛ ضد الشعب؛ فكيف يعقل تم الإعلان عن تأسيس (العشرات) من الأحزاب في مصر وحدها؛ وضعفها بتونس أليست الصورة سوريالية؛ وتدعو للتأمل ؟
فهل تلك الأحزاب تحمل مشروعا مجتمعيا بديلا لدولة السلطة والتسلط؟ هل ستسن قوانينها العامة على ضوء الدستور الذي يتنازعون على ولاية ( الرئيس)؟ والخاصة؛ على ضوء التطورات ومنطق العصر؟ هل للشباب ذو الشعلة الحقيقية للتغيير له أحقية القيادة والرأي جوانية ( الأحزاب) أم لعبة ولغة المناورات والمؤامرات ( ضده) ستسود؟ هل فكرة الزعامة والزعيم الأوحد والمعبود الجماهيري؛ والمصطلحات الوهمية( الرنانة) ستضمحل؛ أم ستتكرس برؤية تحايلية ؟علما أن كل الاحتجاجات والانتفاضات العربية ( الآن) نستشف أنها خالية من حمل الصور لزعماء وثوار عالميين؛ كنوع من التماهي؛ وعبادة ( الفرد)كما كان سائدا في العقود السابقة؛ باستثناء( المأجورين )من لدن الأنظمة التي لم ترد التزحزح عن السلطة؛ رغم الرفض المطلق لها؛ بحيث الذين (كانوا/ لازالوا) يحملون صور المرفوضين شعبيا؛ بدورهم مطحونين وكادحين؛ فهل شاهدنا وزيرا أومحافظا أووكيل محافظة أو عميد شرطة يحمل صورة (ذاك) المرفوض؟
إطلاقا وبالتالي فلعبة إشعال الصراع وتأجيج الثورة؛ ترتبط بعقلية ( النظام) الذي لا يريد التخلي عن السلطة؛ كأنها ملك خصوصي ومحبسة عليه؛ إلى الأبد؛ والمطالبة بالتخلي؛ تفرض الدفاع عن نفسه بشتى الطرق؛ والتي تمظهرت في كل الأقطار(العربية) بشكل مثير للسخرية :
* هذا يحاول إرضاء سلطته؛ بالتعديلات وبالإصلاحات؛ أين (كان) والشعب يئن تحت وطأة الظلم الاجتماعي والسياسي؟ *وذاك يقيل الحكومة؛ ويدعو لمناقشة الحاجيات الاجتماعية؛ ويعلن فتح مكتبه للمواطنين؛ فأين (كان) معاليه؛ ووجهه لا يظهر إلا في الشاشات بابتسامة ماكرة وتارة بعيون مستبدة؟ * وهناك من أعلن لصرف مبالغ مالية خيالة؛ للفئات الاجتماعية؛ كمكرمة فأين كانت تلك الأموال محجوزة؟ *وذانك يدعو للتحاور والتفاوض؛ ورفع حالة الطوارئ؛ فأين كان منطق المائدة؛ والسجون مليئة؛ ممن كانوا يدعون للحوار؟
وهاته الإشارات؛ تكشف أن (الأنظمة) العربية؛ ما زالت تحكم بشكل اعتباطي وظرفي وفرداني ومزاجي، ولا تمتلك حسا للحداثة السياسية، ولا تتوفرعلى مقومات الدولة القانونية، وما المؤسسات إلا (ديكورات) و( كراكيز) لإثبات مفهوم (الدولة) على الخريطة السياسية , لكن رغم اختلاف الوضعيات والتخريجات السياسية؛ من أجل البقاء؛ وإطالة الحكم يتقاطعون في محورين أساسيين :
فالنظام يعلن براءته مما وقع؛ ويحملها لعصابات( مجهولة) فمن أين انبثقت هاته العصابات ؟ ربماهي فرع من فروع تنظيم القاعدة؛ وعلى ذكر هاته الأخيرة؛ أين موقعها في مجريات الأحداث؛ ولماذا لم نسمع لها أثر؟ بكل بساطة؛ تبين بالملموس؛ ولامجال للسفسطة ودعاة المختصين في مجال التنظيمات ( الاسلاموية) والذين ظهروا عبر القنوات يسفسطون حول ( ابن لادن/ الظواهري/ الملا ..) ومن منظور امبريقي؛ يتبين(هؤلاء) المختصين؛ طابور خامس للمخابرات؛ فتنظيم القاعدة أصلا( هو) تنظيم ( النظام) كورقة ( البوكر) من أجل إبقاء ( النظام) محليا / دوليا ألم يلعب عليها- النمرود الأخضر) منذ بداية المواجهة الثورية المسلحة؟
وبالتالي فالذين يقتلون الأبرياء؛ من صنعهم وسخرهم لذلك؟؟ أليس( النظام) بحيث المفارقة المثيرة؛ ليس من باب الجدل بل لكشف الصورة؛ لحظة خروج المأجورين لتأييده؛ تختفي تلك ( العصابات) أو كما تداولته ثورة – مصر- البلطجية؛ وذلك من أجل تأجيج الثورة وإشعالها؛ لكي يتمكن( النظام) عبر آلياته القمعية لإخمادها والقضاء عليها؛ ولكن تبين أن النظريات السياسية لمكيافيلي ( الأمير) لم تعد صالحة؛ كما كانت في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي؛ مما نلاحظ تخرجة غريبة الطرح ومحكومة بنقاش عملي وجاد مبدئيا؛ لو كانت هنالك سيادة وطنية؛ لكان المواطن يشعر بالمواطنة الحقة؛ وثانيا لما تلفظ ( النظام) بالمؤامرة- إذ ا كانت له نوايا صادقة في الإصلاح أو التخلي أو الاحتكام للحكامة الجيدة وتداول السلطة عبر قنوات دستورية؛ لكن مفهوم ( المؤامرة) يكون لها قواعد وأسس؛ وتفاعل استراتيجي بالمحيط وما يحيط به؛ من رجالات ومؤسسات؛ هدفها زحزحة( النظام) أو ارضاخه لطلبات وأهداف اللوبي الداخلي؛ الذي هو مترابط بجهة خارجية؛ لكن ( الأنظمة) العربية؛ كلها عمرت طويلا؛ وبعضها عمر بالتوريث (سوريا) وبالتالي؛ فكيف لهاته الأنظمة؛ لم تكتشف أن هناك ( مؤامرة) إلا بعد ما شعرت بزحزحة البساط عن أقدامها التي تدك بها شعبها ليل نهار؛ ودونما وجل؛ بدعوى( الأمن القومي) وبناء عليه؛ فهل( الأمن) وضع رهن إشارة المواطن، لحمايته؛ أم رهن إشارة النظام ؟
أي جواب خارج عن المنطق كشفته الاحتجاجات؛ وما المؤامرة؛ سوى مؤامرة ضد الشعب الذي انتزعت منه حقوقه وإنسانيته وترواث بلاده؛ ليظل تحت طائلة الجوع والحرمان والتهميش؛ ومن منطلق الحقائق الآنية؛ فالمؤامرة في سياقها الحقيقي ؛من صنيعة أطراف من ( النظام) تمارس هضم الحقوق واستشراء اللصوصية والفساد المطلق؛ نظرا لانعدام دولة؛ دولة القانون والمؤسسات الحقيقية؛ بقدرما(هي) دول لاسترقاق والاستعباد؛ والانتفاضات والتوارث غيرت مجارى كل الألوان والخطابات الرنانة والاجتماعات التي كانت ( الأنظمة) تطنطن بها مسامعنا.